على الرغم من أن الرقص الشرقي يظل حاضرا، إلا أن الاحتفاء به لم يعد كما كان في القرن الماضي، حيث تراجع حضور الفنانات أمثال نجوى فؤاد وسهير زكي وسامية جمال والعديد منهن.
الرقص الغربي
وانتشرت في الوقت ذاته مئات الراقصات في مصر والوطن العربي في الملاهي والحفلات والمطاعم، وهو ما طرح العديد من التساؤلات، على رأسها احتمالية تلاشي الرقص الشرقي لصالح الرقص المعاصر، أو ما يعرف في الدول العربية بالرقص الغربي.
قالت الدكتورة مريم قلوز، مدير مهرجان أيام قرطاج الكريوغرافيّة بتونس، إن الرقص الشرقي لم يتلاش بعد، إلا أن بعض الرقصات المحلية بدأت تفرض نفسها، وهي رقصات تختلف من دولة لأخرى، منها في المغرب وتونس والجزائر وكل الدول العربية.
وأضافت في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، اليوم، الأحد، أن المشكلة الراهنة في العالم العربية تعود لعدم الاهتمام بالرقص الشرقي كما يستحق، وأن مؤسسات الدول العربية لا تعير الاهتمام اللازم لفن الرقص الشرقي، وأنه رغم وجود بعض المدارس والمعاهد، إلا أن الأمر بحاجة إلى المزيد من الاهتمام بشأن مستوى المدارس وما تقوم عليه مستوى الاهتمام والتطوير.
عمليات التطوير
وشددت قلوز على ضرورة تطويره بحيث يصبح فنا كاملا كما الفنون الأخرى، وألا يبقى تسلية في المطاعم والسياحة وغيرها من الأماكن، كما يجب تقديم الدعم للراقصات في هذا الفن بشتى الطرق التي تمكن من الحفاظ عليها وتطويرها عبر نقابة خاصة بها.
وأشارت إلى أن الرقص الشرقي يمكن أن يدخل في مجال الرقص الحديث، وأن هناك بعض التجارب تقوم على ذلك في الوقت الراهن.
من ناحيتها، قالت ثريا بوغانمي، أستاذة رقص معاصر بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح بتونس:
إن الرقص الشرقي لم يتراجع بعد، إلا أنه له خصوصيته التي تتطلب عرضه في أماكن بعينها.
الرقص المعاصر
وأضافت في تصريحاتها إلى "سبوتنيك"، أن الرقص الغربي أيضا به بعض الأنواع يمكن أن تؤدى في الشارع أو أماكن اللهو، إلا أن نوعية أخرى من الرقص تحتاج المسارح الآن وهي "الرقص المعاصر"، وهي قائمة على لغة الجسد في البلدان العربية والغربية، وأنها أصبحت الأكثر حضورا من أنواع الرقص الأخرى، خاصة أنها الأقرب إلى حمل اللغة والخطاب المسرحي، أكثر من عملية إظهار الجسد.
وترى بوغانمي أن التراجع الكبير في حضور النقد في المسرح ينعكس على حضور الجسد بشكل أكبر، خاصة أن لغته منفتحة بشكل كبير، كونها لغة غير مرتبة باللغة النصية، وأن الرقص المعاصر سيكون له الحضور الأبرز على المستوى العالمي.
وفيما يتعلق بتراجع مستوى الرقص الشرقي في الدول العربية، توضح بوغانمي أن الدول العربية لم تسع إلى تطوير الرقص الشرقي وتحويله إلى فن معاصر، وأن ذلك أحد الأسباب التي تحصر الرقص الشرقي في زاوية بعينها ترتبط بالماضي والتاريخ، وأنه من يمتهن هذا الفن لم يسع إلى تقديم لمسات فنية من شأنها التطوير على مستوى التقدم الراهن.
وتتابع أن أحد الأسباب قد ترتبط بتعلق الأمر بالإغراء، إلا أنه لو أريد تطويره وتحديثه ليصبح لغة معاصرة، قد يكون هناك لمحة خاصة وجديدة للرقص الشرقي.
وتابعت بوغانمي:
أعتقد أن هناك نساء بارزات في هذا المجال الآن، هناك بعض التغير، وإن كان بسيطا خاصة في ظل تراجع البلدان العربية، إلا أنه هناك بعض التقدم.
وشددت على ضرورة أن تنتبه الدول العربية إلى فن الرقص الشرقي وإلى أين وصل العالم، ما يتطلب المسعى للتطوير، خاصة أن التغيير اليوم يتعلق بالفردية والجماعية والمشارب الاجتماعية هي أكثر المدارس التي يمكن التعلم منها أكثر من مدارس البحوث التي تقدم مكتوبة.
