وأوضح السنيورة في حواره مع "سبوتنيك"، أنه لا يعترض على وجود علاقات بين لبنان وإيران، ولكن وفق قواعد سليمة، دون التدخل في الشئون الداخلية لبلاده، معتبرا أن قرار عودة العلاقات مع سوريا في أيدي الجامعة العربية، وليس الحكومة اللبنانية، التي تتعرض لضغوط من "حزب الله"، في هذا الملف، وفق قوله.
سبوتنيك: كيف تابعتم تشكيل الحكومة اللبنانية ومنحها الثقة بعد مخاض دام لتسعة أشهر؟
السنيورة: "كنت ككل اللبنانيين في وضع مقلق، ولكن تشكلت الحكومة أخيرا، وإلا ربما كان هناك سيناريو آخر في تقديري، الآن لدينا حكومة، وكان من الممكن أن تكون حكومة أصغر، وتكون حكومة أقطاب قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة، كنّا نحتاج إلى أشخاص مسئولين، وليس وكلاء للمسئولين الأساسيين، ولكن على أي حال، انتهت مرحلة الجهاد الأصغر الخاصة بتشكيل الحكومة، وننتظر الجهاد الأكبر المتمثل في طريقة الحكم".
سبوتنيك: برأيكم ما أهم القرارات التي يجب أن تتخذها الحكومة الآن؟
السنيورة: "هناك أزمات عديدة تحتاج لقرارات سريعة وصحيحة، منها أزمة الكهرباء، المياه، البنية التحية، النقل، الاتصالات، التعليم والصحة".
سبوتنيك: هل تتوقع سيد السنيورة أن تتغلب الحكومة الجديدة على هذه التحديات؟
السنيورة: "حتما هذه الأزمات لا يمكن حلها في أيام ولا أسابيع ولا حتى أشهر، لكن يجب أن تضع الحكومة نفسها على بداية المسارات الإصلاحية الواجبة، ومعرفة أن الاستقرار السياسي أساس لنظيره الاقتصادي والاجتماعي، ولذلك نقول إن الحكومة مطالبة بأن تضع نفسها في نقطة إنطلاق صحيحة، وأن تبدأ في الخطوة الأولى من مسار طويل، لاستعادة الثقة بين المواطن اللبناني والأحزاب السياسية، وكذلك بين المواطن والدولة".
سبوتنيك: وكيف يمكن إعادة هذه الثقة؟
سبوتنيك: سيادة رئيس الوزراء يمكن أن تذكر لنا مواقف بعينها خرق فيها الوزراء الجدد الدستور اللبناني؟
السنيورة: "كل ما حدث في عملية تأليف الحكومة مخالف للدستور، فكرة أن يكون لكل أربعة نواب وزير مخالف للدستور، وانتهاك صارخ للنظام الديمقراطي البرلماني، الدستور ينص على تشاور رئيس الوزراء مع النواب ثم تشكيل الحكومة، ومهارته تتمثل في حصوله على ثقة البرلمان، وبالتالي ثقة البرلمان لا علاقة لها بأن يكون لكل أربعة نواب وزير، فضلًا عن إعلان وزراء رفضهم لتنفيذ بعض القوانين، لعدم إعجابهم بها، فما يحدث غير معقول، ولا علاقة له بالمنطق".
سبوتنيك: ما القوانين التي يعترض عليها بعض الوزراء وفق ما تفضلت بذكره؟
السنيورة: "قوانين الكهرباء، الاتصالات والطيران المدني وغيرهم، ولذلك لابد من عودة احترام الدولة والقوانين، فالدولة صاحبة السلطة الوحيدة على الأراضي اللبنانية، ولا يجوز مخالفتها، ولذلك أقول أن الحكومة ملزمة بأن تصل إلى الشارع اللبناني؛ ليرى المواطن اللبناني احترام الحكومة للدستور، والتزامها بمصالحه، فضلًا عن أهمية الفصل بين السلطات وتعاونها، وعدم التدخل في السلطة القضائية، واحترام الكفاءة والجدارة في تسلم المسئوليات".
سبوتنيك: هل ما تفضلت بذكره سبب عزوفكم عن الترشح للانتخابات رغم طلب الرئيس الحريري؟
السنيورة: "لم أشارك في الانتخابات النيابية، لعدم قبولي لقانون الانتخاب، وما قلته وقتها، ثُبت صحته الآن، حيث أكدت أن هذا القانون سيؤدي لمزيد من الشروخات والشرذمة داخل المجتمع اللبناني، فأنا لم انتخب رئيس الجمهورية، لكن بعد أن أُنتخب أتعامل معه بصفته، لم أترشح في الانتخابات النيابية، ولكن بعد أن أُنتخب المجلس أتعامل معه بصفته، هذه الديمقراطية وممارستها، وتلك الرسالة التي يجب إرسالها للعالم وللمستثمرين عن لبنان".
