صور ورود الجوري الأحمر والنرجس الأبيض، التي كانت تزين نينوى، وشاشات التلفاز، في برنامج "أم الربيعين" الذي كان يبث في ظهيرة كل يوم جمعة، حتى تسعينيات القرن الماضي، والألفينات، عبر القناة الرسمية، تبدلت إلى مآسي وموت إثر التفجيرات، ومجازر "داعش"، إلى كارثة غرق نحو 200 شخص، قلة منهم أنقذوا، والأغلبية ما بين قتيل ومفقود، إثر خلل بعبارة ابتلعها النهر على غرار سفينة "تيتانيك" الإنجليزية الشهيرة.
حصلت مراسلة "سبوتنيك" في العراق، من عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، علي البياتي، على التقرير الكامل لتقصي الحقائق لكارثة غرق العبارة السياحية في نهر دجلة ظهر يوم أمس الخميس.
فقد لاحظ فريق الرصد التابع لمكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، في نينوى، أثناء توجهه إلى دائرة الطب العدلي لمتابعة النتائج والتداعيات لأعداد الغرقى، تجمهر آلاف المواطنين من ذوي الضحايا الغرقى والمفقودين وهم ينتظرن عند بوابة الدائرة للاستفسار عن أسماء المتوفين.
وعند دخول الفريق، إلى الدائرة لاحظوا وجود العشرات من الجثث، وهي موضوعة داخل أكياس بلاستيكية بيضاء خارج ثلاجات الحفظ، التي لم تستوعب هذا العدد الكبير من الجثث.
وأعلن التقرير، أن عدد الجثث لحظة تواجد الفريق في مقر دائرة الطب العدلي، كان على النحو الآتي:
العدد الكلي الأول 78 جثة من ضمنها 41 جثة لنساء، و13 جثة لأطفال، والبقية 24 جثة تعود للرجال.
ولاحظ فريق تقصي الحقائق التابع للمفوضية، قيام كادر الطب العدلي بأخذ صورة شخصية لكل جثة "التقاط صورة لمنطقة الوجه"، وذلك لغرض تعريف ذوي الجثة عليها مستقبلا.
وألمح فريق المفوضية العليا لحقوق الإنسان، إلى نوع من الفوضى، كان هناك في دائرة الطب العدلي، حيث حاول ذوي الجثث الدخول إلى مقر الدائرة لمعرفة مصير أبنائهم، ولكن تم ضبط الموقف من قبل الأجهزة الأمنية التي تعاملت مع الموقف بصورة إنسانية مراعاة لظروف ذوي الغرقى والمفقودين.
بعد ظهيرة يوم أمس الخميس، 21 مارس/ آذار المصادف عيد الأم والربيع الذي كان من المؤمل أن يكون يوما سعيدا تحتفي فيه نينوى المسماة بأم الربيعين نظرا لاعتدال الطقس فيها في الربيع والخريف، خرجت العائلات في نزهات إلى نهر دجلة الذي كان منسوب المياه فيه مرتفعا والمياه تجري بسرعة ملحوظة… وحلت الكارثة على أهالي المدينة، والعراق.
وحصلت "سبوتنيك" بالتفصيل، على تقرير "تقصي الحقائق" الذي أعده مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، في محافظة نينوى، عن كارثة الغرق التي طالت العائلات في رحلة سياحية على متن عبارة في نهر دجلة.
وكشف التقرير، عندما انقلبت العبارة وهي محلية الصنع من تاريخ 1997، تابعة (لشركة جزيرة أم الربيعين السياحية) قطاع خاص، كانت تقل على متنها ما يقارب من 200 شخص بين أطفال ونساء ورجال.
ولدى وصول فرق الرصد التابعة للمفوضية والدفاع المدني، والطب العدلي، وثق فريق "تقصي الحقائق" التابع للمفوضية، عن إدارة الطب العدلي، في المحافظة ملاحظات هي أسباب الغرق.
أولها ارتفاع منسوب نهر دجلة بشكل كبير. ثانيا، تهالك العبارة وهي مصنوعة من معدن الحديد "بصنع محلي غير متقن" كما لاحظ فريق الرصد ذلك من خلال مثيلاتها العبارات، ولم تتوفر فيه أدنى إجراءات السلامة، لاسيما عدم وجود أطواق نجاة فيها أو مستلزمات السلامة.
وكانت العبارة في وقت سيطرة "داعش" الإرهابي على الموصل، منذ منتصف عام 2014، إلى التحرير في عام 2017، تعمل على نقل عدد محدود من العائلات من ضفة النهر إلى الجهة الأخرى.
وجاءت سرعة جريان المياه بشكل سريع جدا، رابعا لتقلب الفرح إلى مأساة، وتحول مرح العائلات وأطفالها، إلى هلع وصراخ ولحظات أخيرة من الحياة التي احتفلت بعامها الأول من التحرير من سطوة "داعش" الإرهابي قبل وقت قصير.
وأكد فريق "تقصي الحقائق"، أن إدارة شركة "جزيرة أم الربيعين السياحية" لم تتقيد بالتحذيرات التي أطلقتها مديرية الموارد المائية بالابتعاد عن حافات النهر، بسبب الاطلاقات المائية الهائلة من سد الموصل، قبل يومين من الحادثة.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت وزارة الصحة العراقية، عن ارتفاع عدد الوفيات في حادث غرق عبارة الموصل إلى 91 شخصا، وتشير التقارير إلى أن أغلب الضحايا من النساء والأطفال.