ولفت الكاتب هاشم في مقاله إلى ضرورة أن نعترف، حقيقة، بأن العالم يتغير جديا، وفي هذه اللحظة بالذات، وأننا على أبواب تحولات تاريخية ليس من شأنها وحسب أن تعيد رسم التوازنات داخل القارة الأوروبية، أو ضمن المعسكر الغربي، بل وتضع كل هذا الغرب المتوحش مباشرة أمام ضرورة الاعتراف بانهيار مركزيته، وفي مواجهة الصعود المتسارع لشرق مترامي الأطراف يمتد من بحر الصين ليصل إلى الضفاف الشرقية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط؛ وهو شرق قد لا يعكس ثقافة أو لغة أو ديانة أو فضاء اقتصاديا واحدا، ولكن المؤكّد أنه ينطوي على قيم وتطلعات مشتركة، وتشحنه رؤى ومقدمات سياسية تتلاقى في الكثير من عناصرها، ولعل أبرز هذه العناصر رفض الهيمنة والتطلع إلى المستقبل. على حد وصف الكاتب هاشم.
وتساءل الكاتب: لماذا كل هذا الكم من الذعر المفتعل؟ ومن أين كل هذا الاستعجال للتضامن إن لم تكن ردة الفعل — المشبوهة والمبالغ فيها — تغرف من الشعور المقلق للدول —"الدولة؟!" — العميقة بالعجز وتراجع القدرة على التحكم بمجريات الأحداث، إن لم يكن التأثير فيها: في أوكرانيا والقرم وسوريا والانتخابات الروسية، وفي المنظمات الدولية، وحتى على السيطرة الكاملة، وإلى النهاية، على الاستحقاقات الانتخابية الداخلية، في أوروبا وأمريكا!.
وأضاف هاشم: من الغوطة الشرقية والفبركات الفاشلة عن الكيماوي، وعرقلة المساعدات الإنسانية، إلى تسميم سكريبال في سالزبيري على مقعد في حديقة عامة؛ ومن التهويل المدروس في مجلس الأمن الدولي، إلى التهويش المبرمج في مجلس حقوق الإنسان ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، التي باتت منابر مفتوحة لليمينيين والشعبويين والمتطرفين والمتعصبين قوميا ودينيا، ومن البيت الأبيض حيث يتخبط رئيس في معمعان من الفضائح السياسية والأخلاقية والشخصية، إلى قادة أوروبيين بات القاسم المشترك فيما بينهم أنهم يحكمون وسط اقتصادات مأزومة وبأغلبيات هشة ومتحولة مهددة، في كل لحظة، باحتمالات الفشل.. كل ذلك يشرع الأبواب للاعتراف بواقع الاستعصاءات البنيوية التي لن تترك المجال لترف الجلوس على الجدار بانتظار نهاية المواجهة. إنها عادة أجواء ما قبل الحرب، وهو عادة زمن المنعطفات المصيرية والحاسمة، وغير القابلة للرجعة.