سبوتنيك. ويعتبر عيد الغطاس أو عيد التجلي الإلهي تقليدا متوارثا على مر القرون، حيث يقوم الروس بكسر جليد الانهار والبحيرات و فتح ثغرة على شكل صليب ومباركة المياه واستقبال والغطس في المياه الباردة. وكل واحدة من هذه الفجوات التي تعد في الانهار والبحيرات التي تسمى بالاردن تذكيرا بالنهر المبارك الذي تعمد فيه السيد المسيح من قبل يوحنا المعمدان. ويعد "الغطاس" من أهم الأعياد المسيحية الأرثوذوكسية ومن أقدمها، وفي الشتاء الروسي القارس ينال هذا العيد معنىً جديدا ليصبح اختبارا خاصا للجسد والروح وطهارتهما.
تجهيزات عيد الغطاس
تستعد السلطات الروسية لهذا العيد من خلال توفير كامل المستلزمات لجعل تجربة الغطس أمرا ممتعا، فتقوم بتأمين الجسور، والسلالم الخشبية لسهولة الغوص في الماء البارد، بالاضافة إلى غرف مخصصة لتبديل الملابس وتوزيع الشاي الساخن.
ولضمان السلامة أثناء الاحتفال يشارك أكثر من 2500 موظف من وزارة الطؤارى الروسية، وأطباء ورجال الشرطة والانقاذ ليكونوا على أهبة الاستعداد.
وبحسب بيانات الموقع الرسمي للحكومة الروسية، فقد تم تخصيص أكثر من 59 موقعاً خاصاً للمراسم التي ستستمر على مدى يومين، ومن المنتظر أن يشارك فيها نحو 100 ألف شخص.
وذكر ممثل المركز الهيدرولوجى الروسي أنه لن يكون هناك صقيع شديد فى عيد الغطاس فى موسكو. وستتفاوت درجات الحرارة الليلية من7 إلى 12 درجة تحت الصفر ليلا، وفي فترة ما بعد الظهر من 3 إلى 8 درجة تحت الصفر.
ووفقاً للتعاليم المتبعة، يغطس كل شخص ثلاث مرات في المياه الباردة، حيث تم تخصيص غطاسين مهرة يرتدون ملابس خاصة، في الأماكن التي تشهد مراسم غطس في موسكو، تحسباً لأي حوداث.
تجربة عربية…
وأجرت وكالة سبوتنيك حوارا مع مواطنين عربيين مقيمان في روسيا، ليحكيان لنا عن تجربتهما مع تقليد الغطس في الماء المثلج والذي يقام سنوياً في كافة أنحاء روسيا.
وروى لنا جوني الياس قصة تجربته الأولى في الغطس وقال: تجربتي الأولى كانت في العاصمة الكازاخستانية أستانا، حينها دعاني أصدقائي للذهاب معهم للاحتفال بعيد الغطاس. أذكر وقتها كانت درجة الحرارة 12 تحت الصفر. وصلنا إلى المكان الذي كان مجهزاً بكل مستلزمات تلك الطقوس، وشاهدت حفرة في الجليد وأشخاص يجهزون الشاي لتقديمه فوراً بعد الخروج من تلك الحفرة.
الحشود الكبيرة أذهبت الخوف!
ويضيف جوني: ما شجعني على تلك التجربة هو وجود حشود كبيرة من الناس الراغبين في الغطس، كما أننا عندما نقف في طابور الانتظار نشعر بأن الأمر أصبح أسهل نفسياً. وقفت في دور الانتظار لعدة دقائق مرتديا الشورت فما كان من أمر الغطس إلا أن صار أسهل، وعندما خرجت من الماء ارتديت الملابس الدافئة فوراً.
وعن الانطباع الأول يقول جوني:
روسيا بلد بارد وأعيش هنا لعدة أعوام.. وعندما يعيش المرء هنا لمدة سنتين او ثلاث يعتاد على برد الشتاء.. وهناك علماء ودراسات أثبتت فوائد الماء البارد على جسم الانسان. وفي الحقيقة أنا شعرت بانتعاش غير عادي فعلا، وكأني كنت أمارس الرياضة لمدة ساعتين. هذا التقليد متبع في مصر والأردن و لكن في بلدي سوريا لا يمارسون مثل هذه الطقوس. أما عند الشعب الروسي فهذا تقليد متبع منذ قديم الزمان.
