على هضبة مرتفعة قليلا تطل على بحيرة قارون، تغطيها الأشجار والنخيل، تتميز قرية تونس التي يقع فيها المتحف ببيوتها ذات الطبيعة الخاصة، فبيوتها من الطوب اللبن وتعتمد على الدور الواحد تزينها بعض الرسومات التي تعبر عن طبيعة المحافظة.
داخل أول متحف للكاريكاتير في الشرق الأوسط تجولت" سبوتنيك" والتقت بمؤسس المتحف الفنان التشكيلي محمد عبلة، ورصدت العديد من اللوحات المعلقة على جدران المتحف لبعض الفنانين.
تحمل اللوحات العديد من الرسومات والتعليقات الساخرة في السياسة والفن والاجتماع حيث تجسد الكثير من نواحي الحياة على المستوى المحلي والدولي أيضا.
يضم المتحف أكثر نحو 500 لوحة كاريكاتيرية من بداية القرن العشرين حتى وقتنا الحاضر، ويشارك في المعرض عشرات الفنانين بلوحات أصلية موقعة من أصحابها، وعلى رأسها الرسومات الموجودة في مدخل المتحف والمأخوذة من صحف ومجلات، منها روز اليوسف والكشكول، المكوكة، المطرقة وغيرها. حيث تعود أقدم رسومات المجموعة لعام 1927، ويحمل معظمها أسلوب النقد على كافة المستويات.
فنانون وأعمال
يضم المتحف الكثير من الأسماء الهامة في فن الكاريكاتير وعلى رأسهم الفنان والشاعر صلاح جاهين وجورج البهجوري ، صاروخان، رخا، حجازى، زهدى، ، طوغان، مصطفى حسين، عفت، الليثى، جمعة، حاكم، والعديد من الفنانين الآخرين، وتمثل اللوحات مراحل متعددة للمناخ السياسي والاجتماعي المصري، حتى أنها لم تخل من رصد عمليات التحرش قديما، كما تتناول الفقر والتعامل الأمني مع السياسيين قديما، وأزمات المثقفين، وأزمات الوطن العربي أيضا.
تأسيس المتحف
في العام 2009 قام الفنان التشكيلي محمد عبلة بتأسيس المتحف، الذي كشف لـ" سبوتينك" عن السر الذي دفعه إلى إنشاء المتحف، وكان ذلك خلال لقاء له بالفنان الراحل زهدي العدوي الذي أخبره بـ"أنه إذا احترم الرسامون فنهم فسوف يحافظون عليه" وهو ما دفع عبلة إلى إنشاء المتحف في الفيوم.
وأوضح عبلة أن المتحف هو أول معرض متخصص في عرض فن الكاريكاتير في مصر الشرق الأوسط وإفريقيا، خاصة أنه يضم رسومات من مجلات دورية كانت تنشر الكاريكاتير فقط في عام 1919 مثل الشعلة، والكشكول، واضحك، والجيل الجديد، وأن هناك الكثير من الرسومات غير معروضة بالمتحف ويعمل على عرضها الفترات المقبلة.
من هو زهدي العدوي
ولد الفنان زهدي واسمه الحقيقي طه إبراهيم العدوي في مدينة منيا القمح، إحدى قرى محافظة الشرقية عام ١٩١٧.
عمل منذ الثلاثينيات حتى التسعينيات في العديد من المجلات والصحف التي وصل عددها نحو ٣٧ مجلة، حتى انضم في عام ١٩٥٥ روزاليوسف، وفي عام ١٩٥٦ التحق بمجلة صباح الخير التي كانت تمثل مدرسة فكرية جديدة في عالم الكاريكاتير.
وفي مارس ١٩٨٤ تأسست ول جمعية لفناني الكاريكاتير، وترأس هذه الجمعية الفنان رخا باعتباره أول فنان كاريكاتير مصري، وفي عام ١٩٨٨ انتخب زهدي العدوي رئيسا للجمعية وتوفي عام 1994.
سر اختيار الفيوم
يتحدث محمد عبلة مؤسس المتحف إلى "سبوتنيك" إنه قرر إنشاء المتحف بمجهود شخصي، وقرر تخصيص جزء من دخله للمتاحف المقام بقرية تونس التي اختارها لإقامة المتحف نظرا لموقعها الجغرافي المتميز، وكذلك وجود مساحة كبيرة من الأرض ذات مناخ مغاير عن القاهرة، حيث تعد القرية إحدى وجهات الفنانين والمبدعين والأشخاص المهتمين بالفنون التراثية وفن الخزف بعيدا عن زحام القاهرة، كما يقصدها العديد من الأجانب من جنسيات مختلفة للاستراحة بها وزيارة المتحف والاستمتاع بمناخ الطبيعة وصيد الطيور.
يضيف عبلة أنه أنشأ هذا المتحف لحبه الشديد للفن، وأنه يزوده ببعض اللوحات بين الحين والآخر كلما عثر على لوحات أو رسومات في بعض الصحف القديمة، وأن أول رسم كاريكاتيريي يعود إلى عام 1875 بريشة الفنان يعقوب صنوع، أستاذ الريشة الحادة التي اعتادت انتقاد الملك فؤاد.
يؤكد أن المتحف يفتح أبوابه للزائرين دون أي رسوم مالية، وأن الهدف هو الحفاظ على الفن الذي عانى الإهمال لسنوات طويلة، وأن فن الكاريكاتير هو أحد الفنون الساخرة التي كان ولا يزال لها دور كبير في الثقافة العربية ولمصرية بشكل خاص.
من هو محمد عبلة
ولد الفنان التشكيلي محمد عبلة بمدينة المنصورة وتخرج من كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، وأكمل دراسته في النمسا وسويسرا ثم عاد إلى مصر في عام 1983، دفعه حبه للكاريكاتير لإقامة متحف له في قرية تونس التي استقر فيها عام 1985،
درس عبلة التصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية عام ١٩٧٧،و درس النحت في كلية الفنون والصناعات بزيورخ — سويسرا ١٩٨١.
عمل مديرا لقاعة الفنون التشكيلية بدار الأوبرا المصرية لمدة ستة شهور ١٩٩٠، وأستاذ زائر للفنون مدرسة أوربرو السويد.
أقام معارض فنية في ألمانيا وإيطاليا وهولندا والسويد، لكنه قرر في النهاية أن يقيم في قرية نائية غرب محافظة الفيوم وهي قرية تونس التي أقام فيها المتحف.
محمد حميدة