أعلن المجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية في الجزائر، الأحد الماضي، استحالة تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع يوليو/تموز المقبل، بعد رفض ملفي المرشحين الوحيدين لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي استقال تحت ضغط الشارع،
بالإضافة إلى تمديد عهدة الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح".
ودعا رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح إلى حوار جاد وواقعي يضع الجزائر فوق كل اعتبار، وبحسب صالح جاءت الدعوة لرسم خارطة طريق جديدة أساسها الحوار للوصول إلى أرضية تنطلق منها البلاد لتجاوز حالة الانسداد القائم، بعد الرفض الواسع لإجراء انتخابات 4 يوليو/تموز.
حل واقعي
نور الدين بحبوح، رئيس حزب القوى الديمقراطية والاجتماعية إحدى أحزاب المعارضة الجزائرية، قال إن "تأجيل الانتخابات الرئاسية كان متوقعا في ظل عدم تقدم مرشحين لمقعد الرئاسة، بالإضافة إلى اعتباره مطلبا أساسيا للحراك الشعبي".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحراك الشعبي يرفض بشكل مباشر وقاطع تنظيم الانتخابات الرئاسية في ظل وجود بعض الوجوه من بقايا النظام السابق".
وأكد أن "الحل الواقعي بعد تأجيل الانتخابات الاتفاق بين الطبقة السياسية والحراك الشعبي للوصول إلى توافق بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية في مرحلة أخرى تكون فيها الأجواء ملائمة ومناسبة"، مشيرا إلى أن "هذا هو الحل المتفق عليه بين كافة الأطراف السياسية وحراك الشارع وهي الفكرة الرئيسية التي ننطلق منها".
شروط التفاوض
ومضى نور الدين قائلا: "دائما ما يعلن المجلس العسكري أنه مع مطالب الشعب، لدينا تفهم فيما يخص وقفها السياسي، وتمسكها بالحل الدستوري، لكن لابد من قراءة فلسفية لمضمون الدستور للبدء في حل سياسي".
وبشأن دعوة المجلس العسكري للحوار، أضاف: "خطوة جيدة، الحوار أسلوب حضاري ونحن معه".
وأشار إلى أنه "من الممكن اختيار شخصية أو شخصيات متوافق عليها، وتحظى بثقة الطبقة السياسية وحرك الشارع، وأن يكون لديها مصداقية، وغير منورطة في كل الفساد الذي عاشته الجزائر للبدء في حوار جاد.
وبين بحبوح أن "الحكومة هي المهندس الحقيقي للتزوير في كل الانتخابات السابقة"، مطالبًا بضرورة تقديم استقالتها وتعيين حكومة أخرى توافقية"، مؤكدًا أن هذه الشروط السبيل الأمثل للخروج من الأزمة.
طريقتان للحل
من جانبه، قال عبد الله جاب الله رئيس تكتل قوى المعارضة في الجزائر، ورئيس حزب العدالة والتنمية، إن "عدم ترشح أي شخص لانتخابات الرئاسة التي دعا لها المجلس العسكري يعد انتصارا للشارع وللحراك الشعبي، الذي قال كلمته وكررها في جمعات متتالية منذ 22 فبراير/شباط".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "الشارع الجزائري يصر على الإطاحة بالنظام كاملا، واسترجاع حقوقه وممارسة سيادته الكاملة، رافضا بقوة جميع أنواع الوصايا"، مشيرا إلى أن "المؤسسة العسكرية ضيعت كل هذا الوقت، وعليها الاستجابة لإرادة الشارع".
وأكد أن "استجابة المجلس العسكري تكون بطريقتين، إما بتفعيل المادة السابعة ووضع الآليات اللازمة لتحقيق مضامينها، وهو حل دستوري لا غبار عليه، وإما أن تذهب إلى تجميد العمل بالدستور".
وتابع: "في هذه الحالة، لابد من القيام بإعلان دستوري تحدد فيه المؤسسة العسكرية ما يجب فعله خلال هذه المرحلة الفاصلة، بين النظام السابق والقادم، الذي يختار فيه الشعب المسئولين اختيارا حرا ونزيها، عن طريق لجنة انتخابات مستقلة".
وأشار إلى أن "أي إجراء آخر غير ذلك، يعد زيادة في تضيع الوقت وتكريس إدارة الالتفاف حول إرادة الشعب، وحول مطالب الحراك الشعبي، وهذ أمر عواقبه غير محمودة".
ابن صالح
وقال المجلس الدستوري، إنه بعد ثلاثة اجتماعات "فصل برفض ملفي الترشح المودعين لديه"، وبناء على ذلك قرر "استحالة إجراء انتخاب رئيس للجمهورية" مطالبا بـ"إعادة تنظيمه من جديد".
وأضاف المجلس أنه "يعود" لرئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح "استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية".
وعزا المجلس قراره إلى أن "الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، ويتعين تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية".
وحدد الدستور فترة رئيس الدولة المعين بعد استقالة الرئيس المنتخب، بتسعين يوما "كأجل أقصى" على أن ينظم خلالها انتخابات رئاسية ويسلم السلطة للفائز بها.
وتنتهي ولاية الرئيس بن صالح في التاسع من يوليو/تموز، إلا أن المجلس الدستوري كلفه في بيانه الاستمرار في الرئاسة حتى تسليم السلطة للرئيس المنتخب.
ويرفض الجزائريون الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ 22 شباط/فبراير عبر تظاهرات غير مسبوقة، وكذلك الأحزاب السياسية إجراء انتخابات قبل رحيل كل وجوه نظام بوتفليقة، وأولهم بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.