نشر الموقع الروسي "فوينوي ماتيرياليه" مقالا جاء فيه: كان واضحا أنه من الضروري أن تبسط ألمانيا هيمنتها على البحر المتوسط من خلال السيطرة على مدخليه، جبل طارق وقناة السويس، إن شاءت تركيع بريطانيا التي شكلت السيطرة على البحر المتوسط حجر الأساس لسياستها. ولم يكن ممكنا أن تحتفظ الإمبراطورية البريطانية بقوتها بدون حرية مرور سفنها في البحر المتوسط.
جبل طارق
قال كاتب المقال، أليكساندر سامبسونوف، إن ضباط المخابرت العسكرية الألمانية وضعوا خطة احتلال جبل طارق. وأصدر الزعيم الألماني النازي هتلر تعليمات بالتحضير لاحتلال جبل طارق في سبتمبر/ أيلول 1940.
وأطلق على خطة احتلال جبل طارق اسم "فيليكس".
بيد أن خطة "فيليكس" لم تأخذ طريقها نحو التنفيذ لأن هتلر حوّل اهتمامه من بريطانيا إلى روسيا. وأعلن هتلر أمام كبار قادة القوات المسلحة الألمانية في 31 يوليو/ تموز 1940 أنه قرر البدء بتدمير روسيا في ربيع عام 1941.
أثار ذلك قلق الضباط الألمان الكبار الذين حاولوا إقناع هتلر بالتخلي عن خطة غزو روسيا قبل حسم الأمر مع بريطانيا. وقال قائد القوات البحرية الألمانية أريخ ريدير لهتلر إن محاربة روسيا ليست ضرورية من أجل السيطرة على العالم، فالطريق إلى ذلك فتحته هزيمة فرنسا.
قناة السويس
وأصر ريدير على ضرورة وضع قناة السويس تحت مراقبة ألمانيا. ثم يكون بإمكان القوات الألمانية الوصول إلى فلسطين وسوريا وتركيا بسهولة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني تشرشل يدرك خطورة مثل هذا التطور. فقد أبلغ تشرشل الرئيس الأمريكي روزفلت أن الحرب ستكون صعبة جدا وطويلة وذات آفاق مظلمة إذا فقدت بريطانيا السيطرة على الشرق الأوسط.
بيد أن هتلر لم يرد نقل ثقل العمليات الحربية الرئيسية إلى جنوب المنطقة المتوسطية. ورأى جميع كبار قادة القوات المسلحة الألمانية أن هتلر كان قد قرر أن تعتدي ألمانيا على روسيا وغيرها من الجمهوريات السوفيتية المتحدة وتدمرها وتستولي على "المجال الحيوي" هناك رغم أن السيطرة على المنطقة المتوسطية تحقق لألمانيا منافع أكبر بأقل الخسائر.
ومن الهام بمكان أن سيطرة ألمانيا على قناة السويس تجبر الأسطول البريطاني على مغادرة البحر المتوسط إلى البحر الأحمر، فيما تتيح لألمانيا وحليفتها إيطاليا أن تنقلا قوات كبيرة إلى الشرق الأوسط دونما عقبة.
تركيا
ويصبح بإمكان ألمانيا مضاعفة الضغط على تركيا من جهة البلقان وفلسطين وسوريا حتى لا ترى تركيا سبيلا أمامها غير أن تصبح دولة تابعة للرايخ الثالث لأن مقاومة القوى الألمانية — الإيطالية المتفوقة أمر مستحيل.
وأمكن للقوات الألمانية في حالة احتلال قناة السويس أن تحتل أفريقيا الشمالية بكاملها ليتاح لهتلر نشر بطارياته الساحلية ومطاراته في الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق.
التركيز على هدف آخر
بالنسبة لبريطانيا يعني هذا فقدان حصن جبل طارق دون أن تقتحمه القوات الألمانية وكذلك ترك مالطة لاستحالة وصول الإمدادات إلى حاميتها.
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية يعني هذا فقدان الأمل في إنزال قواتها في أوروبا لمحاربة ألمانيا في عقر دارها. وكان الأمريكيون سيركزون، والحالة هذه، على مصارعة اليابان في المحيط الهادئ.
غير أن هتلر لم يتجاوب مع الحس الاستراتيجي للأدميرال ريدير، مركزا على محاربة روسيا. وكانت تعبئة القوى والموارد للحرب مع روسيا شغله الشاغل. ولذلك لم يفكر هتلر في تقديم القوات لبسط الهيمنة الألمانية على قناة السويس ومضيق جبل طارق.