الطبيعة القاسية التي تميز المنطقة تستجلب ظروفا استثنائية، ليس أخطرها المسلحين الآسيويين ذوي الأصول الأوزبكية والصينية ومن جنسيات أخرى، ولا امتداد الجبهات وتنوع خطوط الإمداد المفتوحة عبر الحدود التركية السورية، وإنما تشكل أرض المعركة الفيصل فيما يحدث هناك، كونها صعبة للغاية وتتكون من سلال التلال الصخرية والجبال الشاهقة، إضافة للوديان العميقة والمغاور التي لم يصل إليها كثير من البشر سابقا.
في مثل هذه الوقت من العام، يعد المناخ عاملا استثنائيا يراكم صعوبات كبيرة على يوميات الجنود السوريين المرابطين في وجه المسلحين الآسيويين، فمن الضباب الكثيف الذي يعد بيئة مناسبة لتسلل هؤلاء، إلى الأمطار الموسمية الغزيرة التي تعيق التحرك المرن، ومن ثم الثلوج الكثيفة التي بات موسمها على الأبواب. جميع هذه العوامل تجعل عمليات الرصد والاستطلاع والدفاع عن الأرض أمر غاية في الصعوبة.
ومع تنوع الجنسيات الآسيوية من ذوي الجذور التركية ممن يقفون على الضفة الأخرى من الجبهة، عادة ما يتندر الجنود السوريين بالقول أنهم يرابطون على جبال "تورا بورا" القاسية، أو أن "تورا بورا" انتقلت إداريا إلى جبال اللاذقية، وذلك رغم الفوارق البيئية بين المنطقتين.
مصدر عسكري أوضح لمراسل "سبوتنيك"، أن جبهتي ريف اللاذقية الشمالية والشمالية الشرقية هي الأعقد جغرافياً والأكثر صعوبة مقارنة بباقي المناطق، كونها تجري على شريط جبلي متعرج، يبدأ شرقاً من تلال جب الأحمر عند نهاية (سهل الغاب) بريف حماة الغربي، مرورا بسلاسل جبال التركمان والأكراد وحتى المعبر الحدودي الشرعي مع تركيا، نزولاً إلى الشاطئ البحري على المتوسط، كل هذا يجعل ظروف المعركة متغيرة وتؤثر على سرعة التقدم وإنجاز العملية العسكرية التي تهدف إلى السيطرة على (بلدة كباني) والتلال المحيطة بها في المرحلة الأولى.
وتجري منذ أيام معارك عنيفة في الجهة الشمالية الشرقية لريف اللاذقية المتاخمة لريف إدلب يسعى من خلالها الجيش السوري إلى إسقاط أربع تلال حاكمة تقع تحت سيطرة فصائل "النصرة" وتجاور بلدة "كباني" الإستراتيجية التي تستقطب حشود كبيرة للمسلحين وتعزيزات نارية خوفاً من وصول القوات السورية إليها، باعتبارها طريقاً رئيسياً ومدخلاً نحو ريف إدلب وتحديداً إلى منطقة (جسر الشغور) المنخفضة.