أنا أشجع كل راغب في الاقدام على هذه التجربة، فهي ممتعة جدا، وأنا على استعداد لتكرارها، فالشخص الراغب بالعيش في مجتمع غير مجتمعه عليه الإنخراط فيه وتعلم عاداته وتقاليده وثقافة شعبه.
مواطن روسي من أصول عربية!
وأما المواطن الروسي من أصول عربية منصف المتني أيضاً قام بتلك التجربة، وأراد أن يقدم لمتابعي "سبوتنيك" بعض النصائح المفيدة:
"أمارس هذه الطقوس منذ عام 2011 فأنا من عشاق الحمام الروسي (البانيا) والتي تتلخص بأن تحمي نفسك بدرجة حرارة 80 أو 90 مع نسبة رطوبة عالية جدا، وبعد الجلوس فيه لمدة تتراوح 10 دقائق تخرج من الحمام وتغطس في الثلج أو في الماء المثلج. وهذا برأي أفضل تحضير للجسد من أجل ممارسة طقوس عيد الغطاس، ويفضل ممارسة هذا الأمر أسبوعيا قبل أشهر من بدء العيد، ويمكن الاستعاضة بالحمام الروسي، بالدوش المنزلي من خلال التناوب بين الماء الساخن والماء البارد.
ويوجد نوع آخر من التحضير للغطس و هو إجراء تمارين إحماء خفيفة لمدة 10 دقائق على الأقل كما يفعل الرياضيون قبل لعب المبارايات.
أنصح كل راغب في الإقدام على هذه التجربة أن يثقف نفسه في هذا الموضوع ويقرأ معلومات عنه لتصبح لديه خلفية ولو بسيطة عن الموضوع كما أنه من الضروي سؤال أهل التجربة والخبرة. ويفضل أن يرافقك أحد إلى هذه الطقوس من أجل أن يساعدك في تجفيف نفسك وتقديم الملابس الدافئة فور خروجك.
لا تخف! فكل شي مجهز
وفيما يتعلق بما بعد الغطس والبرد الذي سيشعر به الإنسان بعد التجربة يقول منصف: عادة في هذه الأماكن يتم تنظيم حمامات ساخنة كما في حدقة تساريتسيونا وحديقة تراباريوفا ومناطق أخرى. أما في الأرياف الروسية، فمعظم المنازل تكون مجهزة بحمامات ساخنة، فيتوجه الاشخاص إلى أقرب نهر أو بحيرة برفقة الكاهن، ويغطسون فيها وبعدها يتوجه كل شخص إلى منزله لتدفئة نفسه بالحمام الساخن.
دعوة عربية
أنا أدعو كل شخص سواء من العرب المقيمين هنا أو الاجانب من جنسيات أخرى الاقدام على هذه التجربة ولكن بعد التحضير الجيد لها، على الأقل قبل 3 أشهر، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بشكل مستمر.
حوار مع طبيب مختص
كشفت رئيسة أطباء المركز الطبي "ميد سان تشاست" الدكتورة غالينا بوزكو لسبوتنيك كيفية ممارسة طقوس عيد الغطاس بطريقة لا تؤذي فيها الصحة.
في البداية من المهم جدا استشارة الطبيب، فبالرغم من الفوائد الكثيرة للسباحة في فصل الشتاء الا أنه يجب تجنبها من قبل الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وكذلك المرضى الذين يعانون من مرض السكري ومرض الأعصاب والنساء الحوامل نظرا لأنها قد تنطوي على مضاعفات عكسية.
ووفقا لها، في حال ظهور العلامات الاولى للزكام أو أي أمراض فيروسية أخرى يجب الامتناع عن اجراء هذه الطقوس.
كما نصحت الطبيبة بعدم الوقوف في دور الانتظار الذي يسبق الغوص في الماء لفترة طويلة، وأوصت بتناول الطعام ودهن الجسم بالزيت المخصص لترطيب الجسم. كما نصحت بتناول زيت السمك، لمد الجسم بالطاقة اللازمة.
واختتمت الطبيبة بقولها: بعد الخروج من الماء يجب تدفئة الجسم بشكل جيد، وارتداء الملابس الدافئة، وشرب كوب من الشاي الساخن."