بطبيعة الحال نحن نعلم التفاوت في طريقة التعاون بين البلدين، على هذا الصعيد بشكل عام، وتحديداً في سوريا، كونها نقطة الخلاف الأهم بين البلدين، وهي لا تقل أهمية عن الملف الأوكراني، ولا عن نشر الدرع الصاروخية على الحدود الغربية لروسيا في بعض دول أوروبا الشرقية، والصواريخ النووية في بحر الصين، وغيرها من المسائل العالقة، التي تعني الأمن القومي الروسي، وتتعدى عليه الولايات المتحدة من خلال سياستها الاستفزازية.
ماهي خبايا اتفاقات الرئيسين بوتين وترامب حول التعاون والتنسيق العسكري الروسي الأمريكي في سوريا، خاصة في ظل غياب شبه كامل للتنسيق طوال الفترة الماضية؟
أين ستكون سوريا والحلفاء الآخرون من هذا التعاون والتنسيق وخاصة أنه حتى اللحظة لم يصدر أي تعليق رسمي بهذا الشأن من الجانب السوري، أم أن الأمر موكل بالكامل للحليف الروسي؟
هل يساعد هذا التحرك روسيا فعلياً على تحقيق توازن الردع على المستوى الإقليمي وتجنب حرب باردة جديدة على المستوى العالمي؟
عضو أكاديمية العلوم العسكرية والروسية، والمحلل السياسي الروسي سيرغي سوداكوف في تعليقه على هذا الموضوع لإذاعة "سبوتنيك" قال:
"من المهم جداً في هذه الأيام أن يتم إنشاء نظام للتسوية الدولية، وبشكل خاص في المجال العسكري، لأن نشوب صدام عسكري بين روسيا والولايات المتحدة على الأراضي السورية قد لا يبقى في إطار محلي، وإنما قد يتطور إلى صراع عالمي، ومن المهم جداً أن يكون هناك خط تواصل وتنسيق مباشر لزيادة التفاعل بين الجيشين.
في مرحلة ما، توقفت الولايات المتحدة عن التواصل، وهذا أدى إلى التعامل مع المتغيرات وفق القواعد والنظم الحالية، الحوار في حد ذاته لم يكن موجودًا، ومن الأهمية بمكان أن يتواجد مثل هذا الحوار، إلى جانب ذلك، فإن الجانب الثاني المهم للغاية هو الحوار الكامل والمتكامل بين الأجهزة الأمنية.
من هنا يمكننا التحدث عن الخطوة التالية — وهي أنه يمكننا أن نواجه معاً جميع التهديدات الإرهابية التي نحتاج إلى التعامل معها، والآن نحن نقترب من حقيقة أننا بدأنا في القيام بشيء كبير دون أن ندخل في المساومات حول من هو على حق — وعلى من يقع اللوم، ومن قام بالمزيد أو بالأقل.
لقد بدأنا للتو في التقدم نحو تحقيق تقدم معين يجعل العالم أكثر أمناً. لا يمكننا أن نعرف كيف سيعمل هذا النظام، لكن في الحقيقة "الآلة قد تحركت" هكذا هو الوضع".
من جانبه الخبير العسكري الاستراتيجي والمحلل السياسي السوري الدكتور فراس شبول يقول:
"هذا التعليق للخبير العسكري الروسي من الناحية الدبلوماسية هو تعليق صحيح وسليم مئة في المئة، ولكن مثل هذا التعليق أو مثل هذه التحليلات هل تنطبق على أرض الواقع في الأرض السورية؟، وهل يتوافق ذلك مع مواقف وآراء الدولة السورية والدولة الروسية؟، ترامب هذا الرجل لا يفقه شيء في السياسية وهو ليس صاحب موقف أو كلمة، لذا لا يمكننا الوثوق به، أو يستحق أن نعلّق عليه آمال، وهو معلّب من قبل الإدارة الصهيونية ليحقق المصالح الأمريكية في المرحلة القادمة، لذلك لا ننتظر من هذا الرجل أي صدق أو التزام في أي تعاون إن كان في قمم دولية أو قمم ولقاءات مع الرئيس بوتين أو غير ذلك، ترامب لا يبحث إلا عن تحقيق مصالحة ومصالح المدرسة الصهيونية التي وضعته في هذا المنصب، لذلك نحن ننتظر لنرى إن كانت هذه الاتفاقات ستطبق على الأرض السورية أم لا".
وأشار الدكتور شبول إلى أن:
"الولايات المتحدة تنساق في سياساتها حسب مصالحها، وإن كانت ستجد ثغرة واحدة تساعدها في تدمير الدولة السورية ستحاول القيام بها حتى اللحظة الأخيرة، الأمريكيون حتى اللحظة يعطون أوامرهم لإسرائيل وللمجموعات الإرهابية المسلحة للقيام باعتداءات على الجبهتين الشمالية والجنوبية وخاصة بعد الانتصارات للجيش العربي السوري على هذه الجبهات، ونحن بصريح العبارة لا يهمنا ترامب وما يقوله أو يعد به، لأنه لا يمكن أن يثبت على موقف وأكبر دليل على ذلك ما فعله مع الملف الإيراني.
نحن نعول على الحلفاء وخاصة الحليف الروس وعلى الخارجية الروسية والرئيس بوتين في توصيف مستقبل الدبلوماسية في سورية لأننا نعلم أن الجميع بقيادة الولايات المتحدة لا يقبلون التعامل والتفاوض مع الدولة السورية ويعتبرون بأن التفاوض مع الدولة السورية هو خسارة لهم، هم بالفعل يخسرون، يخسرون في الميدان وفي الساحات السياسية والدبلوماسية، وبالأمس ترامب صرح بأنه اقترب من الانتصار على "داعش"، غريب هذا الرجل يقول أنه يحارب "داعش" وسيقضي على "داعش" وهو الذي أسس "داعش" ومول ودعم "داعش".
وأردف الدكتور شبول:
"كما قلنا نحن لا نعول على ترامب ولا نصدقه ، لقد شهدنا كيف جرت الأمور في قمة هلسنكي، كان الأمر واضحاً و ظهر أنه لا يمكن أن يقدم على أي توافق لا يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى الرئيس بوتين لا يثق بهذا الرجل ولا يصدقه، ولكن الدبلوماسية الروسية ووفق الظروف تقول لابد من أن يتماشى الرئيس بوتن معه، الدولة السورية منذ سبع سنوات صامدة ومستمرة في المواجهة، والجيش العربي السوري سينتقل ليحقق الانتصارات على كل الجبهات، بما فيها الجبهة الشمالية، التي سيتم الانتقال إليها خلال الفترة القريبة القادمة، وسيتم دحر الإرهابيين، والقضاء عليهم على كامل الأرض السورية بيد الجيش العربي السوري وحلفائه، والأيام القادمة ستثبت أن الولايات المتحدة ستستمر في اعتداءاتها ولن توفر أي ضربة أو اعتداء على سوريا وعلى مواقع الجيش العربي السوري، سواء من خلال إسرائيل أو "داعش" أو باقي المجموعات الإرهابية الأخرى، ترامب لم يوقع على أي وثيقة بهذا الخصوص، وهو تحدث بشكل شفهي فكيف يمكن أن نثق بكلامه الذي يمكن أن يتراجع عنه في أي لحظة و ينقض وعوده، بالمجمل نحن لا يمكن أن نتفاوض مع الإرهابيين وسيتم سحقهم بمساعدة الحلفاء ، ولا تعنينا وعود ترامب الكاذبة ، ما يعنينا هو متابعة تحقيق الانتصار على الإرهاب".
إعداد وتقديم نواف إبراهيم