هكذا جاءت ذكرى "ثورة الياسمين" لتؤكد على شعارات الثورة التي رفعت منذ اليوم الأول لها، "شغل.. حرية.. كرامة وطنية".
نجت تونس من مصير دول أخرى طالها "الربيع العربي"، لكنها شهدت أحداثا ضخمة، فمنذ اندلعت مظاهرات 17 ديسمبر 2010، وتحولت إلى ثورة شعبية أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني2011، وتونس على صفيح ساخن، تعاقبت حكومات وجلس على كرسي رئاسة الجمهورية 5 رؤوساء.
"اتنفسوا الحرية، شعب تونس هدالنا الحرية،
— Munathara - مناظرة (@munathara) January 14, 2020
يحيا شعب تونس، تحيا تونس العظيمة،
تحيا الحريه المجد للشهداء، يا توانسة ماعادش خوف،
المجرم هرب، المجرم هرب، بن علي هرب، بن علي هرب..."#عيد_الثورة #تونس #Tunisia #RevolutionDay #Revolution pic.twitter.com/QZK214Rl9l
وتأتي الذكرى التاسعة هذا العام والبلاد في حالة ترقب لمآلات تشكيل حكومة جديدة بات مصيرها بيد رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد سقوط حكومة اقترح رئيسها الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية حركة النهضة الإسلامية أثناء عرضها على البرلمان التونسي في 10 يناير الجاري.
وهكذا مرت تسع سنوات، بينما لا يزال الحراك الاجتماعي يطالب بالتنمية والتشغيل، وهما إحدى ركائز الثورة التونسية.
وتزينت جادة الحبيب بورقيبة بالأعلام التونسية، وتجمع الآلاف من أطفال وعائلات وشباب ورجال ونساء حول فرق موسيقية.
وحمل بعضهم لافتات كتب عليها "الشعب الذي تمكن من التخلص من الديكتاتورية يستطيع تحسين مستقبله".
التحذير من ثورة ثانية
وتظاهر المئات أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، مرددين هتافات "العمل والحرية والكرامة"، وخلال المظاهرة حذر نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي (أكبر منظمة نقابية في تونس)، السياسيين من ثورة جديدة إذ استمر الوضع على ما هو عليه من تجاذبات بين مختلف الأحزاب السياسية.
وقال الطبوبي في تصريح لوكالة "سبوتنيك": "هذه رسالة للسياسين في تونس إما أن تحكموا هذا الشعب بإخلاص وان كنتم ستواصلون في وعودكم المعتادة فالثورة الجديدة قادمة".
وأوضح الطبوبي "بعد تسع سنوات من الثورة لا يمكن أن نكون متشائمين ولا يمكن زرع الأمل في نفوس أبناء هذا الشعب".
وأضاف "تواجد الشعب في بطحاء محمد علي دلالة على أن الشعب التونسي يؤمن بالثورة ولازال المبدأ الثوري مستمر".
وطالب الطبوبي بالتسريع في تشكيل حكومة تكون إما حكومة إنقاذ وطني أو حكومة مصلحة وطنية، المهم أن تكون حكومة تبعث الأمل لدى التونسيين.
وضع اقتصادي صعب
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريح لـ"سبوتنيك"، إنه بعد 9 سنوات من الثورة "أصبحت الدولة التونسية ضعيفة جدا نتيجة الخيارات و السياسات الاقتصادية و المالية المتبعة منذ 2011".
وأوضح سعيدان أن الاقتصاد التونسي فقد قدرته على تحقيق النمو حيث كانت النسبة سنويا في حدود 1% وهي نسبة ضعيفة جدا لأنها أقل من نسبة النمو الديموغرافي وأقل بكثير من كلفة الدين الأجنبي.
سأثور سأنام على مقاعد المحطات سأعزف وأغني ولن أضع قبعتي أمامي سأشعل أوراقي وأنير درب الضعفاء سأحطم القصور وأقيم خياما والخيل تصهل في الأفق البعيد سأضع على الحطب الطعام و سأرجم سقف السماء بمدفع من ورق أكتب عليه عاشت الثورة #14جانفي #تونس_بعد_الثورة_خير ❤🇹🇳 pic.twitter.com/3fpOpN6cBI
— 𝑺𝑶𝑼𝑯𝑨 | 🇹🇳⚡ (@canyamano) January 14, 2020
وأشار سعيدان إلى أن "تعطل النمو يعني بالضرورة عدم قدرة الاقتصاد على خلق مواطن شغل وتونس في أشد الحاجة إلى التشغيل كذلك الاقتصاد فقد قدرته على خلق الثروة الوطنية".
وتابع سعيدان "الدين الأجنبي الذي تضاعف بشكل كبير بعد الثورة (تضاعف 3 مرات) وأصبح يمثل أكثر من 100 في المئة من الناتج الإجمالي الخام وهو ما من شأنه التشكيك في قدرة تونس على مواصلة تسديد ديونها الأجنبية بصفة عادية".
وأشار إلى أنه إذا دخلت تونس في إعادة جدولة الديون ستكون المسألة عسيرة وستمس مباشرة بسيادة البلاد و استقلالية قرارها.
تقلص الطبقة الوسطى
وخلال التسع سنوات الأخيرة بات من المؤكد أن هناك خطر يهدد الطبقة الوسطى في تونس، وقال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن "الدينار التونسي فقد حوالي 70 في المئة من قيمته منذ الثورة إلى حد الآن، مما ساهم في إثقال الاقتصاد التونسي ككل و تقهقر دخل المواطن التونسي، وتراجع مقدرته الشرائية".
لم أعد أريد الحديث عن #الثورة_التونسية.
— Nidhal Hamdi (@NidalHamdiTw) January 14, 2020
هذا اليوم، #بن_علي سافر على أمل العودة، فعزلوه باسم #الشعب.
كل ما حدث لاحقا هو إدارة شأن منتهزي الفرصة.
لا #ثورة دون #تنمية..
لا ثورة دون #ثروة..
أين #الثورة يا ساسة #تونس؟؟؟
وأكد سعيدان على أن المواطن التونسي على امتداد 9 سنوات فقد قرابة 40 في المئة من قدرته الشرائية، كذلك الادخار الوطني تراجع من 22 بفي المئة من الناتج الإجمالي الخام إلى 8 في المئة، وهذا ما انعكس على الطبقات في تونس بتقلص نسبة الطبقة الوسطى.
حكومات متعاقبة
وفي سياق المسار الانتقالي الذي تعيش على وقعه تونس فقد تعاقب على السلطة 11 حكومة و5 رؤساء جمهورية منهم رئيسان مؤقتان. ويجمع المهتمون بالمسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس على أن الحكومات المتعاقبة فشلت إلى حد كبير في فك رموز الملفات العالقة حيث توارثت ترحيلها فيما بينها مؤجلة بذلك تجسيد شعار الثورة "شغل... حرية... كرامة وطنية".