القاهرة — سبوتنيك. وإذ يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لروسيا، اليوم الاثنين، في زيارة يلتقي خلالها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين الروس، فإن أبواب التعاون بين البلدين تبدو آخذة في الاتساع على جميع الأصعدة، الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
اللقاءات المتتالية بين الرئيسين سواء في مصر أو روسيا أو على هامش فاعليات دولية، ظهر تأثيرها بوضوح على العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا شهدت تغيرا ملحوظا منذ 2013 وحتى الآن. فعلى مستوى التبادل التجاري نشطت التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع حجم التجارة بين البلدين إلى حوالي 6.5 مليار دولار مؤخرا بحسب تصريحات صحفية لوزير الخارجية المصري سامح شكري.
فيما أشارت بيانات البنك المركزي المصري إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين في الفترة من تموز/ يوليو 2017 إلى آذار/ مارس 2018، بلغ حوالي 2.8 مليار دولار، مرتفعا بواقع 773 مليون دولار عن نفس الفترة في العام المالي السابق، وهي الزيادة الأكبر في تلك الفترة بعد كلا من الصين والسعودية، وبهذا احتلت روسيا المرتبة الثامنة في التبادل التجاري مع مصر، بحسب تقرير البنك المركزي.
التعاون الاقتصادي بين البلدين لم يقتصر على التجارة فقط، فقد شهد العام الجاري توقيع اتفاقية إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في السويس خلال زيارة وزير التجارة والصناعة المصري السابق لروسيا في آيار/ مايو السابق.
الاتفاقية التي رفعت مستوى التعاون بين مصر وروسيا إلى مستوى جديد، ستعني ليس فقط فرص عمل جديدة واستثمارات روسية في مصر، ولكنها ستعني توطين الصناعة والتكنولوجيا الروسية في مصر، والانطلاق منها إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
وإضافة للزيادة الكمية في التعاون الاقتصادي بين مصر وروسيا، قد شهد ذلك التعاون نقلة نوعية بتوقيع وثيقة يتم بموجبها إعطاء إشارة البدء في مشروع الضبعة النووي، خلال زيارة الرئيس الروسي لمصر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لتدخل مصر عصر الطاقة النووية بالتعاون مع الشريك الروسي.
التعاون في المجال العسكري كان على نفس مستوى التطور بين البلدين، خاصة وأن الزيارة الأولى للسيسي إلى روسيا كان وهو وزيرا للدفاع، وهي الزيارة التي بدأت معها اتفاقات لتحديث الترسانة العسكرية المصرية وتزويدها بالسلاح الروسي في إطار خطة تنويع مصادر التسليح التي أعلنتها القيادة مصر، خاصة وأن 30 في المائة من الأسلحة الروسية التي حصلت عليها مصر في فترة خمسينات وستينات القرن الماضي، لا تزال في الخدمة في القوات المسلحة المصرية، بحسب هيئة الاستعلامات المصرية.
تركز التعاون العسكري بين مصر وروسيا في الخمس سنوات الماضية على دعم قدرات الدفاع الجوي المصري، عبر تحديث منظومة تحديث منظومة الدفاع الجوي قصيرة المدى إلى منظومة (تور إم 2)، منظومة الدفاع الجوي متوسطة المدى إلى منظومة (بوك إم 2)، هذا فضلا عن إهداء روسيا القطعة البحرية (مولينيا 32 بي) للقوات البحرية المصرية.
بالإضافة للتسليح شهد التعاون بين البلدين في المجال العسكري تدريبات مشتركة لوحدات المظلات تحت عنوان (حماة الصداقة" وهي التدريبات التي مرتين في عامي 2017 و2016، وهي التدريبات التي اشتملت، على العديد من الأنشطة والفعاليات من بينها تنفيذ أعمال الإسقاط للأفراد والمعدات والمركبات المدرعة، كذلك التدريب علي أعمال قتال القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب وفقا لأرقى النظم التدريبية الحديثة.
التطورات التي شهدتها العلاقات المصرية الروسية في السنوات الخمس الماضية، مهدت الطريق لتطورات جديدة في العلاقات تدعمها لقاءات القمة المتتالية بين الرئيسين المصري والروسي، هذا ما يؤكده أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري النائب طارق الخولي في حديثه لوكالة "سبوتنيك" قائلا "السنوات الماضية شهدت طفرة في العلاقات المصرية الروسية بالفعل، وهناك المزيد من التقدم في الطريق".
ويوضح الخولي: "من المنتظر أن تشهد زيارة الرئيس لروسيا المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية، في مجال النقل والطاقة، كذلك ستشهد القمة بين الرئيسين مباحثات هامة حول الوضع الإقليمي والدولي، فضلا عن بحث تطوير التعاون على الصعيد العسكري، كما نتوقع أن يحسم موعد عودة الطيران الروسي للمقاصد السياحية على البحر الأحمر".
ويضيف الخولي: "نتطلع لمزيد من التعاون بين البلدين، ونتطلع خاصة لرفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين وتطوير التعاون على مختلف الأصعدة".
زيارة السيسي لروسيا التي تبدأ اليوم، تأتي في هذا السياق لدفع مسار التعاون بين البلدين على كافة الأصعدة، وإزالة كل ما من شأنه تعطيل ذلك التعاون، مثل عودة الطيران الروسي للمقاصد السياحية في البحر الأحمر، فضلا عن تدعيم التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية. والأهم من ذلك يأتي اللقاء التاسع بين الرئيسين المصري والروسي للتأكيد على أنه لن يكون اللقاء الأخير، وأن خطوط الاتصال بين القاهرة وموسكو ستظل ساخنة.