كشف تقرير صدر مؤخرًا عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن أكثر من 45% من الأردنيين يفكرون بالهجرة إلى خارج الأردن، والنسبة الأكبر من الشباب، وهي ضعف النسبة التي كانت عليه في 2016.
هجرة أردنية
وبحسب استطلاع الرأي، أشار 45% من المواطنين بأنهم فكروا بالهجرة خارج الأردن، حيث تعتبر النسبة ثاني أعلى نسبة عربيًا بعد السودان (50%)، والأعلى في الأردن منذ عام 2007، وهي ضعف ما كانت عليه العام 2016.
وحسب الفئات العمرية، فكانت نسبة الأعلى لدى الفئات الشابة (18-29) بنسبة 59%، والحاصلين على التعليم العالي 52%.، واحتلت الأسباب الاقتصادية النسبة الأعلى (83%)، كسبب رئيس للهجرة، تلتها أسباب متعددة وبنسب ضئيلة أهمها فرص التعليم.
في حين احتلت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، النسبة الأعلى كجهة مفضلة للهجرة (40%)، تلتها دول مجلس التعاون الخليجي (31%)، وأوروبا ( 16%).
أشار 71% من المستطلعين آرائهم إلى أن التحدي الأهم الذي يواجه الأردن اليوم هو الوضع الاقتصادي العام في البلد، تلاه تحدي الفساد المالي والإداري (17%)، بينما توزعت باقي التحديات وبنسب ضئيلة على الخدمات العامة والإرهاب والتطرف الديني والتدخل الخارجي.
وقيّم 77% من المواطنين الوضع الاقتصادي الحالي بالأردن بأنه سيء، فيما تشير المقارنات مع الأعوام السابقة بأن تقييم الوضع الاقتصادي سيء قد كان مستقراً فوق الـ50% منذ العام 2011 وحتى 2016، ولكنه ارتفع بـ23 نقطة بين عامي 2016 و2018.
أما بالنسبة لمقارنة الوضع الحالي خلال الأعوام القليلة القادمة (3-5 أعوام)، فقد كانت نسبة الذين أجابوا بأنه سيكون سيئًا 45%، وهي أعلى نسبة منذ العام 2007.
دوافع الأردنيين للهجرة
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذه الزيادة تعني أن تغيرًا ملموسًا قد حصل على توجهات الأردنيين خاصة الشباب منهم، حيث يشير التقرير إلى أن النسبة الأكبر من الراغبين بالهجرة هم من فئة الشباب وبما يقرب من 80%، وأن العامل الاقتصادي هو السبب الرئيسي الذي يدفعهم للتفكير بالهجرة".
وأكد أنه "من الواضح أن هذا الارتفاع يتزامن مع الارتفاع الكبير وغير المسبوق على معدل البطالة الذي تشهده المملكة منذ عام 2016، وتفاقمها لتصل إلى 19.2%، وهو المعدل الأعلى في تاريخ المملكة".
ومضى قائلًا: "إضافة إلى البطالة بين فئة الشباب تزيد على 40%، في ظل عدم فعالية برامج التشغيل والتدريب التي يفترض أن تستهدفهم، وضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مثل هذه البرامج التي توقفت منذ عام 2016 باجتهاد خاطئ من الحكومة السابقة، ثم أعيد تفعيلها في الحكومة الحالية".
أسباب وعلاجات
وعن باقي الأسباب التي شكلت دوافع الهجرة لدى الأردنيين، قال حمادة أبو نجمة: "يشكل انخفاض النمو الاقتصادي الذي يقدر بحوالي 2% فقط عاملا أساسيا لارتفاع معدلات البطالة نتيجة عدم قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل كافية وملائمة للأردنيين، فالداخلين الجدد إلى سوق العمل كباحثين عن عمل يزيد عددهم سنويا على مئة ألف باحث عن عمل".
