كسرت الأمطار التي نزلت بغزارة وزخات لم تتوقف على بغداد، ومحافظات الوسط والغربية، وإقليم كردستان، نية الجفاف التي كانت تروم تحويل العام الجاري إلى عطش يقتل الأهوار أولا، والحيوانات، ويدفع الإنسان إلى النزوح من الريف إلى المدن، وسط خطر بيئي كان مرجح أن يحصل.
وبشر الناشط البيئي في محافظة ميسان، أحمد صالح نعمة، في حديث خاص لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم الإثنين، 19 فبراير/ شباط، بعودة مناسيب المياه إلى نهر دجلة وأهوار المحافظة، بعد أربعة أيام من لقاء أجرينا معه حول موت النهر وجفاف الأهوار تماما عدا هور واحد، كونه واقع ضمن محميات التراث العالمي.
وقال نعمة، إن المناسيب عادت بشكل جميل جدا لنهري دجلة والأهوار، على مدى 48 ساعة، ولا تزال الأمطار تسقط في مناطق الشمال والوسط، لكنها لم تسقط في الجنوب حتى الآن، لكن النهر مليء بالأمطار.
وكشف نعمة، أن هناك سواح من بغداد، زاروا ميسان، لمشاهدة الأهوار، يوم أمس الأحد، مشيرا إلى أن منسوب المياه داخل هور الحويزة، ارتفع بشكل جيد "ونأمل خلال الأيام القادمة، أن تأتي مناسيب المياه أكثر".
ونوه نعمة، إلى أن الأمطار ستستمر بالهطول على الوسط والشمال، تقريبا لنحو 5 أو 7 أيام، ومنها سيتم تخزين كميات كبيرة جدا في سدود الموصل، ودوكان، وحديثة، شمالي البلاد وغربها، بالإضافة إلى كميات المياه التي نزلت من المطر في نهر دجلة.
وبشأن الأهوار التي جفت، أخبرنا الناشط البيئي من محافظة ميسان، أن المياه وصلتها لكن بكميات لا يمكن إعادة اغمارها بهذه الأيام، بل تحتاج أيضا إلى اطلاقات مائية كبيرة.
قبل هطول الأمطار
وقبل وقت قصير، جف نهر دجلة تماما بعد جفاف عدد من الأهوار الوسطى ميسان منها "العودة، الصحين، البطاط، الصيدة" التي نشفت المياه منها قبل 7 أشهر.
وأيضا من الضرر الذي طال أهوار ميسان، والتي منها اكتسب المحافظة تشبيها بمدينة فينيسيا الإيطالية العائمة فوق المياه، انخفض مستوى الماء في داخل هور الحويزة المدرج على لائحة التراث العالمي منذ عام 2016، بلغ 35 سم فقط، بينما كان يصل مستواه إلى مترين وأكثر.
وأطلق أبناء محافظة ميسان، ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، حملات لإنقاذ الأهوار في مدينتهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبثوا من خلالها صور تظهر الجفاف الذي أكل من جسد نهر دجلة، لدرجة أن الأطفال نزلوا إلى منتصف جاف تماما من النهر، للعب الكرة والمرح بالتراب.
واستطاع العراق، أن يدخل بأهوار من ميسان، على لائحة التراث العالمي، بعد أن كانت تواجه الجفاف والهلاك لسنوات طويلة لوحدها دون منقذ أو منجد تموت معها نباتات القصب والبردي التي استخدمها السومريين للكاتبة المسمارية العائدة إلى 3000 سنة قبل الميلاد.
ومن المؤمل أن تطلق كميات من المياه التي خزنت من الأمطار في السدود، لإنعاش أهوار ميسان وتعود معها الرحلات السياحية ورقصات الجاموس وعومه فيها مع طيور الفلامينغو فوق الأعشاب ونباتات القصب التي منحت هذه المستنقعات المائية جمالية وشبه بفينيسيا الإيطالية، أو ثوب منحوت بحرفية جسميكو، مصمم الأزياء الكويتي، يوسف الجسمي.