يأتي هذا الاتهام، بحسب وكالة "رويترز"، بسبب اعتماد ألمانيا وأوروبا بشكل عام على الغاز الروسي، كأحد مصادر الطاقة، لكن ألمانيا ردت بأن مشترياتها تأتي على أساس الناحية الاقتصادية، ويظهر اهتمام أوروبي كبير في إيجاد مصدر بديل للغاز الروسي، فيما تشتعل المنافسة بين موردي الغاز العالميين على الحصول على حصة أكبر من السوق الأوروبية، وتنحصر المنافسة بين قطر والولايات المتحدة وأستراليا، مع الأخذ بالاعتبار فرض روسيا لنفسها على أكبر مصدري الغاز إلى القارة الأوروبية، حيث تستأثر لوحدها بثلث الواردات.
الغاز الصخري الأمريكي
وأبدت بعض الدول الأوروبية الرغبة في استيراد الغاز من أمريكا، خصوصا مع ظهور الغاز الصخري وإنتاجه بكميات كبيرة، لكن يبقى العائق الأكبر هو السعر، كما أن البعد الجغرافي بين القارتين ليس المشكلة الوحيدة للاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر رئيسي، فدول غرب أوروبا تحتاج إلى إنشاء بنية تحتية كاملة، كالموانئ المخصصة لاستقبال الناقلات على السواحل، وأنابيب لنقل الغاز إلى دول شرق القارة العجوز، ما قد يرفع كلفة الإنتاج إلى حد كبير، وعلى الرغم من ذلك بدأت شحنات الغاز المسال تصل من الولايات المتحدة، لكنه يبقى بكميات ضئيلة مقارنة بالغاز الروسي، حسب تصريح الممثل الرسمي للمفوضية الأوروبية مينا أندريفا.
وحول ذلك صرح يوري سولوزوبوف رئيس مركز سياسة الطاقة الدولية، لوكالة "سبوتنيك": "الولايات المتحدة ترغب بالسيطرة على سوق الغاز العالمية، وهم غير قادرين على إزاحة شركة "غازبروم" الروسية، لكنهم سيجبروها على التحول من العقود الطويلة الأجل، إلى عقود قصيرة الأجل، بأسعار أقل مناسبة لهم، وهم يرغبون بإملاء شروطهم، وفي السنوات الخمس المقبلة، سيكون هناك إعادة توزيع للحصص في سوق الغاز".
أبرز المصدرين في العالم
رغم تسلق أستراليا على عرش منتجي الغاز المسال في العالم، تبقى قطر واحدة من أهم المنتجين، حيث سعر استخراج الوقود الكربوني لديها هو الأقل على الإطلاق، بمتوسط 5.6 دولار لمليون وحدة حرارية بريطانية، وتبلغ كمية إنتاجها 77 مليون طن، على أن ترفعه في المستقبل القريب إلى 100 مليون طن سنويا، لتستعيد صدارة المنتجين من جديد، وتسعى هي أيضا نحو توسيع حصتها من سوق الغاز في أوروبا، أسوة بحصتها في بريطانيا، حيث تتزود المملكة المتحدة بـ30% من احتياجاتها من الغاز، عبر ناقلات الغاز المسال من قطر، واللافت للانتباه أن المنافسة الشديدة تشتعل بين قطر والولايات المتحدة لتوسيع حصتهما في أوروبا، في الوقت الذي تعتبر فيه قطر أبرز المستثمرين في الغاز الأمريكي، حيث تمتلك شركة "قطر للبترول" 70 بالمئة من مشروع "غولدن باس" لإنتاج الغاز في ولاية تكساس، على أن تبلغ أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وعن ذلك يقول سولوزوبوف: "لا توجد منافسة مباشرة بين الدولتين، فقطر أعلنت عن ريادتها في سوق الغاز المسال، وهي تقوم بتطوير إنتاج الغاز وأسواقه في كل من أوروبا وآسيا، وترغب قطر بتحديث التقنيات التي يمكن استخدامها في جميع أنحاء العالم، وتجربتها في الغاز الصخري في الولايات المتحدة، هي طريقة لتطوير هذه التقنيات".
أستراليا البعيدة
أصبحت أستراليا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في الوقت الحالي، بإنتاج يبلغ 88 مليون طن سنويا، إلا أنها لم تظهر اهتماما بتصدير الغاز إلى أوروبا، لبعد المسافة أولا، ولكون السوق الآسيوي الأقرب يستهلك إنتاجها، حيث تعتبر أكبر المصدرين إلى الصين واليابان، والثاني إلى كوريا الجنوبية، أكبر مستهلكي الطاقة في القارة الصفراء.
شرق البحر المتوسط
تم تقدير الكمية المكتشفة، بحسب وكالة المسح الجيولوجي الأمريكي، من الغاز الطبيعي بأكثر من 122 مليون ترليون قدم مكعب، في حوض شرق المتوسط، قبالة سواحل سوريا ولبنان وإسرائيل وقبرص، بالإضافة إلى كميات أخرى كبيرة في مصر، وتم البدء باستخراج الغاز من آبار ضمن المياه الإقليمية الإسرائيلية، كما تم توقيع اتفاقيات بين تل أبيب وعدة دول أوروبية لتزويدها بالغاز، عبر أنابيب تمتد تحت سطح البحر الأبيض المتوسط، بكلفة تقارب 7 مليارات دولار، إلا أن رئيس الاتحاد الروسي للمهندسين إيفان أندرفسكي صرح لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، بأن المشاكل التقنية للمشروع سترفع تكلفة استخراج الغاز، مما قد يبقي الغاز الروسي حلا أكثر اقتصاديا للأوروبيين، كما أن الطاقة الإنتاجية للمشروع الإسرائيلي تبدو متواضعة مقارنة بالإنتاجية الروسية.
وأكد رئيس مركز الطاقة الدولية بدوره أن هذه الدول تستطيع إرسال شحنات لأوروبا، لكنها احتياطات متواضعة إذا ما قورنت بكبار المنتجين، كقطر عملاق الإنتاج العالمي.