قال ترامب إن انسحاب بلاده من الاتفاق سيحد من الروتين المقيد لقطاع الصناعة الأمريكي لكن انسحابها يعنى انها الدولة الوحيدة التي خرجت من الاتفاقية على الرغم من التقديرات التي تشير أنها مسؤولة عن 25% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري كما أنها من كبار منتجي النفط والغاز.
يدخل انسحاب واشنطن من المعاهدة في صلب الصراع السياسي الداخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ومع بدء موسم الحملات الانتخابية قرر ترامب تنفيذ أحد أهم وعوده الانتخابية بالانسحاب من اتفاقية باريس التي يعتبر أنها "تؤذي الاقتصاد الأمريكي" وتترك دولا مثل الصين "تزيد من انبعاثاتها بلا رادع" فيما يقول الجمهوريون إن الانسحاب سيفقد واشنطن الكثير من التأثير على الساحة العالمية، كما يرفض الانسحاب أيضا ما يقرب من ثلثي الأمريكيين .
ولأن الصين لاعب رئيسي في هذا السياق أعلنت فرنسا إن انسحاب واشنطن "يجعل الشراكة الفرنسية الصينية فيما يتعلق بالمناخ والتنوع البيولوجي أكثر إلحاحا"، وأعلن الرئيسان الفرنسي ايمانويل ماكرون والصيني شي جين بينغ انهما سيوقعان اتفاقا الأربعاء يشمل فقرة تنص على "عدم الرجوع عن اتفاقية باريس".
اتفاقية باريس للمناخ المعروفة باسم "كوب 21" هي أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، وتم ابرامه بعد مفاوضات مطولة أثناء مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في باريس عام 2015، وقد حدد الاتفاق هامش الاحترار بدرجتين مئويتين ما يعتبره العلماء حيويا لاحتواء أسوأ تداعيات الاحترار من جفاف وفيضانات وعواصف وحرائق وغيرها ، وهو في رأي فرنسا اتفاق مناسب ودائم ومتوازن وملزم قانونيا بحلول موعد النفاذ العام عام 2020.
قال د. سيد صبري، استشاري التغيرات المناخية والتنمية المستدامة والمستشار السابق بوزارة البيئة إن "جوهر اتفاقية باريس هو مشاركة جميع دول العالم في جهود خفض الانبعاثات، بحيث لاتزيد نسبة الزيادة في درجة حرارة الأرض عن درجتين مئويتين، وإلا سيكون هناك تداعيات السلبية على البيئة والصحة والاقتصاد العالمي".
وأشار صبري إلى أن "الولايات المتحدة مسؤولة عن 25 بالمئة من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، والانسحاب من الاتفاق ربما جاء نتيجة ضغوط من اللوبيات الصناعية ولوبيات شركات الطاقة".
وأكد الاستشاري إن "الدول العربية من أكثر الدول المعرضة لمخاطر التغيرات المناخية نظرا لان معظمها صحراء بالتالي هناك مخاطر التصحر وشح المياه التي ستؤثر على الأمن الغذائي، كما ان ارتفاع مستوى البحر سيؤثرعلى دلتا النيل في مصر وهي مركز مهم للزراعة والصناعة فضلا عن سيناريوهات انخفاض موارد المياة في مجرى النيل، وذلك رغم ان نسبة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الدول العربية مجتمعى لاتتجاو 4 بالمئة".
قال الكاتب والمحلل السياسيى دكتور نصير العمري إن "ترامب خرج من اتفاق باريس بناء على قرار اتخذه فور وصوله لسدة الحكم لزعمه ان الاتفاقية تعطي تنافسية للصين ودول أخرى على حساب الشركات الأمريكية، وقد صرح انه من الممكن أن يعود إلى الاتفاقية إذا التزمت الصين وغيرها بشروط التناقسية، والانسحاب الحالي إداري وهناك وقت للتراجع لكن سياسة ترامب بشكل عام هي عدم الزام الولايات المتحدة باي اتفاقية تحد من التنافسية الأمريكية".
وكشف العمري أن "استطلاعات الرأي الأمريكي تشير إلى أن 59 من المواطنين الأمريكيين يرفضون خروج بلادهم من الاتفاقية ويريدون ان تقود بلادهم الجهود العالمية في ملف المناخ والبيئة".
قال الباحث في العلاقات الدولية ناصر زهير إن "فرنسا والصين لن تتمكنا من تجاوز الاثر السلبي لانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس لأن الولايات المتحدة حجر اساس في المعاهدة، وانسحابها يقوةض الجهود وسيعطي فرصة للصين بعدم الالتزام بالمعاهدة حيث كانت بكين الطرف المعني ببذل الجهد الأكبر في هذا المجال، ومن وجهة نظرعملية لايوجد ما يلزم واشنطن سوى الاتفاقات الدولية وقد اثبتت بقيادة ترامب أنها لاتحترم اي اتفاقات دولية، وبهذا الانسحاب اصبحت اتفاقية باريس بحكم المنتهية الآن".
وأكد زهير انه "لاتوجد آلية دولية لفرض قوانين مكافحة التغيرات المناخية وقد رأينا في حرائق الأماززون كيف رفض الرئيس البرازيلي حتى عروض للمساعدات الدولية، ومن المتوقع ان تتجه الدول لاحقا إلى تشديد القوانين البيئية وفرض عقوبات، وربما نشهد ضغوطا من الشارع في العالم مع خروج المتظاهرين المدافعين عن البيئة".
إعداد تقديم: جيهان لطفي