"سبوتنيك" أجرت مقابلة مع المؤلف والمخرج الشاب عمرو جمال الذي قاد فريق هذا العمل الذي لقي ترحيباً وإشادة محلية ودولية… فإلى نص الحوار:
سبوتنيك: لماذا خرج فيلم "10 أيام قبل الزفة" في هذا التوقيت؟
سبوتنيك: ما الرسالة التي يحملها الفيلم؟
الفيلم يتحدث عن شاب وفتاة كانوا قد أعدوا العدة للزواج في العام 2015 ولكن حالت الحرب دون تحقق ذلك نتيجة عملية الاستنزاف المادي والبدني وحالات القتل والهروب، وهذان الشابان استنزفتهما الحرب تماما، فالبطلة تلجأ إلى أحد البيوت نتيجة لأن بيتها تم تدميره تماما واستمرت المأساة وتم تحديد موعد جديد للزواج في 2018، وقبل الموعد بعشرة أيام تظهر مصيبة في كل يوم تهدد إتمام الزواج، وجميعها من تبعات الحرب وأصبح أبسط أحلام أي شاب وفتاة في العالم "الزواج" صعب تحقيقه في ظل ظروف هذا البلد.
سبوتنيك: الفيلم يتحدث عن أحلام الشباب… هل يستند السيناريو لقصص من الواقع تمت معايشتها، أم أنه تجسيد للوضع بشكل عام؟
قصة الفيلم هى تجميع لمجموعة قصص واقعية، كل قصة وكل مفارقة في الفيلم أنا عايشتها أو رأيتها أو سمعت عنها من أصدقائي، فكل مصيبة يقع فيها البطل والبطلة هى واقع شاهدته في حياتي اليومية أثناء الحرب وربما قبل الحرب، فهي تجميع لعدد من الحكايات حدثت بالفعل، فما زال هناك معاناه نتيجة الحرب وعمليات نزوح للآلاف ممن دمرت الحرب بيوتهم ولم يأخذوا أي تعويض حتى الآن رغم الوعود وظروفهم المعيشية قاسية، ومن قام بالمساعدة تحكم في مصير هؤلاء الناس.
سبوتنيك: عندما يكون المؤلف هو مخرج العمل… هل يكون العمل أكثر تميزا؟
للتوضيح نص العمل أو القصة لم أقم بها بمفردي وإنما بالشراكة مع المؤلف مازن الرفاعي وتم ذلك في ورشة عمل مشتركة لأشهر عديدة، وليس شرطا لكي يكون العمل عظيما أن يكون المخرج هو المؤلف، فالكثير من الأعمال الناجحة لها مؤلف ومخرج مستقلين، وفي النهاية اختيار النص هو مسؤولية المخرج وبالتأكيد المخرج سيجلس على كل عناصر النص وتطويره وفي الأخير فإن النص هو ابن المخرج.
سبوتنيك: بصفتك أحد الشباب اليمني… هل كان هذا أحد الدوافع لمثل هذا العمل لأنك تشعر بمعاناتهم؟
بالتأكيد فأنا شاب يمني أعيش في عدن وعشت وما زلت أعيش الحرب وتداعياتها ورفضت الهجرة أو الخروج من عدن ولا أرى مستقبلي في مكان آخر خارج بلدي، لذا فأنا معايش لحياة الناس وأشعر بمعاناتهم والمعاناة الخاصة لأصدقائي وهذا يساعد بكل تأكيد في عملية التعبير، وهذا ما دفعني للبقاء في عدن دون تقليل من خيار الآخرين الذين قررو الرحيل.
سبوتنيك: هل كنت تتوقع النجاح الذي حققه الفيلم وردود الفعل حوله؟
"10أيام قبل الزفة" هو أول فيلم جماهيري في تاريخ اليمن، كانت هناك أفلام قصيرة تم انتاجها قبل ذلك وعرضت مرة أو مرتين ولا تتجاوز مدتها 40 دقيقة، فهذا أول فيلم على الإطلاق يمني جماهيري، وقبل ثلاثة أشهر لو قلت لأي شخص أنني أقوم بعمل فيلم جماهيري طويل وسيتم عرضه في عدن في ظل ندرة دور العرض السينمائي والتي دمرت في الحرب، وأن هذا الفيلم سيحقق إيرادات كبيرة وسيبيع 50 ألف تذكرة بالقطع سيكون رده أن المتحدث "مجنون" في ظل الوضع الأمني والأقتصادي، لكننا خاطرنا بالتجربة حيث كنت أعمل بالمسرح والتليفزيون وكانت السينما حلمي الأكبر، وكنت أنتظر اليوم ولكن ليس في ظل الحرب، وبعد توقف المسرح بسبب الوضع الأمني، كما أن القنوات التليفزيونية أفلست فلم تعد هناك مسلسلات وظللنا ثلاث سنوات بلا عمل.
سبوتنيك: كيف ذهب تفكيركم إلى السينما في ظل تلك الظروف الصعبة؟
صديقي المنتج المنفذ محسن خليفة قال لي "لماذا لا تعود إلى حلمك في السينما" فرددت عليه بأنني أرجأ هذا الحلم إلى أن تتحسن الظروف، وهل يمكن تحقيق الحلم في هذه الظروف؟ فقال ولما لا "جرب" عمل شيء مستحيل في التوقيت المستحيل وسيكون له قيمة أكبر في المستقبل ويصبح حديث الناس، بالفعل بدأنا بجنون الشباب بكتابة النص وتجهيز أماكن للعرض فوجدنا قاعتي أعراس في مدينة عدن وبها مدرجات لجلوس الناس لرؤية الفيلم بشكل جيد، تم حجز القاعات وأشترينا أدوات للعرض بسعر معقول وبنينا شاشات بشكل يدوي بالجهود الذاتية، وبعد تأكدنا من جاهزية هذه الأشياء بدأنا تصوير الفيلم.
سبوتنيك: التصوير في الشارع في ظل الظروف الأمنية السيئة ألم يشكل عقبة أمامكم؟
قبل التصوير سألنا الممثلين والممثلات أن الوضع في الشارع صعب وعمليات التسليح غير منضبطة والوضع ليس كالسابق، فجاءت الإجابة بالموافقة وأن الجلوس دون عمل في المنزل أكثر خطورة من الشارع، وبدأنا التصوير بميزانية بسيطة لا تتجاوز 33 ألف دولار عن طريق رجال أعمال نظير إعلانات لهم في بوسترات الفيلم أو قبل بدء العمل على الشاشة، وقد شارك في العمل أكثر من 48 ممثلا ويحتاج لكل تلك الإمكانات يتم إنتاجه بتلك الميزانية، هذا تم لأن الجميع ساعد وربما تطوع للعمل بلا مقابل.
سبوتنيك: أبطال العمل… هل هم وجوه جديدة؟
سبوتنيك: بعد النجاح الداخلي للفيلم… ما هي توقعاتكم له خارج عدن؟
بالقطع نتمنى أن يحصل العمل على أفضل الجوائز العالمية ولكن "10 أيام قبل الزفة" ما زال أمامه مشوار طويل في المهرجانات المحلية والدولية قبل أن يصل للأوسكار، وأن يكون هناك الكثير من الأخبار والتحليلات حول العمل لكي يصل للعالمية وهذا لم يحدث مع الفيلم لأن عمره لم يتجاوز الشهور، فالفيلم بدأ عرضه في نهاية أغسطس/ آب الماضي وأمامه مشوار طويل في العام القادم يمكن أن نصل في نهايته إلى الأوسكار، ويكفينا أننا استطعنا في ظل التلاشي التام للدولة أن نفك طلاسم المشاركة في المهرجانات، وسوف يعرض الفيلم في 20 نوفمبر /تشرين الثاني الجاري في قاعة عرض خاصة في لوس أنجلوس تابعة لجمعية الصحفيين الأجانب بهليوود، وتلك الدعاية تقوم بها مجموعة من الشباب بامكانات متواضعة بمكتب صغير في عدن، وهذا يدفعنا إلى أن نكون قادرين في المرات القادمة على صناعة عمل أهم والوصول بسهولة إلى هذه المهرجانات، اعتقد أنها كانت تجربة رائعة تعلمنا فيها بشكل ذاتي في كل الجوانب من الصناعة للتسويق والإعلان والعرض، كل هذا في فترة قصيرة لم تتجاوز 4 أو 5 أشهر.
سبوتنيك: حاولتم الابتعاد عن الإشارة لأي من التيارات السياسية في الفيلم ألا يعد هذا بعدا بالعمل عن الواقع؟
للأمانة الفيلم من بداية كتابته يتحدث عن جزء اجتماعي ولم يكن لدينا النية للدخول في التفاصيل بمسمياتها من السبب ولماذا ومن الذي يقاتل، الفيلم قصة اجتماعية بسيطة توضح كيف تلقي الحروب بظلالها السوداء على حياة الناس ممن ليس لديهم مصلحة فيما يدور، رغم أنني من الأشخاص الذين عانوا من الحوثي بشكل شخصي وهناك عمل أقوم به حول إحدى جرائم الحوثي في منطقة بمدينة عدن عندما حاولوا قصف الناس وهم يحاولون النزوح عن طريق البحر، وفي العمل سيكون هناك إدراج للمسميات ووجهه نظرنا بشكل كامل.
سبوتنيك: ما هي رسالتك للفنانين من الشباب العربي؟
أقول لكل الفنانين الشباب في البلاد العربية وكل دول العالم والدول التي تعاني من الحروب وتعيش على الهامش، إن مجموعة من الشبان في مدينة اسمها عدن وفي ظل غياب الدولة وعدم الإنتاج استطاعوا تحقيق حلم كبير جدا وصنعوا عمل بأقل القليل، فإن الجميع يستطيع عمل أكثر من هذا ببعض الثقة بالنفس فلسنا أفضل منكم.
حوار- أحمد عبد الوهاب