قالت وكالة "فارس" الإيرانية، اليوم الثلاثاء، إن السفينة الإيرانية المحتجزة لدى جبل طارق سيتم الإفراج عنها مساء اليوم، وذلك بعد ساعات من إعلان سلطات جبل طارق سعيها لنزع فتيل التوتر مع طهران.
ورغم نفي مصدر حكومي في جبل طارق الإفراج عن الناقلة، أكد مراقبون أن هناك انفراجة قريبة في الأزمة، بعد فشل بريطانيا في الضغط على إيران.
واحتجزت قوات مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة النفط الإيرانية، في الرابع من يوليو/ تموز، قبالة ساحل جبل طارق في البحر المتوسط للاشتباه بأنها تنقل النفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي وهو ما تنفيه إيران.
أكدت سلطات جبل طارق، اليوم الثلاثاء، إنها تسعى لنزع فتيل التوتر مع إيران منذ احتجاز الناقلة "جريس1".
ووفقا لوكالة "رويترز"، قال متحدث باسم جبل طارق: "نواصل السعي لنزع فتيل التوتر المتصاعد منذ الاحتجاز القانوني لجريس1 ". وأضاف المتحدث، أن أمر الاحتجاز الراهن للناقلة ينتهي مساء السبت.
وتوقع مسؤول بمنظمة الموانئ والملاحة الإيرانية، اليوم الثلاثاء، الإفراج قريبا عن ناقلة النفط الإيرانية التي احتجزتها السلطات البريطانية في جبل طارق الشهر الماضي بدعوى خرقها للعقوبات الأوروبية على سوريا
وقالت وكالة "فارس" الإيرانية، اليوم، إن السفينة الإيرانية المحتجزة لدى جبل طارق سيتم الإفراج عنها مساء اليوم.
وذكرت الوكالة، نقلا عن مصادر في جبل طارق، أنه سيتم الإفراج عن الناقلة المحتجزة منذ 5 أسابيع "غريس 1" مساء اليوم.
فيما نفى مصدر في حكومة جبل طارق التقارير التي تحدثت عن الإفراج عن ناقلة النفط "جريس 1" مساء اليوم.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر في حكومة جبل طارق أن التقارير الإيرانية غير صحيحة.
ومن جانبها قالت بريطانيا إن التحقيقات في قضية الناقلة الإيرانية، غريس1، المحتجزة مسألة تخص جبل طارق.
وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية "التحقيقات التي تجري حول غريس 1 هي مسألة تخص حكومة جبل طارق، ونظرا لكون هذا التحقيق مازال مستمرا، لا يمكننا التعليق بأكثر من ذلك".
محمد غروي، الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، قال إن "مشكلة احتجاز السفينة الإيرانية من قبل بريطانيا ليست تقنية بل كانت سياسية من الدرجة الأولى، وكانت لندن تريد إرغام طهران لتقديم تنازلات، ليس رغبة منهم، بل كان هناك ضغوط أمريكية أوقعت البريطانيين في هذا الفخ".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الإجراءات البريطانية مع إيران كانت خاطئة، ولم تسطع إجبار إيران على الرضوخ لسياسات بريطانيا وأمريكا، فهم حاولوا الضغط على إيران لكي يجبروها على التوافق مع الدول الكبرى فيما يخص نقل وتصدير النفط".
وتابع: "رغم المحاولات الحثيثة والضغوط الأمريكية الفعلية، لم تفلح بريطانيا في الضغط على إيران والتي صمدت لفترة بلغت الشهر، بعد أن ردت باحتجاز ناقلة بريطانية"، مشيرًا إلى أن "بريطانيا تأكد لديها أن هكذا تصرف مع إيران في هذا الوقت تحديدًا لن يجدي نفعًا".
إفراج قريب
وأكد أن "كل المؤشرات تدل على أن الناقلة البريطانية سيتم الإفراج عنها إما اليوم، أو خلال اليومين المقبلين، وهي واضحة في التصريحات المتداولة خصوصا لمنظمة الموانئ والملاحة الإيرانية التي قالت إن الناقلة المحتجزة من قبل بريطانيا أرسلت قبل ساعات إشارات تغيير مسارها باتجاه المغرب".
ومضى قائلًا: "بريطانيا أيضا أظهرت رغبتها في حل مشكلة ناقلتي النفط، بعد الأداء الإيراني الجيد في هذا الإطار، حيث تمكنت طهران من إدارة الأزمة بحنكة وسياسة عالية".