السنيورة: "أنا إنسان عروبي، وسوريا بلد العروبة النابض، لكننا مختلفون مع النظام في سوريا، ومتأذيون من تواجد أكثر من مليون ومائتي ألف سوري لدينا، والنظام السوري يشترط أن نتحدث معه حتى يسمح بعودة السوريين من لبنان، رغم أن ربع اللاجئين السوريين مهجرون داخليًا، وحتى الآن لم يعودوا لمناطقهم، وقد اتخذت الحكومة السورية عدة قرارات مؤخرًا، منها قانون رقم ١٠، والذي لا يشجع النازحين على العودة، فنحن نريد أن يعود النازحون السوريون لبلادهم البارحة وليس اليوم".
سبوتنيك: ولماذا لا تتحدثون إلى الدولة السورية مباشرة من أجل حل الأزمة التي ربما أكبر في تبعاتها من الخلاف السابق؟
فؤاد السنيورة: "نحن لدينا مشكلات عديدة مع النظام السوري، منها ترسيم الحدود، والجرائم التي ارتكبت في حق لبنان، وثبت تورط أعوان النظام السوري فيها، وعمليات التفجير وغيرها، ورغم ذلك فنحن أسرع ما نكون في عودة العلاقات مع سوريا، ولكن المشكلة ليست لدينا في لبنان، بل في الجامعة العربية، وبالتالي حدثت ضغوط من قبل حزب الله على الحكومة اللبنانية؛ لمشاركة سوريا في القمة الاقتصادية، ولكنهم طرقوا الباب الخطأ في لبنان، فالأمر متعلق بأيدي بالجامعة العربية".
سبوتنيك: البعض يقول إن القرار السياسي اللبناني مرتهن بموقف بعض الدول العربية وليس إيران وسوريا فقط؟
السنيورة: "بداية يجب أن يكون لدينا موقف لبناني موحد، بعيدا عن الانقسام، تفاديا للواقع من شروخ داخلية تسبب فيها الأحزاب الطائفية والمذهبية، لذلك هناك ضرورة للعودة إلى لبنان، وإعلاء مصلحة الوطن، بيروت لديها مصالح مع الدول العربية ومع إيران أيضا، ولا اعترض على وجود علاقات بين لبنان وإيران، ولكن يجب أن تكون مبنية على قواعد صحيحة، فأنا لم أطلق التهم جزافا، المسئولون الإيرانيون أعلنوا سيطرتهم على أربعة عواصم عربية، ولا يمكن لنا القبول بذلك، فيجب أن تعود إيران إلى حقيقة ما ينفعها وينفعنا".
سبوتنيك: إذًا من أين يمكن أن تنطلق الخطوة لإعادة التوازن في العلاقات العربية الإيرانية؟
السنيورة: "المشكلة بدأت من إيران، حينما اعتمدت أسلوب تصدير الثورة منذ عام1979، على أساس نظرية ولاية الفقيه، العابرة للحدود السياسية، وترتب على ذلك تفتيت وتقسيم العالم العربي، لذلك يجب أن تكون انطلاقة الحل من إيران أيضًا".
سبوتنيك: ولكن حديثكم يحمل إيران كل المسئولية ويعفي في مضمونة دور الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي؟
السنيورة: "أنا لا أعفيهم على الإطلاق، لبنان ناله من الغرب التفتيت والحروب والشرذمة، ويكفي ما قامت به الولايات المتحدة في العراق، حيث أسقطت الدولة ودمرت الجيش العراقي، والنتيجة أن الغرب أنهى الدولة العراقية كحاجز تاريخي، مضى عليه آلاف السنين، بين الداخل الأسيوي والبحر الأبيض المتوسط".
السنيورة: "عن من سيصدر الموقف القوي، نحن ندين وندين إلى يوم الدين، إسرائيل عدو بينما إيران لدينا خصومة شديدة معها، والفرق واضح، إذًا يمكن احتواء إيران حين تعود إلى رشدها، وهذا في مصلحة الطرفين، ويحب أن يكون بين العالم العربي وإيران علاقة ليست قائمة على التسلط والسيطرة وبسط النفوذ، لأن ما تهدف إليه إيران فشلت في تحقيقه منذ آلاف السنين، فنحن نريد توفير الجهد والطاقة للعدو، وأن ينتهي الخلاف كما حدث بين أثيوبيا وإريتريا".
سبوتنيك: كيف تنظر لمستقبل العلاقات الروسية اللبنانية والتي بدأت في التطور مؤخرا؟
السنيورة: "لطالما روسيا وقفت بجانب الشعوب العربية، ولا تنتظر موسكو اعترافنا بأنها دولة عظمى، لأنها عظمى فعلا، وهناك مصالح مشتركة بيننا، وخاصة في القضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة، التي انتشرت مؤخرا، نحن نعلم أن هذه الجماعات موكلة من دول إقليمية ودولية، وحين فشلت في تحقيق المخطط لها، انتقلنا إلى مرحلة الحرب المباشرة، فشاهدنا النزول الأمريكي في سوريا".
سبوتنيك: أخيرا دولة رئيس الوزراء هل تتوقع انسحاب الولايات المتحدة من الشرق كما أعلن الرئيس ترامب؟
السنيورة: "هناك غموض يسيطر على السياسات الخارجية للعالم، وكذلك أيضاً فالغموض يسيطر على السياسات الأمريكية، منذ صعود الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض".
أجرى الحوار/ هند الضاوي