لافتا إلى أن احتياطها النفطي تتراوح نسبته بين 7 إلى 9 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي، "وتتميز بمادة اليورانيوم للقطاعات النووية، التي تشكل بدورها ما نسبته 18 في المئة من الإنتاج العالمي.
ونوه قاسم باستعمار هذه القارة لفترة طويلة من الزمن من قبل فرنسا وإنجلترا، "وقد تراجع النفوذ الإنجليزي فيها لحساب أمريكا، التي رأت في هذه القارة سوقا استهلاكية هامة لها، ومصدرا رئيسا للثروات المعدنية والنفطية على وجه الخصوص، لأن النفط ما يزال يشكل المصدر الأول للطاقة في العالم، وهو عصب الحياة الاقتصادية فيها"، على حد قوله.
وأردف قائلا: دخلت أمريكا إلى أفريقيا بقصد استغلال ثرواتها، ووضعت يدها على نفطها، وجعلها سوقا استهلاكية لها، وتعاطت معها بروحية المستعمر، ولم تعطها أي اهتمام لمساعدتها في تطوير البنية التحتية وبناء المؤسسات وزيادة النمو أوالتخفيف من البطالة، وأغرقت الأسواق الأفريقية بمنتجاتها، ولم تترك فرصة للإنتاج المحلي فيها، ما زاد من فقرها، كما وضعت — أمريكا — الشروط القاسية على دول القارة لإقراضها، كأنغولا، التي طلبت قرضا بملياري دولار، فلم توافق واشنطن عليه.
واعتبر الكاتب اللبناني أن هذا التعاطي الاستعماري مع أفريقيا فتح "كوة في الجدار"، وساهم في دخول الصين إليها، نظرا لحاجتها إلى نفطها… مذكرا بأن الصين تعتبر ثاني أكبر مستهلك عالمي للنفط بعد أمريكا… وإلى أسواقها الاستهلاكية لتصريف الإنتاج الضخم، سيما أن الشعب الأفريقي شعب استهلاكي، لأن الاستعمار الغربي لم يفكر يوما في تطوير الدول التي استعمرها.
واستدرك قاسم: كانت الصين واضحة في علاقتها الاقتصادية مع أفريقيا، فهي تريد الاستثمار في أفريقيا ودون شروط مسبقة، ودون تدخل في شؤونها الداخلية، أو العمل على تغيير الهوية الأفريقية؛ كما فعلت فرنسا على سبيل المثال. وساهمت
ومضى الكاتب اللبناني بالقول: وصلت الصين إلى مرحلة متقدمة في العلاقة الاقتصادية مع أفريقيا، وبلغت الشركات الصينية فيها 10 آلاف شركة، وفي "منتدى الصين..أفريقيا للاستثمار" الذي نظمته وزارة الصناعة والاستثمار في المغرب، عدد "مولاي حفيظ" مجموعة من الأرقام التي تتعلق بتطور العلاقة الاقتصادية بين الصين وأفريقيا، حيث إنها أصبحت في ظرف سنة الشريك الاقتصادي الأول لأفريقيا، وناهز التبادل التجاري الـ190 مليار دولار في العالم 2016، وتقوم الصين حاليا ببناء خط سكة حديد يربط بين جيبوتي والعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، ما يعتبره الخبراء بمنزلة ربط استراتيجي هام في هذه المنطقة.
واعتبر الكاتب قاسم أن أمريكا لم تعد وحدها الممسكة باقتصاد العالم ونفطه، فالصين أصبحت منافسا رئيسا لها، ومؤثرا على اقتصادها في مناطق نفوذها، وفي أمريكا نفسها التي تعاني من عجز بحدود 20 تريليون دولار، وما عجزت عن تحقيقه عبر هيمنتها بالحوكمة حاولت تعويضه بالحروب، ومنها تقسيم السودان، بعد أن أخرجت الصين شركاتها النفطية منها، ووضعت أمريكا يدها على نفط الجنوب، وأشعلت الكثير من الحروب الأهلية في أفريقيا.
وأضاف: شعرت أمريكا بالخطر الداهم مع تنشيط الصين اقتصادها ودخولها إلى مناطق نفوذها النفطي، وهي التي ربطت اقتصاد العالم بالبترو دولار، والذي يعود إلى الاتفاق الذي عقدته أمريكا مع السعودية ببيع النفط بالدولار حصرا، مقابل اتفاقيات سياسية تتضمن حماية السعودية والدفاع عنها، فصار لزاما على من يريد أن يشتري النفط ان يحصل على الدولار، وهذا ما أعطى الدولار قيمة اقتصادية عالمية.
وختم الكاتب اللبناني هاني قاسم مقاله بالقول:
مع دخول اليوان البورصة العالمية، وطرح هذه العملة في التبادل التجاري والنفطي، وتوقيع العديد من الاتفاقيات مع مصر والسعودية وغيرها باليونان، نسأل: هل ستساهم هذه الخطوة في هدم النظام العالمي الذي تأسس على البترو دولار، ونكون أمام معادلة بترويوان بديلة؟
فلننتظر لنرى ما سيحل بأمريكا التي تعاني من أزمات اقتصادية، بعد دخول منافسين جدد على خط الاقتصاد، كالصين وروسيا وإيران، وبعد فشلها في مشاريعها السياسية والعسكرية لاستعادة نفوذها، خصوصا ما يحدث في الشرق الأوسط من اختلال في موازين القوى لمصلحة "خط الممانعة" مع الانتصارات التي حققتها دول وحركات المقاومة في مواجهتها.