لم تكن حرب تشرين "تحريكا للأوضاع السائدة " كما أرادها البعض أن تكون، بل كانت معركة ثأر وكرامة وانتصار.
ففي الحين الذي لم تستطع به دوائر الامبريالية الصهيونية إفراغ ما تمخضت عنه المعركة من نتائج مبهرة عسكريا بقيت أيضا ذكرى تشرين مشعلا وضاء ينير أفئدة الشعب العربي الصادق الذي كان ولم يزل في معظمه شعبا مقاوما رافضا كل محاولات الهرولة التي يقوم بها بعض الحكام العرب. لذا كانت تلك الحرب في نظرهم بمثابة (ملحمة العرب الحقيقية) في زمن ساد فيه الخنوع والجبن والانبطاح.
حققت حرب تشرين التحريرية انجازا عسكريا هاما خصوصا بعد أن اخترقت القوات العربية المهاجمة خط "آلون" المواجه للجبهة السورية وخط "بارليف " المواجه للجبهة المصرية هذا الانجاز بات يشهد بحجمه العديد من ذوي الاختصاص في المجال العسكري حيث خصصت حينها دائرة المعارف البريطانية لهذا الانجاز صفحة كاملة، فيما لم تخصص لأعظم الخطوط العسكرية في الحرب العالمية الثانية سوى ربع صفحة فقط.
وبالانتقال للحديث عن خط "آلون" فهو كان يتألف مما يلي.. على التسلسل:
1- شبكة أسلاك تمتد على طول خط الجبهة بعرض أربعة امتار
2- حقل ألغام مضاد للأفراد (م/أ) والقصد من هذا الحقل هو منع اي متسلل من الاقتراب في حال اجتاز شبكة الاسلاك الأولى.
3- حقل ألغام مضاد للآليات (م/د)
4- شبكة اسلاك مكهربة.
5- طريق ترابي ناعم, تقوم آليات خاصة بتمهيده يومياً لملاحظة آثار أقدام المتسللين (إن حصل ذلك).
6- خندق مزروع بألغام (م/ أ) مضادة للأفراد بعرض أربعة أمتار وعمق ثلاثة.
7- خندق مضاد للآليات. (م/د) بعمق مترين وعرض 6 أمتار.
8- ساتر ترابي بارتفاع 8 أمتار مدعم بساتر آخر من البيتون المسلح بعرض 3 متر.
9- يلي كل ذلك دشم محصنة.
و لعل الأغرب في هذا المشهد أن كل العقبات تلك اجتازتها قوات الجيش العربي السوري بساعة وثلث الساعة فقط، وذلك بفضل معلومات الرصد والتعاون المذهل الذي جمع بين صفوف الأسلحة السورية (طيران — مدفعية — هندسة) التي حطمت اسطورة "الجيش الذي لا يقهر ".
من تشرين التحرير إلى تموز الانتصار.. النتائج متشابهة
" أوهن من بيت العنكبوت " نعم قالها يوماً سماحة السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله اللبناني في مهرجان الانتصار وذلك عقب اندحار قوات الاحتلال الإسرائيلي مهزومة من الجنوب اللبناني في أيار/مايو عام2000.
لم تكن كلمات سماحة السيد تلك مبنية على حرارة الحماسة ولا على حب الاندفاع بل كانت رؤية حقيقية مبنية على حقائق هامة كشفت الستار عن خبايا المشهد العسكري في المنطقة.
منذ ذلك الحين و(حزب الله المقاوم) يجهز العدة والعتاد ليوم كان موعود. ففي يوم تموزي حار من العام 2006 فعلها حزب الله مجددا حين دمر بصواريخ "كورنيت" الروسية المضادة للدبابات "الدبابة التي لا تقهر" ألا وهي دبابة ال(ميركافا) التي تعتبر فخر الصناعة الإسرائيلية معلنا بذلك سقوط ورقة مهمة لطالما كانت تتشدق بها بعض المحطات التي كانت تهول وتطبل لعظمة هذه القوات وأسلحتها "العظيمة المتفوقة".
لم تكن تلك الحرب "مغامرة غير محسوبة" كما طاب لبعض حكام العرب تسميتها حينئذ بل كانت فصلاً جديداً يكتب في سجل انتصارات المحور المقاوم وعنوانا ذليلا يدرج ضمن سجل الهزائم الإسرائيلية فحرب تموز تلك أضافت للبنان قوة ردع كبيرة مازالت تجبر الإسرائيليين على التفكير ألف مرة قبل خوض أي حرب أو "نزهة جديدة".
بين صواريخ S200 و S300.. طائرة إسرائيلية تتهاوى
انه العاشر من شهر شباط/فبراير عام 2018 حين اسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة إسرائيلية من طراز F16.. ليقف العالم مذهولاً بعد أن تصدعت نظرية " سلاح الجو الذي لا يقهر" فياله من تفوق واه حين سقطت على حطامه آمال وآمال وآمال أحلام وآمال تبددت أمام غيمة سورية أبت إلا أن يهطل غيثها نصراً على الإرهاب فها هي الصواريخ السورية-الروسية مازالت تثبت يوما بعد يوم كفاءتها وقدرتها على تغيير كافة المعادلات الاستراتيجية التي لطالما كان يتبجح بها جهابذة الإعلام المعادي الذي لم يعد يدرك يقينا أن المحور المقاوم بات في تقدم متسارع وأن زمن القطب الأوحد قد ولّى بعيداً إلى غير رجعة.