فإلى أين تذهب الأزمة السورية من خلال كل هذه المستجدات وبعد أن دخلت قوات شعبية سورية إلى عفرين، وتم استهدافها من قبل تركيا، في حين صرح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف قائلا "بخصوص عفرين، نحن نقف بحزم إلى جانب حل جميع القضايا المتعلقة ذات الصلة، لكن تلك الحلول يجب أن تتم في إطار وحدة أراضي سوريا". وأضاف لافروف أن حل مشكلة عفرين يكمن في الحوار المباشر بين أنقرة ودمشق؟
يقول الدكتور نضال قبلان: لو تم تنسيق أمني بخصوص مكافحة الإرهاب، وبخصوص الحفاظ على وحدة الأراضي السورية سيكون عبر الوسيط الروسي والإيراني، ولا أرى أنه ستكون محادثات مباشرة بين الحكومتين السورية والتركية في المستقبل المنظور، لأن ذلك يحتاج إلى جهود حثيثة لاستعادة الثقة، لكن ربما يوجد نوع من التعاون السابق الذي كان متميزا بين الأجهزة الأمنية العسكرية بين البلدين.
وتابع قبلان " الوضع في عفرين معقد، لكن أعتقد أن التركي تورط في حرب لا يستطيع حسمها، ولا يستطيع خوض حرب طويلة الأمد مع ما يسمى قوات الحماية الكردية، لذلك أعتقد أن اردوغان هو أكثر الناس الذين يبحثون عن حلول وإن كانت حربه على عفرين وعلى مناطق أخرى من الأراضي السورية هي من قبيل تصدير أزماته الداخلية إلى الخارج، لكن هذه لعبة بالنار، واللعب بالنار قد يحرق صاحبه.
كما قال قبلان: "هناك من يغزي النزعة الانفصالية لدى الأكراد، وهناك شريحة كبيرة من أخوتنا الأكراد في الوطن وهم تحت جناح العلم السوري والدولة السورية، لكن من يريد الانفصال فاليذهب وينفصل في بلد آخر، فهذا موضوع غير قابل للمساومة، ربما البعض لم يتجرأ على حمل العلم السوري، لكن لا أشك أن هناك قناعات راسخة تشكلت في الأسابيع القليلة الماضية لدى الغالبية العظمى من الأكراد في عفرين وغير عفرين أنه لن يحميهم سوى الجيش العربي السوري، ولا مأوى لهؤلاء ولا حماية ولن تحفظ حقوقهم وحرياتهم سوى الدولة السورية، وهناك الكثير من الأكراد أصبحت لديهم صحوة بأنهم أخطأوا ويريدون تصحيح المسار، وهذه فرصة تاريخية للأخوة الأكراد في سوريا لإعادة التموضع تحت مظلة الدولة وتحت علم الوطن، بالتالي هم يبقون من النسيج الاجتماعي والمكون الديموغرافي السوري الأساسي، وهم جزء من تاريخ سوريا".
وعن كيفية انتهاء العملية العسكرية التركية في عفرين قال الدكتور نضال قبلان: ربما تكون هناك تسوية ما لخروج قوات الحماية الكردية من عفرين، ويستلم الجيش السوري أو القوات الرديفة للجيش السوري الجانب الأمني، تحت مظلة الدولة السورية وعلم الجمهورية العربية السورية والجيش السوري، وكل الميليشيات التي شكلتها الولايات المتحدة ستذهب هباء منثورا ولا يمكن أن يكون له دور على الأراضي السورية، وسيكون للجيش العربي السوري القول الفصل في ضبط الملف الأمني على كامل التراب السوري.
بينما قال الخبير العسكري العميد علي مقصود: إن عدم دخول الجيش العربي السوري إلى مدينة عفرين هو حكمة سياسية من الحليف الروسي مع القيادة السورية، بينما دخلت قوى شعبية من كل نسيج الشعب السوري إلى عفرين وهي منضوية تحت راية الجيش السوري، وكان هذا مخرجا لكل الأطراف، وتركيا غير قادرة على مواجهة هذه القوة الشعبية.
