وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يلوح فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على المسؤولين الحاليين والسابقين الأتراك، وأي أشخاص يشاركون في أعمال تركيا المزعزعة للاستقرار في شمال شرق سوريا.
خطوة أمريكية
وعن سحب الولايات المتحدة لأسلحتها النووية من القاعدة الجوية في تركيا، رحب في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الكاتب والمحلل السياسي باكير أتاجان بهذه الخطوة، وأكد أنها تأتي في صالح تركيا، ويقول: "أعتقد أنها ستكون خطوة لصالح تركيا، لأن هذه الأسلحة تهدد الأمن والسلامة العامة، وهي تهدد الشعب التركي قبل أن تهدد أي منطقة أخرى".
ويكمل أتاجان: هذه الأسلحة متواجدة منذ فترة طويلة في قاعدة قريبة من أنجرليك وهي تابعة لها، وهي تعتبر تهديد للسلام العالمي، كما أن تركيا غير راضية عنها منذ البداية، وهذه الأسلحة غير محبذة من قبل الداخل التركي.
وأشار بدوره أستاذ العلاقات الدولية في جامعة اسطنبول الدكتور سمير صالحة في لقاء مع "سبوتنيك" بأن هذه الأنباء لا تزال عبارة عن أحاديث صحفية، وقد لا تتعدى ذلك، ويتابع: حتى الآن لا يوجد أي شيء رسمي مؤكد لا في الجانب التركي ولا الأمريكي، بل هي فقط معلومات صحفية تنسب إلى بعض الأشخاص، ولا أظن إطلاقا بأن الولايات المتحدة ستذهب في منحى اعتماد استراتيجية تحول من هذا النوع في علاقاتها الأمنية والعسكرية مع تركيا.
ويضيف: في الآونة الأخيرة سمعنا أكثر من تصريح لمسؤولين أمريكيين، يشيدون بهذه العلاقات ورفض التصعيد، رغم التدابير الاقتصادية التي تلوح بها واحتمال أن يكون هناك رد تركي عليها.
نهاية التحالف؟
وكان زعيم حزب الوطن التركي دوجو برينسك قد دعى إلى إغلاق قاعدة إنجرليك الأمريكية، ما يهدد بنهاية التحالف الأمريكي التركي، وعن ذلك يقول باكير أتاجان: ربما لا تكون نهاية التحالف، فالولايات المتحدة ليس من الأمر السهل بالنسبة لها أن تتخلى عن تركيا بهذا الشكل، لذلك لا أعتقد ذلك.
أما الدكتور صالحة فيرى أن العلاقات بين الطرفين لن تصل إلى هذا الحد، كون التحالف متين واستراتيجي بين الطرفين، ويوضح: أظن أن الولايات المتحدة لن تقدم على خطوة من هذا النوع، لذلك مناقشة سيناريوهات احتمال حدوث هذه الخطوة من المبكر جدا الحديث فيها، وزيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى تركيا وحديثه حول أهمية تركيا وموقعها في الأطلسي، يؤكد أن التنسيق مستمر بشقه الإستراتيجي.
ويكمل أستاذ العلاقات الدولية: صحيح أن هناك تقارب تركي روسي واسع، وصحيح أن هذا التقارب سيستمر في المرحلة المقبلة، لكن في وسط هذه الظروف والمعطيات لا أظن أن الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي سيدخلان في مراجعة سياستهما الأمنية الإستراتيجية في مسائل حساسة.
رد تركي
وعن الرد الذي يمكن أن تتخذه تركيا على هذه الخطوة، يعتقد المحلل السياسي أتاجان بأنها لا تستحق الرد، كونها تأتي في صالح تركيا، ويكمل: لا يوجد رد تركي على هذه الخطوة، وكما أشرت تركيا غير راغبة في هذه الأسلحة، لذلك لن تعارض هذه الخطوة أبدا.
أما الدكتور صالحة فشدد على أن هذا الأمر لا يتعدى كونه إعلامي، ويبين: كما قلت حتى الآن التصعيد يتم عبر وسائل الإعلام، نعم نسمع مواقف لبعض السياسيين في الجانبين تذهب في منحى التصعيد، لكن في جميع الأحوال كل طرف يتحسب لارتدادات أي خطوة تصعيدية، فهي تؤثر بشكل واسع على مسار العلاقات والتحالفات.
ويستطرد: هناك زيارة مرتقبة لوفد أمريكي سياسي عسكري دبلوماسي إلى أنقرة، وأظن أن هذه المسائل ستناقش وما زلت عند أن الولايات المتحدة لن تغامر بخسارة حليف وشريك إقليمي مهم مثل تركيا، بهذه السهولة.
العقوبات الأمريكية
وعن العقوبات التي هدد الرئيس ترامب بفرضها، وآثارها على عملية نبع السلام وعلى الاقتصاد التركي بشكل عام، يقول باكير أتاجان: لن يكون هناك تأثير أبدا على عملية نبع السلام، بل على العكس ستعطي شعورا بأن تركيا على حق، وسوف تستمر بالعملية.
ويواصل: أما بالنسبة لتركيا من الطبيعي أنها ستأثر عليها اقتصاديا وتجاريا، ولكنها ليست المرة الأولى، لذلك هذا التأثير سيكون شكلي أكثر من أن يكون فعلي.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة أن هذه العقوبات لن يكون لها أي أثر حقيقي، ويتابع: هذه ليست المرة الأولى التي ندخل فيها بنقاش حول موضوع العقوبات، وتم طرح مثل هذه الموضوع أكثر من مرة في أكثر من أزمة، نعم ربما سيكون هناك عقوبات وقد يكون هناك رد تركي، لكني أرى أن هذه القرارات لا قيمة حقيقية لها في التأثير على مصالح البلدين.
وختم صالحة قوله: القيادات السياسية في البلدين تحدثت قبل أيام عن رفع مستوى التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بين الجانبين، وهذا يؤكد بأن هناك رغبة موجودة لحماية العلاقات، رغم هذه الأزمة في التعامل مع الملف السوري.