ويأتي الصراع على البيت الأبيض في هذه المرة في خضم أحداث جلل يشهدها العالم، بدءا من الصراع الدائر في مختلف مناطق العالم وحتى التحذيرات الكبرى من التغير المناخي والتي يسخر منها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
مواعيد مهمة
من المقرر أن تجرى الانتخابات الأمريكية يوم 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
المرشحون الرئيسيون سيتم الإعلان عنهم بصورة رسمية في النصف الأول من عام 2020.
من المعروف أن الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، هما أصحاب الحظوظ الأوفر في انتخابات الرئاسة الأمريكية، لذلك فأعين الجميع تكون متجهة إلى ما يطلق عليه المؤتمر الوطني لكل حزب.
سيعقد المؤتمر الوطني الديمقراطي في الفترة من 13 إلى 16 يوليو/ تموز 2020 ولم تحدد المدينة أو الولاية التي ستستضيف المؤتمر حتى الآن.
بينما سيقام المؤتمر الوطني الجمهوري في مدينة تشارلوت بولاية "نورث كارولينا" الأمريكية في الفترة من 24 إلى 27 أغسطس/ آب 2020، وفقا لما نشرته وكالة "رويترز".
تغيير قانوني
تشهد انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020 تغييرا قانونيا كبيرا، حيث قضت محكمة الاستئناف الفيدرالية الأمريكية أن أعضاء المجمع الانتخابي يمكنهم يتحدوا أصوات الناخبين في ولاياتهم.
وقالت المحكمة في بيان نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إن أعضاء المجمع الانتخابي، يمكنهم أن يدلوا بأصواتهم الفعلية لانتخاب الرئيس الأمريكي، بغض النظر عما إذا كان اختيارهم مؤيد أو معارض للتصويت الشعبي في أي ولاية.
وجاء هذا الحكم بعد واقعة انتخابات 2016 في ولاية كولورادو الأمريكية، والتي اختار فيها أحد أعضاء المجمع الانتخابي، مايكل باكا، الديمقراطي، المرشح الجمهوري حينها دونالد ترامب، رغم أن كلينتون كانت متصدرة في الأصوات الشعبية بالولاية، واستبدلت لجنة الانتخابات صوت باكا بصوت عضو آخر في المجمع الانتخابي كان قد انتخب كلينتون، رغم حسارتها صراع البيت الأبيض في النهاية.
الديمقراطيون القدامى
الصراع داخل الحزب الديمقراطي على أوجه، منذ خسارة هيلاري كلينتون الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترامب، مع وجود تقارير عديدة تشير إلى افتقار الحزب الديمقراطي حتى الآن القيادة القادرة على منافسة ترامب بصورة كبيرة.
لكن هناك صراع آخر يدور في أروقة الديمقراطي، ألا وهي الصراع بين التيار القديم أو ما يطلق عليه "الحرس القديم"، والذي يمثله نائب الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، والتيار التقدمي الحداثي المائل إلى اليسار، الذي يمثله المرشح الرئاسي السابق، بيرني ساندرز، والسيناتور الأمريكية، إليزابيث وارن، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
Jay Inslee ends 2020 Democratic presidential bidhttps://t.co/o1szbY5hQA pic.twitter.com/OkrhVQCcyO
— The Washington Times (@WashTimes) August 22, 2019
ويبدو أن هذا الصراع بات في أوجه، عقب إعلان مرشح ديمقراطي ثالث، جاي إنسلي، حاكم ولاية واشنطن، الانسحاب من السباق الرئاسي.
وأشارت "فرانس برس" إلى أن انسحاب إنسلي، ربما يكون دليلا على تعاظم قوة "الحرس القديم"، خاصة وأن حاكم ولاية واشنطن السابق، كان ينظر له على أنه ضمن التيار التقدمي، خاصة وأنه ركز حملته الانتخابية على حماية البيئة والتصدي للتغير المناخي، وفقا لما ذكرته شبكة "فوكس" الأمريكية.
ووفقا لآخر استطلاعات الرأي فإن نائب الرئيس السابق جو بايدن يتصدر نوايا التصويت لدى ناخبي الحزب الديمقراطي بنسبة 28,8%، يليه السناتور بيرني ساندرز بنسبة 16%، ثم السناتور الأمريكية إليزابيث وورن بنسبة 15,4%، بحسب موقع "كوارتز" الأمريكي.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، حول ما وصفته بـ"الحصان الأسود" للانتخابات الأمريكية، ألا وهي إليزابيث واران.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن وارن تكتسب يوما بعد يوم أرضية جديدة، تجعلها تتسلل من دون أن يدري أحد لمنافسة قوية مع دونالد ترامب.
وأوضحت أن وارن تلعب بنفس قواعد اللعبة الترامبية، ألا وهي "الهجوم أفضل وسيلة من دون أي دفاع".
وتركز إليزابيث وارن حملته الرئاسية إلى الهجوم على ترامب وعلى سياساته وعلى قراراته، مستفيدة بأي وسيلة ممكنة، سواء ما حدث مع نائبات الكونغرس، إلهان عمر ورشيدة طليب، وهجوم ترامب عليهما ومطالبته إياهما بالرحيل إلى بلادهما الأصلية "الصومال وفلسطين".
كما تهاجم وارن ترامب، مستفيدة من سجلها ناصع البياض فيما يخص مجال الأعمال، متحدثة عن "الفساد المستشري جراء اقترام المال بالسياسة".
US Democratic presidential hopeful #ElizabethWarren apologized again for her claims in the 1980s that she is #NativeAmerican, speaking to a crowd of tribal leaders in Iowa https://t.co/9BFLxP7SIj pic.twitter.com/RYZzrY0Q2u
— Arab News (@arabnews) August 19, 2019
وتوصف وارن بأنها سيدة اللعب على كل الحبال، فهي تتحدث عن سياسة جذرية مختلفة للحزب مع الاحتفاظ بقيمه الرئيسية، فهي تتحدث عن ضرورة إنعاش الاقتصاد مع تدمير ذلك "النظام المحكم الذي يساعد الأثرياء وأصحاب العلاقات الجيدة ودفع بالقذارة في وجه كل شخص آخر".
ويتمركز من جانبهم "القدامى" أو "الحرس القديم"، عند مبدأ أن البرامج التقدمية الكبيرة من جانب بيرني ساندرز أو إليزابيث وارن، وحديثهما عن إصلاحات جذرية للفوز على ترامب، ربما تؤدي إلى دفع "الناخبين المستقلين" إلى الهرب والانتقال إلى المعسكر الجمهوري.
ويعرف مصطلح "الناخبين المستقلين" على أولئك الذين ليس لديهم انتماء حزبي واضح في الولايات الأمريكية، والذين تصبح آرائهم متأرجحة حتى وقت قليل قبل الانتخابات.
خيانة ترامب
وفي المعسكر الآخر بالحزب الجمهوري، رغم أن الأمور أكثر هدوءا لأن الحزب الجمهوري لن يطرح مرشحا رئاسيا ضد ترامب، وفقا للقواعد المتبعة بألا يطرح الحزب أي مرشح ضد الرئيس الحالي المنتمي إلى حزبه، إلا أن السخونة تأتي من مناطق أخرى.
تزداد سخونة الأحداث مع اقتراب الانتخابات، فيما يوصف بخسارة ترامب اللوبي اليهودي المؤيد له، والذي مهد له الطريق من أجل الفوز في الانتخابات السابقة.
ولم يقف ترامب صامتا أمام تلك التقارير، بل خرج بتصريحات نارية، اتهم فيها بأن من يسعى من اليهود الأمريكيين للتصويت إلى الحزب الديمقراطي، فهو "يخون" إسرائيل.
وقال ترامب، بحسب تقارير صحفية إسرائيلية: "تصويت اليهود الأمريكيين للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، يعد خيانة لليهود، ودولة إسرائيل".
الهجوم المعاكس
دخل في الفترة الماضية دونالد ترامب في جدال واسع وصراع كبير مع عدد من نائبات الكونغرس الأمريكيات ذوات الأصول غير الأمريكية، أبرزهما إلهان عمر، ذات الأصول الصومالية، ورشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية، بالإضافة إلى نائبتين أخرتين ذوات أصول لاتينية، بعدما أصدرت تلك النائبات انتقادات سياساته ضد الهجرة.
I have a question.
— Hananya Naftali (@HananyaNaftali) August 22, 2019
Ilhan Omar & Rashida Tlaib are expressing support for Palestinian terrorists, engaged with Holocaust deniers, spread Antisemitism, support BDS and attack America’s greatest ally in the region -Israel.
Why Democrat leaders are silent? Silence = agreement? pic.twitter.com/Uo2CpTF6XY
وطالب ترامب تلك النائبات بالاعتذار أو الرحيل إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما خلق موجة غضب أخرى.
وكتب "ترامب" في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "متى تعتذر نائبات اليسار الأصولي بالكونغرس لبلادنا، وللشعب الإسرائيلي، وحتى لمكتب الرئيس، للغة الكريهة التي استخدمنها، والأشياء الرهيبة التي قلنها، الكثير من الناس غاضب منهن".
وقال ترامب في تغريدة: "من الغريب أن نرى الآن عضوات الكونغرس الديمقراطيات "التقدميات"، اللائي جئن أصلاً من بلدان تعتبر حكوماتها كارثة كاملة وشاملة، والأسوأ والأكثر فساداً وغير الكفؤة في أي مكان في العالم. وفي الوقت نفسه يخبرن شعب الولايات المتحدة (أعظم وأقوى أمة على وجه الأرض)، بشراسة كيف تتم إدارة حكومتنا".
وأضاف: "لماذا لا يعودون ويساعدون في إصلاح الأماكن المنهارة تمامًا والمليئة بالجريمة التي أتوا منها. ثم يعدن ليوضحن لنا كيف تم ذلك".
When will the Radical Left Congresswomen apologize to our Country, the people of Israel and even to the Office of the President, for the foul language they have used, and the terrible things they have said. So many people are angry at them & their horrible & disgusting actions!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) July 15, 2019
واختتم ترامب سلسلة تغريداته، قائلاً: "تحتاج هذه الأماكن إلى مساعدتكن بشدة، ولا يمكن أن تتركوها بسرعة كافية. أنا متأكد من أن نانسي بيلوسي (رئيسة مجلس النواب) ستكون سعيدة للغاية لوضع ترتيبات السفر المجانية بسرعة".
ولكن صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريرا، تحذر فيه من أن ترامب يمكن أن يستفيد منذ هذا الصراع بصورة كبيرة، لأنه يزيد من تطرف وهجوم النائبات، فيما يستفيد ترامب من زيادة شعبيته في الداخل الأمريكي ويجعله يكسب أرضا جديدة ضد أولئك المعارضين للهجرة.
وأشارت إلى أن ترامب، كثيرا ما استفاد من الهجوم عليه بصورة جيدة، نظرا لما يشكله من "رد فعل معاكس" قوي، مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية السابقة، والتي شنت فيه هيلاري كلينتون هجوما واسعا على شخص ترامب، والذي كان له رد فعل عكسي كبير وصل بسبب ترامب إلى البيت الأبيض، رغم أن كلينتون كانت متصدرة استطلاعات الرأي لفترة طويلة في الانتخابات.