وعن سؤال لماذا كل هذا التصعيد من قبل الجماعات الإرهابية ضد العاصمة دمشق، وهل سنشهد عملية عسكرية كبيرة لتحرير غوطة دمشق، أم أنه سيتم نقل الجماعات الإرهابية إلى إدلب من خلال اتفاق أممي؟ أجاب العميد علي مقصود: المعادلة التي رسمها الجيش على المستوى العسكري، كانت استجابة للقرار الذي اتخذ على المستوى السياسي وحدد الهدف باستئصال هذه الدملة الإرهابية في الغوطة الشرقية وطي ملف الإرهاب في محيط العاصمة دمشق، وهو بالتوازي مع ما يحدث في إدلبن وقبلها كما أغلق ملف الغوطة الغربية، لذلك استعدت القيادة العسكرية كل القوة من نخبة الجيش السوري والقوات الرديفة وأقامت قوة نارية من سلاح الجو والصواريخ والمدفعية ورسمت خطة محكمة قادرة على تنفيذ هجوم على أربعة محاور مع إحكام الطوق بشكل كامل على الغوطة الشرقية، لذلك انطلقت أصوات من قيادة المجموعات المسلحة لأنهم أدركوا قبل أن تبدأ العملية العسكرية ضد منصات إطلاق القذائف على المدينة دمشق، لذلك أنا أقول إن التسوية هي السائدة، وأن هناك استسلام للجماعات الإرهابية، والعملية جاهزة وقد حققت أهدافها قبل أن تبدأ، وهذا التصعيد من قبل الجماعات المسلحة وإمطار بعض أحياء دمشق بالقذائف هو عبارة عن تغطية على الانسحاب والاستسلام.
وتابع العميد علي مقصود "فيما لو فشلت المصالحة في الغوطة الشرقية، لن يكون بمقدور المسلحين الاستمرار بأي مواجهة، وستبدأ العملية وخلال ثلاثة أيام سيطوى ملف الإرهاب وتستأصل هذه البؤرة الإرهابية ويدفن الإرهاب في العاصمة ومحيط العاصمة إلى الأبد".
لا بد من التذكير أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حث كافة اللاعبين الخارجيين على الحوار مع الحكومة السورية، ودعا الأخيرة للدخول في حوار مع الأكراد للتوصل إلى حل يراعي مصالح الجميع.
وقال لافروف: "يتوجب على جميع اللاعبين الخارجيين، وخاصة أولئك الذين لهم حضورهم داخل سوريا أن يدركوا ضرورة إطلاق الحوار مع الحكومة السورية على أساس احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، والذي أكد عليه مجلس الأمن الدولي مرارا".
ودعا لافروف دمشق إلى الانخراط في الحوار مع الأكراد، قائلا: "الحكومة السورية هي الأخرى يجب أن تنطلق من مبدأ السيادة الذي يشمل كافة أراضي البلاد، ما يعني ضرورة محاورة ممثلي جميع المكونات العرقية والطائفية، بمن فيهم الأكراد".
وفيما يخص احتدام المعارك حول غوطة دمشق الشرقية، اعتبر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أن تلك المنطقة يمكن أن تتحول إلى حلب ثانية.
وقال دي ميستورا: "هناك خطر تحول (الغوطة الشرقية) إلى حلب ثانية، وأملي أن نكون قد استخلصنا العبر من ذلك".
جاء هذا التصريح ردا على الهجوم الواسع الذي شنه الجيش السوري على الغوطة الشرقية الواقعة تحت سيطرة فصائل المسلحة والجماعات الإرهابية، والمحاصرة من قبل قوات الجيش السوري.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أشار، أن تجربة تحرير حلب من الارهابيين عام 2016 قابل للتطبيق في الغوطة الشرقية ضد مسلحي "جبهة النصرة" الإرهابية أيضا، في إشارة إلى اتفاق بين الأطراف المتصارعة، خرج بموجبه المسلحون وعائلاتهم من ثاني كبرى المدن السورية إلى مناطق سيطرة المعارضة في إدلب شمال البلاد.
بينما قال إن المسؤولية عن التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة الشرقية تتحملها أطراف تدعم الإرهابيين هناك وليس روسيا وشركاءها.
وتعليقا على الاتهامات الموجهة إلى موسكو من جانب واشنطن بشن هجمات على المدنيين في الغوطة الشرقية قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "إن المسؤولية عن الوضع في الغوطة الشرقية يتحملها من يدعم الإرهابيين الذين لا زالوا متواجدين هناك حتى الآن. وروسيا وسوريا وإيران ليست ضمن هذه المجموعة، إذ تخوض هي بالذات صراعا بريا صعبا ضد الإرهابيين في سوريا.
إعداد وتقديم: نزار بوش