القاهرة — سبوتنيك. من قرية نجريج التابعة لمركز بسيون في محافظة الغربية بدلتا النيل، صعد محمد صلاح المولود في 1992 سريعا ليحتل مكانه على قوائم الفيفا بين أحسن اللاعبين، وليصبح أحد أشهر نجوم كرة القدم في العالم. وهو ما يبقى ثابتا، إذ كما عود محبيه دائما، بدأ موسمه الجديد مع فريقه ليفربول مفتتحاً التسجيل له في أولى مباريات الفريق في الدوري الممتاز.
أحمد محمد عزب واحد منهم، قدمه أقرانه كأفضلهم، ليقول لوكالة "سبوتنيك": "لدينا أمل كبير في أن ننجح ونصبح لاعبين كبارا مثل محمد صلاح، أتمنى اللعب في النادي الأهلي الذي أشجعه، وأتمنى أيضا أن أحترف في نادي ريال مدريد".
جميعهم تحدوهم نفس الآمال، أن يأتي اليوم الذي يلعبون فيه لأندية القمة المصرية، الأهلي والزمالك، والاحتراف في أندية أوروبا الشهيرة، ليفربول وريال مدريد وبرشلونة.
الموهبة التي تمتع بها صلاح مبكرا كانت أحد أهم عوامل نجاحه، ولكنها لم تكن العامل الوحيد، هذا ما يؤكده مدرب الكرة في مركز شباب نجريج، غمري السعدني، ويقول لسبوتنيك:
"موهبة صلاح كانت واضحة منذ البداية، ولكنه أيضا تميز بعزيمة لا تلين، وتميز بأخلاق رفيعة، كل من احتك به أحبه، ورغم توقعات الكثيرين بنجاحه إلا أن ما وصل إليه أبهر الجميع".
ويضيف السعدني "حتى الآن يتمتع صلاح بنفس الأخلاق الدمثة، والمودة تجاه أهل قريته التي نشأ بها، وعندما يكون في مصر يزور القرية ويلتقي بمحبيه وأهله، وآخر مرة التقيت به كانت قبل شهر، بعد المونديال، وفي كل لقاء نسترجع ذكريات الصبا والطفولة. نجاح صلاح أطلق طاقة أمل وطموح كبيرة في القرية، وأصبح مثلا أعلى لكل الفتية والشباب في القرية".
الخطوة الأولى في مسيرة نجاح محمد صلاح كانت بانتقاله من مركز الشباب في قريته إلى نادي اتحاد بسيون، ليضع قدمه على أول الطريق، ومن هناك جاءت خطوات واسعة وصولا للنجومية.
نادي اتحاد بسيون يبدو مختلفا كليا عن مركز شباب القرية المتواضع، ملاعب واسعة مغطاة بالنجيل، ومدربون ولاعبون وتدريبات جادة، ومن هنا كان انطلاق صلاح الذي جعل منه نجما، ولكن ظل صلاح بن قرية نجريج كما هو، هكذا يؤكد مدرب كرة القدم في نادي بسيون الرياضي لوكالة سبوتنيك، رضا زرير، ويوضح "لا شيء اختلف في الصبي الذي جاء صغيرا لنادي بسيون؛ حسن الأخلاق والالتزام في كل شيء والمودة مع كل المحيطين به، حتى حبه لبعض الأكلات مثل الفسيخ والكشري ما زالت كما هي".
ويقول زرير:
"ضآلة جسم محمد صلاح جعلت كثيرين لا يتوقعون له مستقبلا هاما، حتى أن نادي الزمالك رفض أن يلتحق به لضآلة جسمه، ولكن من عرفوه وعرفوا موهبته تنبئوا له بمستقبل كبير، ومع ذلك فاق ما وصل له صلاح كل التوقعات".
ويوضح زرير "دربت محمد صلاح لأربع سنوات ولم يكن بلغ العاشرة عندما بدأ تدريبه في نادي بسيون، حيث كانت لدينا مدرسة كرة قدم، ومن هنا انطلق إلى نادي مقاولين طنطا، لعام واحد، بعدها انتقل لنادي المقاولين بالقاهرة عام 2006، وطرح على نادي الزمالك، والذي رفضه، وبدأت مفاوضات مع النادي الأهلي وقبل أن يلتحق به كان انتقل لفريق بازل بسويسرا، ومنه انتقل للاحتراف الدولي حتى أصبح أحد أبرز نجوم كرة القدم في العالم".
ويؤكد زرير "نجاح محمد صلاح كان له تأثير كبير في شباب بسيون وفي كل مصر، الشباب يقبل على التدريب أكثر، وسقف الطموح ارتفع بشكل واضح، حتى أولياء الأمور الذين كانوا يقاومون اهتمام أبنائهم بكرة القدم ليهتموا بالتعليم، أصبحوا يشجعون أبنائهم على لعب الكرة".
لطالما الهجرة للخارج والبحث عن فرصة بديلة حلما للشباب في مصر منذ عقود، واتجهت الأنظار كثيرا لعقود العمل في دول النفط، ولتأشيرات السفر لدول أوروبا وأميركا، وحتى مراكب الهجرة غير الشرعية حملت الكثير من أحلام وطموحات الشباب في مصر، بعضها عبر المتوسط وأغلبها ابتلعتها مياهه. ولكن محمد صلاح شق طريقا مختلفا بموهبة فريدة، وبعزيمة وإصرار، وبدعم من حوله ليطرح صيغة جديدة للحلم المصري.