أشهر فنانات الرقص الشرقي
رغم أنهن أصبحن ضمن سياق التاريخ، إلا أن أسمائهن تظل حاضرة وبقوة في مشهد الرقص الشرقي.
نعيمة عاكف
كانت نعيمة عاكف فنانة أجادت كل شيء، في الرقص والتمثيل والغناء، ولدت عام 1929، بدأت حياتها الفنية في مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية، إحدى محافظات الدلتا، حتى أصبحت البطلة الأولى للسيرك، وهي في عمر الرابعة عشرة، حتى خسر والدها كل أمواله فرهن السيرك، لتنتقل نعيمة مع أسرتها إلى القاهرة، والتحقت بفرقة "بديعة مصابني" ثم دخلت مجال السينما عام 1948، من خلال فيلمَي "حب لا يموت" وفيلم "آه يا حرامي".
وفي عام 1949 ظهرت كراقصة في فيلم "ست البيت"، لكنها قدمت أول أدوارها التمثيلية من خلال فيلم "العيش والملح" في عام 1949، وشاركت في العديد من الأفلام، وتوفيت في 23 إبريل/نيسان 1966.
تحية كاريوكا
إحدى أشهر الراقصات في مصر، ولدت في مدينة الإسماعيلية عام 1919، حيث الرقص والتمثيل منذ الصغر، واكتشفت أيضا من خلال عملها في فرقة "بديعة مصابنى"، وتوفت عام 1999.
زينات علوى
ولدت زينات علوي في الاسكندرية عام 1930 بالإسكندرية، ثم هربت بسبب قسوة والدها إلى القاهرة، والتحقت بفرقة "بديعة مصابني"، والتحقت بالعمل في السينما عام 1951 من خلال فيلم "شباك حبيبي".
وشاركت في 41 فيلما سينمائيا، قدمت الرقص الشرقي بمفهومه الكلاسيكي، حيث أجادت توظيف إمكانياتها الجسدية ببراعة حسب قول النقاد في تلك الفترة، وعرفت براقصة الهوانم، ثم اعتزلت الفن عام 1971، حتى عثر عليها 16 يوليو/تموز 1988 ميتة في منزلها منذ ثلاثة أيام.
سامية جمال
ولدت زينب خليل إبراهيم محفوظ عام 1924، في إحدى القرى التابعة لمحافظة بني سويف، إحدى محافظات الوجه القبلي بمصر، وسرعان ما قادتها بعض الظروف العائلية إلى الهرب والالتحاق بفرقة "بديعة مصابني".
وفي عام 1943، اتجهت سامية جمال، للتمثيل وشاركت في العديد من الأعمال السينمائية، حيث شكلت ثنائي ناجح مع الفنان فريد الأطرش، وعرفت براقصة القصر الرسمية.
نجوى فؤاد
ولدت عواطف محمد عجمي، في عام 1939 بمدينة الإسكندرية (نجوى فؤاد)، لأب مصري وأم فلسطينية. توفيت والدتها، وأراد أن يزوجها في عمر الثانية عشر من صديقه، الذي يبلغ من العمر وقتها 43 عاما.
هربت نجوى فؤاد مع زوجة أبيها، وبدأت بعدها بالرقص في الأفراح والصالات وغيرت اسمها إلى نجوى فؤاد، كي تهرب من أسرتها في بداياتها الفنية. قالت عنها تحية كاريوكا بأنها راقصة جيدة وطموحة، وخدمت الفن وظهرت كراقصة في الوقت الذي انشغلت فيه الراقصات بالتمثيل.
وتعد من أهم الراقصات في تاريخ الرقص الشرقي في مصر، غير أنها شاركت في عشرات الأفلام والمسلسلات.
سهير زكى
ولدت في مدينة المنصورة عام 1945، ثم سافرت إلى الإسكندرية بمصر، لتتجه بعدها إلى القاهرة ورقصت في برنامج أضواء المسرح وفي أماكن السهر، وشاركت في أكثر من خمسين فيلما كراقصة وممثلة.
رقصت في العديد من الحفلات المهمة لرؤساء عدد من الدول وكان أشهرهم الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، والرئيس التونسي، الحبيب بو رقيبة، ورقصت في حفل زفاف أبناء جمال عبد الناصر، وأطلق عليها السادات ال"كوكب الشرق في الرقص".