بينما لا يولد سوق العمل - والكلام لا يزال على لسان أبو نجمة- أكثر من 45 ألف فرصة عمل سنويا يذهب جزء منها إلى العمالة الوافدة، وبنسبة ما بين 30-40% من هذه الفرص، وذلك نتيجة عدم ملائمتها للباحثين عن العمل الأردنيين الذين يغلب عليهم التأهيل الجامعي الذي لا يتطلبه سوق العمل، وخاصة في التخصصات الإنسانية والنظرية، بينما تتسم نسبة لا بأس بها من فرص العمل المتوفرة بطبيعة تقنية وحرفية ومهنية وأعمال لا تتطلب مهارات محددة، في قطاعات الصناعة والإنشاءات والزراعة.
وعن طرق التصدي، أضاف بالقول: "يتطلب الأمر من الدولة أن تضع حلولا فعالة على الصعيد الاقتصادي باستقطاب وتحفيز الاستثمارات التي تولد فرص عمل تلائم الأردنيين وتتناسب مع تخصصاتهم، إلى جانب إصلاح النظام التعليمي وتوجيه سياسات التعليم في كافة مراحله المدرسية والجامعية نحو التخصصات التي يحتاجها سوق العمل وخاصة منها المهنية والتقنية والتكنولوجية".
وأنهى حديثه قائلًا: "لابد من تحسين بيئة وظروف العمل في القطاعات التي لا يقبل عليها الأردنيين نتيجة انخفاض الأجور وساعات العمل الطويلة وعدم توفر شروط العمل اللائق فيها".
من جانبها، قالت الدكتورة نادية سعد الدين، باحثة وكاتبة أردنية في العلوم السياسية، إن "ارتفاع معدلات الفقر والعوز الشديدين تقف وراء أهم الأسباب التي تدفع بالشباب الأردني للتفكير بالهجرة، في ظل نقص فرص العمل المتاحة أمامهم وسط ارتفاع معدلات البطالة بين صفوفهم بشكل كبير، وذلك عندما يكون سبب هجرتهم البحث عن آفاق جديدة للعمل".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الشباب يلجأ للهجرة عند فقدانهم الأمل بأية إمكانية لتغيير الأحوال في بلادهم، أو عند انغلاق أبواب العمل أمامهم فيرحلون للبحث عن العيش والحياة الكريمة".
وتابعت: "قد يكون مسار الهجرة مرتبا بشكل مسبق، من خلال الحصول على وظيفة وعقد عمل في الموطن الجديد، ولكنه في كثير من الأحيان لا يكون كذلك، مما يجعل الوضع البائس مصير الكثير من المهاجرين".
ومضت قائلة: "يأتي ذلك في ظل فقدان الثقة عند مجموعة غير قليلة من الشباب الأردني بالحكومات المتعاقبة ومدى قدرتها، أو توفر الإرادة الحقيقية لديها لإحداث تغيير إيجابي في الأوضاع الاقتصادية المتراكمة غير المحمودة في الاْردن، مما يجعل التفكير في الهجرة هو أسهل الطرق، وأصعبها في نفس الوقت، للهروب من واقعهم السيء".
إحصاءات أردنية
وأعلنت الحكومة بمؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء عمر الرزاز، في أبريل/نيسان 2019، أن نسبة الفقر المطلق بالبلاد وصلت إلى 15.7%، وفقاً لآخر مسح نفذته الحكومة الأردنية.
وقال الرزاز، مؤخرا، إن "تشغيل الأردنيين وإيجاد فرص عمل لهم تحتل سلم أولويات الحكومة، وأن مشكلة الفقر مرتبطة بشكل رئيس بالبطالة المرتفعة بين الشباب والفتيات"، مضيفا أن الحكومة ستعمل على تقديم الحوافز اللازمة وإزالة العقبات أمام القطاع الخاص ليأخذ دوره الحقيقي في النمو الاقتصادي الذي يولد فرص العمل.
وحسب تقارير دائرة الإحصاءات العامة بلغ معدل البطالة خلال الربع الأول من عام 2019 (19.0%) بارتفاع مقداره 0.6 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2018 الذي كان يمثل 18.7%.
وبلغ معدل البطالة للذكور خلال الربع الأول من العام الحالي (16.4%) مقابل (28.9%) للإناث، ويتضح أنّ معدل البطالة قد ارتفع للذكور بمقدار 0.4 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار 1.1 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2018.
كما بينت النتائج أن معدل البطالة كان مرتفعا بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوما على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، إذ بلغ 24.4% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى.