وجاءت الخطوة الإيرانية بعد فشلت كل المساعي الأوروبية، خاصة الفرنسية في حلحلة الأزمة الراهنة، خصوصا في ظل تعنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإصرار إيران على تحقيق مطالبها.
إيران أعلنت أنها لم تشهد أي إجراء حقيقي من جانب أوروبا لحل الأزمة، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن هناك إمكانية للخيار الدبلوماسي، خصوصا من الجانب الفرنسي، الأمر الذي يطرح تساؤلا ملحًا حول إمكانية فرنسا في وضع حد للأزمة، في ظل فشل كافة محاولاتها السابقة.
تقليص الالتزامات
وأشار عباس في تصريح لوكالة "أنباء الإذاعة والتلفزيون" إلى أن الخيار الدبلوماسي مفتوح، وهناك أجراءات وتحركات في هذا المجال من جانب الأوروبيين، وخاصة الفرنسيين، وهم ما زالوا يحاولون اتخاذ إجراء في سياق الوفاء بالتزاماتها، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "فارس".
وتابع المتحدث باسم وزارة الخارجية : "لم نشهد أي إجراء من قبل الأوروبيين حتى الآن".
وقال موسوي إن "المساعي لم تسفر إلى الآن عن نتائج ملموسة ونعتقد أن اللجنة التي تم تشكيلها في المجلس الأعلى للأمن القومي تعمل على الخطوة الرابعة لخفض الالتزام النووية، وإذا استمرت الظروف على هذا المنوال فإننا سنتخذ الخطوة الرابعة".
وأشار موسوي إلى أن "التحركات الدبلوماسية بيننا وبين جيراننا بل وأبعد من ذلك متواصلة، فبعد زيارته لعُمان وجنيف يعتزم وزير الخارجية القيام بجولة في خارج المنطقة خلال الأسابيع المقبلة".
موقف إيراني
الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، عماد ابشناس، قال إن "في الظروف الحالية، وخاصة في ظل التعنت الأمريكي من المستبعد أن تنجح فرنسا في فرض حل سياسي بين إيران وأمريكا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "مسبقًا أصرت فرنسا في المضي قدمًا لحلحلة الخلافات بين طهران وواشنطن، وضمان نجاح تلك المحاولات يكمن في عدم وقوف باريس تجاه طرف ضد الطرف الآخر".
وتابع: "المشكلة تكمن في أن فرنسا والدول الأوروبية عامة، على الرغم من أنهم يعلنون رسميًا الوساطة بين طهران وواشنطن، يتخذون خطوات تراها إيران بأنهم يقفون في صف أمريكا".
وعن التهديدات الإيرانية الأخيرة بتقليص التزاماتها النووية مجددًا، قال ابشناس: "إيران بحسب الاتفاق النووي يحق لها أن توقف جميع التزاماتها تجاه الاتفاق، طالما لم تقم الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها، أمريكا وأوروبا لم يلتزموا، لذلك إيران تذكرهم بأنها تستطيع تقليص الالتزامات، والتخلي عنها".
ومضى قائلًا: "التصريحات الإيرانية الأخيرة تؤكد أن طهران تعطي فرصة للأوروبيين لاتخاذ خطوات، في الوقت نفسه تؤكد للمجتمع الدولي أن ما يحدث بسبب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وأوروبا لا تستطيع الالتزام، لذا من حق إيران أن تقلص التزاماتها خطوة خطوة".
فشل أوروبي
من جانبه قال رامي الخليفة العلي، الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة "باريس 10"، إن "الاتفاق النووي يترنح منذ أن قامت الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق، خصوصا وأن طهران ترى أن الدول الأوروبية لم تستطع الوفاء بالتزاماتها لتعويضها عن العقوبات التي فرضتها عليها الإدارة الأمريكية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "أوروبا وخصوصا فرنسا فشلت فيما يتعلق بآلية التبادل التجاري، فيما لم يكن عرض الائتمان المالي مقنعًا للإيرانيين".
وتابع: "الجانب الإيراني هو الآخر لم يف بالتزاماته للجانب الأوروبي، الذي طالب بتغيير سياساتها في المنطقة، لذلك باعتقادي أن الاتفاق بات في مهب الريح".
محاولات فرنسية
ومضى قائلًا: "لكن أعتقد أن المحاولت الفرنسية ستستمر لأن فرنسا تريد أن تحافظ على حد معين من التوتر، لا تريد أن تنفجر الأوضاع وهذه مصلحة أعتقد أن الجميع يسعى للوصول إليها، إيران لا تريد الدخول في مواجهة مع أمريكا، وترامب يريد زيادة الضغوط على طهران لكنه لا يريد أيضا مواجهة شاملة، والجانب الأوروبي يرى أن المواجهة الشاملة في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج العربي ستؤدي إلى التأثير على الوضع الأمني والاستقرار في المنطقة والوضع الاقتصادي".
وأنهى حديثه، قائلًا: "الحد الذي نجحت الإدارة الفرنسية فيه هو عدم الوصول إلى الصدام المسلح، ماعدا ذلك هناك عدم قدرة أوروبية على التأثير الحقيقي والفعلي حول الملف النووي".
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الثامن من أيار/مايو 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، عام 2015، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت فيها الإدارة الأمريكية تجفيف الموارد المالية الإيرانية، وفرض عقوبات على مشتري النفط الخام الإيراني ومنتجاته.
وردت إيران على ذلك بإعلانها مؤخرا عدم الالتزام بمجموعة أخرى من المعايير التي تم الاتفاق عليها عام 2015، واتخذت ثلاث خطوات في طريق تقليص تعهداتها النووية، كان آخرها في 7 أيلول/سبتمبر الماضي، عندما رفعت القيود على أبحاث ومستوى تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الأسبوع الماضي، أن المرحلة الرابعة من تقليص الالتزام بموجب الاتفاق النووي جاهزة، معربة عن آمالها أن تفي أوروبا بالتزاماتها حتى تكون هناك حاجة لتنفيذها.