وعن إمكانية إفراج طهران عن الناقلة البريطانية، أضاف: "أعتقد أن هذا ما يرجحه العقل والمنطق، لكن هناك إجراءات قانونية يجب إتباعها، فلابد من موافقة المحك للإفراج عنها، لكن إيران ستبدي مرونة في هذا الإطار".
وأنهى السياسي الإيراني حديثه قائلًا: "يبدو أن إيران منتصرة في هذه الحرب التي أطلق عليها حرب الناقلات، ومن المتوقع أن نشهد الفترة المقبلة بعض الانفراجات على الصعيد العلاقات الأوروبية مع إيران".
ممن جانبه قال حمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "الحديث عن قرب إفراج بريطانيا عن الناقلة الإيرانية المحتجزة، كان متوقعًا بشكل كبير، في ظل محاولات الحكومة البريطانية الابتعاد عن فتح أي جبهات جديدة، خصوصا مع إيران".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "طهران تتحكم في أمور كثيرة متعلقة بالمصالح البريطانية عند مضيق هرمز، وفي جنوب الخليج العربي وشمال بحر عمان، تلك المنطقة الحيوية والمهمة جدًا للندن، والتي تمر منها مصالح متعددة لبريطانيا".
وبين أن "بريطانيا ليس لديها جاهزية قيادية سياسية ولا عسكرية للدخول في أي نزاع عسكري مع إيران"، مشيرًا إلى أن "البوارج والفرقطات البريطانية حاولت بالفعل التدخل في تلك المنطقة لحماية الناقلات لكنها لم تفلح".
مكاسب كبيرة
وتابع: "من جانب آخر مسألة انتقال السلطة في لندن بعد استقالة تريزا ماي، وتعيين بوريس جونسون لا يمكن لبريطانيا اتخاذ القرار السياسي السليم، على درجة عالية من الأهمية مع دولة مثل إيران".
ومضى قائلًا: "تحدثت في السابق أن هناك انفراجة قريبة بسبب الضغط الدائم من قبل الإيرانيين، والدليل على ذلك أن بريطانيا لم تصطف مع أمريكا في عملية الحارس المتعلقة بحماية الملاحة في تلك المنطقة".
وأنهى حديثه قائلًا: "إيران نجحت بشكل كبير في الضغط على بريطانيا واستغلال حالة السيولة السياسية في مقر رئاسة الوزراء، مكنتها الخروج من هذه المشكلة بشكل دبلوماسي، ربما يحقق لها مكاسب كبيرة أمام الرأي العام الداخلي، والوكلاء والأذرع في الإقليم".
بدوره قال الدكتور عادل درويش، المحلل السياسي والصحفي المعتمد لدى مجلس العموم البريطاني، إن "الإيرانيين لديهم سوء فهم كبير، والصحافة البريطانية اليسارية، والاتحاد الأوروبي، وقوى أخرى في المنطقة تزيد من هذا المفهوم الخاطئ، والذي يرى أن القانون الدولي يساوي بين اختطاف طهران لناقلة تبحر في مياه دولية، وبين تنفيذ بريطانيا لقرار الاتحاد الأوروبي في مياه إقليمية بريطانية (حكومة جبل طارق)".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "الطرح المتداول بشأن إمكانية تبادل الناقلات ترفضه بريطانيا، خصوصا أن الحكومة الجديدة أكثر قوة من الحكومات السابقة، ولن ترضى بهذا التنازل، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي سبب المشكلة، ولم يقدم الدعم اللازم لبريطانيا".
ومضى قائلًا: "الحكومة الجديدة تربطها علاقة قوية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وربما يكون هناك توافق أنجلو أمريكي لن يصب في صالح إيران، خصوصا وأن التعامل لن يكون بمواجهة عسكرية، بل عبر خنق اقتصادي شديد لطهران".
الاتفاق النووي
ويشهد الخليج منذ العام الماضي توترا متصاعدا على خلفية انسحاب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، وإعادة فرضه عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وشهدت المنطقة جملة هجمات استهدفت ناقلات نفط وطائرات مسيّرة أدت إلى مزيد من التصعيد.
وتتّهم الولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت في حزيران/يونيو ناقلات نفط في مياه الخليج، وهو ما تنفيه طهران.
وفي 19 تموز/يوليو احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها المؤلف من 23 بحارا.
واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل تموز/يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق.
ودعت عمان إلى الإفراج عن السفينة البريطانية "ستينا إمبيرو"، كما حثت لندن وطهران على إيجاد حل دبلوماسي للنزاع بينهما.