وتمثل الحالة السورية خصوصية كبيرة في القرن الحالي، خاصة مع استمرار الأزمة منذ 2011 حتى اليوم، إلا أن بعض الذين خرجوا من ديارهم لم تكسرهم الظروف وتحدوها، كما وقف من بقي في الداخل في وجه الإرهاب والعنف.
بعض قصص النجاح وتحدي الظروف تؤكد أن الإرادة السورية التي انتصرت على أعداء الوطن، استطاعت أيضا أن تحقق أحلامها في الخارج في بلاد غير بلادهم.
فتيات على بداية الطريق
في حديثها لـ"سبوتنيك"، قالت لجين عبد الرزاق (22 عاما) حاصلة على بكالوريوس إذاعة وتلفزيون بجامعة حلوان، إنها وصلت مصر منذ 7 سنوات وكانت ينتابها الشعور بالخوف في البداية بشأن الكثير من التساؤلات حول مستقبلها.
وأضافت: "في البداية كان الأمر يمثل لي صعوبة في الغربة، خاصة أننا كنا مع والدتنا دون الوالد، وبقينا ثلاث سنوات دون الأب وهي بذاتها صعوبة كبيرة، كما كانت التقاليد والعادات تمثل أحد المصاعب".
تخرجت لجين من الثانوية العامة والتحقت بكلية الإعلام التي كانت تحلم بها منذ صغرها، إلا أن بعد الصعوبات كانت تواجهها أيضا في الجامعة. متابعة: "على الرغم من الصعوبات التي واجهتني في البداية إلا أن المصريين خففوا من تلك الصعوبات ووجدت الجميع بجواري، حيث تعاون الجميع معي على أني منهم، وهو ما ساعدني على التأقلم معهم".
تخصصت لجين بقسم الإذاعة والتلفزيون حتى يصل صوتها للعالم كما حلمت منذ الصغر، كما أنها بدأت بمشروعات صغيرة في الجامعة خلال السنة الدراسية الثالثة.
أمازيغ مصر
أوضحت لجين أن مشروع التخرج كان حول منطقة "سيوة"، وتناول حياة الأمازيغ في مصر، وأنها تسعى لأن تصبح إعلامية كبيرة في المستقبل.
تضيف لجين أن تجربة مشروع التخرج كانت صعبة، خاصة أن "غروب" السيناريو ضم 6 أشخاص وكان من الصعب الاتفاق على نمط كتابة موحد، إلا أنهم تجاوزوه.
وأوضحت أن السفر لسيوة كان متعبا بشأن التصوير، خاصة أن الجميع في بداية حياتهم العملية بهذا النمط، إلا أن المشروع حصل على المركز الثاني برغم كل التحديات.
ممثلة وكاتبة سيناريو وإعلامية
قالت راما البغدادي إنها وصلت إلى مصر وكانت بالمرحلة الثانوية، وهي المرحلة الأصعب بالنسبة لها ولأي بنت خاصة في بلد آخر غير بلدها.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن البداية بالنسبة لها حملت الكثير من الصعوبات، خاصة دون وجود الأب معهم في مصر.
وتابعت: "بالرغم من أن طريقة الدراسة كانت غريبة، إلا أنني استطعت أن أتحدى كل الظروف وأتغلب عليها، وتمكنت من خلال إحدى المنح أن تساعدني في مصروفات الدراسة، وكان شرطها أن أنجح في السنوات الأربع، وتمكنت بالفعل من التفوق بدرجة امتياز".
مشروع التخرج
أوضحت البغدادي، أن مشروع تخرجها كان عن الاندماج بين المصريين والسوريين، وأنها كتبت السيناريو وشاركت بالتمثيل، كما شاركت باختيار الأماكن، وأنها حصلت على الاستشارات الدرامية من المخرجين والفنانين بمصر، وحصلت به على مركز أول، رغم كل تخوفاتها من عدم نجاح الفكرة في البداية.
ما بين مصر وسوريا
واستطردت: "على الرغم من أني أحمل شعور الفخر والعز لسوريا، لكني أشعر بالامتنان الكبير لمصر، كما أشعر بالمسؤولية تجاه مصر، واعتبرها بلدي الثاني، وأسعى لأكون صورة صادقة إعلامياً عن السوريين بمصر".
تحلم راما بأن يكون الشباب الذي تفوق في دراسته في الخارج مفيدا لبده سوريا، وأن يعملوا على تطويرها في كافة المجالات التي درسوها.
تجربة خاصة في المسرح
قالت تقى صلاح أن رحلة خروجها من سوريا إلى مصر في العام 2013 كانت صعبة جدا، خاصة أنها حاولت في البداية الخروج عن طريق لبنان إلا وأعيدت مرة أخرى إلى سوريا.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، الأحد، أن بعض الأزمات التي واجهاتها في مصر كانت في عدم التمكن من الالتحاق بالدراسة، إلا أنها التحقت فيما بعد عام بالدراسة.
قررت تقى أن تلتحق بإحدى الفرق المسرحية السورية، وهو ما غير حياتها بشكل كبير، وانعكس على شخصيتها بدرجة كبيرة، خاصة في ظل وجودها هي ووالدتها فقط في مصر.
تؤكد أنها تريد أن تكمل تجربة المسرح لما لاقته إضافات كبيرة على المستوى الفكري والشخصي، وأنها أصبحت تواجه التحديات بشكل أكبر على عكس الهروب منها في السابق.
وشددت على أن الوقوف على خشبة المسرح خلق بداخلها مواجهة الجميع، والخروج من حالة الانكسار الداخلي، وهو ما ساهم في تحملها للمسؤولية خاصة في ظل وجودها مع والدتها فقط بمصر منذ نحو 7 سنوات.