جاء ميلاد مؤتمر الكنابي كإفراز للتهميش والاستعلائية والإقصائية الممنهجة التي مورست على مر عقود من الزمن، وترتب على ذلك خلخلة البناء القاعدي والاجتماعي للكنابي، بحيث اختفت طبقات وتخلفت الطبقة الوسطى العريضة إلى جانب الطبقة العمالية الكادحة التي تردت أحوالها بعد سلسلة التحولات والتغيرات الحادة التي طرأت على مفاصل الدولة، وتعاظم الصراع الطبقي في المجتمع وأفضى إلى نتائج رمادية شاحبة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.
أزمة الكنابي وتداعياتها، طرحناها على الدكتور جعفر محمدين عابدبن، الأمين العام لمؤتمر الكنابي في الحوار التالي…
سبوتنيك: ما هي مشكلة سكان الكنابي؟
مشكلة الكنابي هى مشكلة كبيرة جدا وقديمة، حيث يقع على عاتقهم القيام بالأعمال الزراعية في مشروع الجزيرة والرهد والمشروعات الزراعية الأخرى الموجودة في الإقليم الأوسط بالبلاد، كما يشارك أبناء الكنابي في مشروعات البناء الكبرى، هذا بجانب أن أهالي الكنابي جاءوا من كل مكان للدفاع عن البلاد عندما أتى الإنجليز لاحتلال السودان في بدايات القرن الماضي، وقبل أن يتم العمل في مشروع الجزيرة، وأغلب أهالي الكنابي من قضاء دارفور ولهم أكثر من 100 سنة بلا اهتمام أو خدمات، هذا بجانب التقاعس الحكومي في استخراج الوثائق الشخصية للأفراد والمماطلة المتعمدة، بدعوى أننا غير سودانيين.
سبوتنيك: وما هو الدور الذي يقوم به المؤتمر العام للكنابي؟
منذ تأسيس المؤتمر العام للكنابي لم نترك واقعة إلا وقمنا بشرحها وتسويقها وتوضيح جوانبها للعالم.
سبوتنيك: كما علمنا أن لكم مشكلة رئيسية وهي عدم اعتراف الحكومة بسودانيتكم… ما حقيقة ذلك؟
مشكلة الهوية السودانية لم تكن في الكنابي فقط، فمنذ أن تشكلت الدولة السودانية حتى الآن ولا نعرف من نحن، هل السودان دولة عربية أم دولة أفريقية، وقد تم طرح تلك القضايا في مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت له الحكومة وشاركت فيه عدد من الفصائل المسلحة، وهناك فئه في إقليم الوسط عرفت من هم عرب، وقالت أن أهل الكنابي نازحين من دول غرب أفريقيا "تشاد والنيجر ونيجيريا" ويعتبرون أنفسهم هم السودانيين، وهذا الكلام غير صحيح، لأن السودان بشكله الحالي تم تقسيمه في عهد الاستعمار وتوجد قبائل مشتركة بين السودان وبعض الدول الأفريقية الأخرى، وهناك ممالك كانت موجوده قبل دخول الإنجليز ومنها مملكة الفور ومملكة دار فور وغيرها، ومعنا كل ما يثبت سودانيتا ولسنا نازحين.
سبوتنيك: إذا كان لديكم ما يثبت أنكم سودانيون فلماذا تتعنت معكم الحكومة؟
سبوتنيك: كيف واجهتم التعنت الحكومي معكم؟
ليس هناك تعنت بشكل رسمي، بل هناك تسويف من بعض المسؤولين وتعظيم الإجراءات القانونية، فعلى سبيل المثال تطالب من يريد الحصول على الهوية بأن بأتي بأربعة شهود إثبات أنه من القبائل الحدودية المشتركة، ويستغرق هذا الأمر شهور وسنوات من أجل الحصول على تلك الهوية.
سبوتنيك: ما هي آخر الإجراءات الحكومية التي اتخذت ضدكم خلال الفترة الماضية؟
ما حدث مؤخرا في كمبو افطس بالجزيرة، هو صراع بين قريتين على أرض تابعه لمشروع الجزيرة، وعندما حسم لصالح القرية الأخرى، جاءوا باللجنة الشعبية من القرية وقالوا أنكم غير سودانيين ويجب إزالتكم من قريتنا، وجاءوا بالشرطة والتي قامت بهدم وإشعال المنازل بدون أي إنذار، وقامت باعتقال الشباب وأيضا رئيس اللجنة الشعبية، فما حصل من جانب الشرطة غير مقبول.
سبوتنيك: هل لديكم خلافات سياسية مع الحكومة… أو تتهمكم بمحاولة التمرد أو الانفصال؟
ليس لدينا أي علاقة بالفصائل المسلحة أو القوى السياسية، فنحن طالبنا من خلال المؤتمر بالحقوق السياسية التي كفلها الدستور والقانون، من توصيل خدمات وتحقيق المواطنة كبقية الشعب السوداني، أما أن تلصق بنا اتهامات غير حقيقية فتلك أكاذيب وافتراءات يتم تسويقها للمجتمع الدولي والسوداني بأننا فصائل مسلحة ومن القوى السياسية المعارضة للنظام، نحن مواطنيين سودانيين نطالب بالخدمات الرئيسية من تعليم وعلاج والخدمات الرئيسية التي هى من مقومات الحياة، فقد تفشت بيننا الأمراض والسرطانات والجهل وهذا لا يليق بأي أمة في العصر الحديث، وللعلم فإن أبناء الكنابي والذين قامت على سواعدهم مشاريع البناء والزراعة وتقوم عليهم معظم صناعة الذهب والتنقيب عنه في الوقت الراهن في عموم السودان.
سبوتنيك: تتحدث عن الكنابي كقوة مؤثرة… ما هو مدى تأثيركم في الوضع الاقتصادي السوداني؟
نحن قوة اقتصادية مؤثرة لا يمكن الاستهانة بنا، وقد شكلنا مؤتمر الكنابي في القاهرة في مارس 2013، لمتابعة مطالب أبناء الكنابي في الإقليم الأوسط من الحقوق السياسية والاجتماعية، ومحاولة لإنهاء الفقر والتهميش والذل ضد أبناء الكناني.
سبوتنيك: هل لا تزال قضيتكم محلية أم تم تدويل مطالبكم؟
نحن ننتظر من الحكومة السودانية ومن منظمات المجتمع المدني أن تقدم شيئا لشعب الكنابي، وحتما ستصل هذه الأزمة إلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية إن لم يتم إعطائنا حقوقنا، لأن هناك مظالم تاريخية وقعوا فيها، ومرارا وتكرارا نسعى بأن لا تصل تلك المشاكل إلى المنظمات الدولية في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي.
سبوتنيك: الحقوق الاجتماعية والسياسية والخدمات… هل لكم مطالب أخرى؟
لا شك أننا قوة كبيرة لا يستهان بها، فعند إجراء أي استحقاقات انتخابية نشارك مشاركة حقيقية، وأصواتنا لها قيمتها، فقد شاركنا في اختيار كل الحكومات السابقة وكتلتنا التصويتية كبيرة جدا، ومطالبنا السياسية تتمثل في إشراكنا في السلطة التنفيذية، وأن يكون لنا ممثلين في كل الجهات، فنحن قوة حقيقية تقارب 2.5 مليون فرد، وكلما طالبنا بحقوقنا يقولون لنا أنتم لستم سودانيين وهذا على مدار تاريخ السودان، ولم يكن لنا سوى برلماني واحد في برلمان الجزيزة والذي تم حله منذ فترة.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب