يرى راجيف نايان، كبير الباحثين في معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية في دلهي، أن ما يقف وراء انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، هي زعزعة السلام العالمي. وفي حديثه إلى "سبوتنيك"، رأى أن احتمال وجود معاهدة مماثلة في المستقبل القريب بين القوى العظمى في العالم منخفض للغاية.
الرئيس الأمريكي اعتبر أيضا أن قرار تعليق العمل بمعاهدة نزع الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى يتضمن "إعلاء للمصالح الأمريكية" وقال إنه مستعد لبدء مفاوضات حول معاهدة صاروخية جديدة مع روسيا، والصين ودولا أخرى.
يقول نايان "إن السبب الرئيسي لانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدة هو ليس روسيا. إنها الصين، التي تريد الولايات المتحدة إيقافها على المسرح العالمي. بالتأكيد، ستحاول الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها لتشمل الصين وبعض الدول الأخرى، مثل الهند، في معاهدة مشابهة لمعاهدة الحد من الصواريخ. لكن، أخشى أن مثل هذا النوع من المعاهدة لن يحدث في المستقبل القريب. وخاصة عندما تنسحب الولايات المتحدة من جانب واحد.
اقرأ أيضا: عضو بـ"الشيوخ الأمريكي": يمكن إبرام اتفاقية للحد من التسلح بين أمريكا والصين
وقال ترامب في خطابه السنوي أمام الكونغرس يوم الأربعاء الماضي "في ظل إدارتي، لن نعتذر أبدا عن تعزيز مصالح أمريكا. فعلى سبيل المثال، وقعت الولايات المتحدة قبل 10 سنوات اتفاقية مع روسيا، اتفقنا بموجبها على الحد من قدراتنا الصاروخية وخفضها. وبينما كنا نمتثل تماما للاتفاقية، انتهكت روسيا بشكل متكرر شروطها".
وتشترط واشنطن على روسيا التخلص الكامل من صواريخ طراز 9 إم 729 التي تزعم أنها تنتهك المعاهدة المذكورة.
بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا ستنسحب من المعاهدة بعد ستة أشهر ردا على المزاعم الأمريكية.
وقال لافروف: "ما يتعلق بمعاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، فقد قلنا كل ما يلزم ردا على مزاعم الولايات المتحدة. وحدد الرئيس بوتين موقفنا، سنرد بالمثل".
وقال كونستانتين تروبتسيف، كبير الباحثين في معهد الاستشراق الروسي، "إنه لا يوجد فرق بين الانسحاب من المعاهدة الآن أو بعد ستة أشهر لأن الولايات المتحدة انسحبت عمليا من هذه المعاهدة منذ زمان. وبالتالي فإن روسيا ستبدأ على الفور بصناعة صواريخ جديدة.
وأوضح تروبتسيف أن موقف موسكو إيجابي من انضمام الصين إلى مثل هذه المعاهدة.
اقرأ أيضا — ترامب يدعو لتطوير اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة النووية تشمل الصين
من جانبه، يرى ماك شرقاوي، عضو الحزب الديمقراطي والمحلل السياسي، أن إعلان ترامب الانسحاب من المعاهدة بدلا من تجميدها لستة أشهر بمثابة قنبلة وإن دعوته لإبرام اتفاق يضم الصين لهجة لا توحي بالاطمئنان خاصة أنه هدد بإنتاج الصواريخ بغزارة في حال الإخفاق في التوصل إلى اتفاق جديد. وأوضح أن المعاهدة التي أبرمت في أعقاب الحرب الباردة كانت انتصارا للبشرية وإن سباق التسلح لن يصب إلا في مصلحة سماسرة السلاح.
وقال شرقاوي "إن الصين هي المستفيد الوحيد في هذا الأمر وإن ترامب يرغب في الضغط على الصين عبر موسكو خاصة إن هناك سيناريو سيئا في حال عادت حرب الفضاء بما تحمله من تكلفة مالية باهظة خاصة مع التقدم الهائل الذي حققته القدرات العسكرية الروسية".
ويشير المحلل الهندي نيان إلى أنه "من غير المحتمل أن تقفز روسيا فوراً إلى سباق التسلح؛ إذ لديها ما يكفي من الصواريخ والأسلحة الأخرى التي يمكن أن تضمن أمنها في المنطقة، خاصة في ظل التحول في مسرح الحرب من أوروبا إلى شرق آسيا".
اقرأ أيضا — ريابكوف: ندرس إشارات واشنطن والناتو بشأن احتمال نشر أسلحة نووية متوسطة المدى في أوروبا
يذكر أن معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى ("معاهدة القوات النووية المتوسطة"، "أي إن إف")، تم التوقيع عليها بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في عام 1987.
ووقعت المعاهدة في واشنطن من قبل الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، وتعهد الطرفان بعدم صنع أو تجريب أو نشر أية صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، وبتدمير كافة منظومات الصواريخ التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000-5500 كيلومتر، ومداها القصير ما بين 500─1000 كيلومتر.