الانقسام ذاته يخيم على مؤتمر بروكسل (3)، الذي يحضره وفد لبنان، ممثلا برئيس حكومته، سعد الدين الحريري، ومشاركة وزيري التربية، أكرم شهيب، والشؤون الاجتماعية، ريشار قيومجيان، بدعوتين خاصتين، فيما يغيب وزير الخارجية، جبران باسيل، للمرة الثالثة عن المؤتمر الدولي بقرار ذاتي، ويغيب وزير الدولة لشؤون النازحين، صالح الغريب، عن المؤتمر.
قالت رولا المراد، رئيسة حزب "10452"، إن ما ورد في البند رقم 16 من بيان مؤتمر بروكسل2، وتحت قسم "الوضع الإنساني"، شكّل أصل الأزمة لما تضمنه من عبارات تعطي النازحين الحقّ في العودة الطوعيّة، وفي تقرير البقاء في البلد الذي يستضيفهم، وفقا للقانون الإنساني الدولي.
وأضافت في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن العبارات الواردة في مكان آخر من البيان لجهة الاندماج في سوق العمل، شكلت ساحة مواجهة أخرى، خاصة لما له من تداعيات على سيادة لبنان وهويته، فهو منقسم بين داعم لبقاء النازحين لحين تأمين الأماكن الآمنة، وبين مؤيد لعودتهم السريعة إلى سوريا، لما خلفه وجودهم من أضرار على مستوى زيادة البطالة، والبنى التحتية غير المجهزة.
ابتزاز لسوريا
وتابعت أن معظم الأموال التي أرسلت إلى لبنان، لم تصل إلى وجهتها الصحيحة،، وأن التشاؤم خلفه الضغط من عدد كبير من السياسيين لعودة النازحين إلى سوريا، وضغط من أجل الحوار مع النظام السوري حول هذا الأمر.
وأوضحت أن الانقسام لا يناسب الدول الغربية، التي تريد الضغط أكثر على النظام السوري، واستغلال النازحين كورقة تفاوض، وبسط نفوذ إلى حين الوصول إلى التسوية السياسية للأزمة السورية.
من ناحيته، قال المحلل اللبناني، وسيم بزي، إن أوروبا التي ترعى مؤتمر بروكسل الثالث للنزوح السوري، تتخبط إزاء المآل النهائي لهذا الملف، الذي عول الغرب عليه كثيرا، لتحويله إلى ورقة ابتزاز لسوريا وحلفائها.
موجات نزوح
وأشار إلى أن الأجيال الشابة في النازحين تمثل أهمية للاقتصاد الأوروبي، خاصةً الألماني في ظل النمو السكاني البطيء في القاره العجوز، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي لمحاولة تثبيت بقاء النازح في بلدان الجوار السوري، ومنها لبنان الضيق على أهله.
وأوضح وسيم بزي أن الهدف الأوروبي لا يتحقق في لبنان إلا عبر ثلاثة عوامل، وعلى رأسها دفع الأموال مباشرة للنازحين، لتحريضهم على البقاء، وحض الدولة اللبنانية لتأمين فرص عمل لهم، ربطاً ببعض المشاريع الممولة من الخارج، مثل سيدر وغيرها، وإبقاء الحكومة اللبنانية تحت ضغط الأوروبيين، للحفاظ على الاستقرار السياسي.
مليار يورو
وأشار إلى أن عوامل أخرى تتمثل في الترهيب، عبر قطع الطريق على التواصل الرسمي بين لبنان وسوريا، وثانيها تشجيع الانقسام الداخلي اللبناني حول هذا الملف، وثالثها ربط دفع المال للنازح ببقائه في لبنان، وحرمانه منها في حال عودته إلى سوريا.
أكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، اليوم الخميس، أن الاتحاد الأوروبي خصص أكثر من مليار يورو كمساعدات لسوريا وللمنطقة للفترة 2019 — 2020، مضيفة أنه تم تخصيص الشريحة الثانية لتركيا بقيمة 1.5 مليار يورو لتقديم المساعدات للاجئين السوريين.
وقالت موغيريني خلال مؤتمر المانحين لسوريا: "يسعدني أن أعلن أن الاتحاد الاوروبي يؤكد منحه 560 مليون يورو لعام 2019، واستعداده لتقديم المبلغ ذاته عام 2020".
ووفقا لها أكدت موغريني تخصيص 1.5 مليار يورو لتركيا كجزء من الشريحة الثانية لدعم اللاجئين.
يذكر أن مؤتمر بروكسل الثاني، عقد في 24 و25 أبريل/نيسان الماضي، ونجح في حشد المساعدات إلى السوريين داخل البلاد وفي البلدان المجاورة، بما في ذلك المجتمعات المضيفة. وتعهد الاتحاد الأوروبي والجهات المانحة الدولية بتقديم 3.5 مليار يورو لعام 2018. بالإضافة إلى تعهدات متعددة السنوات بقيمة 2.7 مليار يورو لعام 2019-2020. بينما حشد مؤتمر بروكسل الأول حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة الذي عقد في 4 و5 أبريل/نيسان 2017، مبلغ وقدره 5.6 مليار يورو لدعم الأنشطة الإنسانية وتحقيق الاستقرار والتنمية في سوريا والمنطقة، ومبلغ إضافي قدره 3.47 مليار يورو لعامي 2018-2020. كما أعلنت حينها المؤسسات الدولية المالية والجهات المانحة عن تقديم قروض تقارب الـ 27.9 مليار يورو.