في منتصف القرن التاسع عشر، قاس الطبيب الألماني كارل ووندرليش تقريبًا 15 عاما درجة حرارة جسم مرضاه وقام بتسجيل البيانات بشكل منهجي، ونتيجة لذلك، كان لديه معلومات عن 25 ألف مواطن، وشكلت الملاحظاته أساس كتاب "حول درجة الحرارة في الأمراض: دليل لقياس الحرارة الطبية".
وصرح ووندليش "يجب ألا يكون الشخص السليم أكثر حرارة من 37 درجة إذا كان ميزان الحرارة في فمه (على الأجهزة الحديثة لا تزال هذه القيمة باللون الأحمر)، و 36.6 في الإبط، ولكن تبين أن عمل الباحث المكون من خمس مئة صفحة كان شاملاً لدرجة أنه لم يشكك أحد في نتائجه لأكثر من قرن، وفقط في بداية التسعينيات من القرن العشرين، ظهرت بيانات مختلفة نوعًا ما.
ففي عام 1992، وجد العلماء الأمريكان بعد اختبار 148 متطوعًا صحيًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 40 عامًا، أن 8% فقط منهم لديهم درجة حرارة كانت عند المستوى الذي حدده ووندليش، بالنسبة للآخرين تبين أن هذا المؤشر أولا أقل قليلاً وثانيًا ، يمكن أن يتغير خلال اليوم نفسه، لذلك إذا كان الجهاز يظهر في الصباح 37.2 درجة مئوية، فمن المرجح أن يكون الشخص مريضًا، وأشار الباحثون إلى أنه في المساء، يمكن أن تتجاوز درجات الحرارة 37.7 درجة تدعو للقلق.
وفقا للتغيرات الفيزيولوجية التي تم اتخاذها بعين الاعتبار أثناء الدراسة، تبين أن ميزان الحرارة لا علاقة له أبدا بالتغير الحاصل على حرارة جسم الإنسان، فهو إن كان زئبقيا أو إلكترونيا، يعطي نفس الدقة دون أي فرق بين الماضي والحاضر.
وأوضح العلماء أن الناس أصبحوا بصحة أفضل بشكل عام، بفضل التطور السريع للأدوية، بما في ذلك المضادات الحيوية والتطعيم "التلقيح" الشامل، فإن مخاطر تطور الالتهابات في جسم الشخص المعاصر أقل في المتوسط من مخاطرها في الماضي، من المعروف أنه مع حدوث التهاب بسبب زيادة مستوى البروتينات في غذائنا، يتم تسريع عملية الأيض، مما ينجم عنه ارتفاع درجة حرارة الجسم.
ويمكن أن تؤثر أنظمة تكييف الهواء والتدفئة على انخفاض درجة حرارة الجسم، حيث أنها تسمح لك بالحفاظ على نفس درجة حرارة الهواء تقريبًا في المبنى على مدار السنة، فلم يعد الجسم بحاجة إلى إنفاق طاقة إضافية للتنظيم الحراري، وهو التفسير الأنسب من وجهة نظر الدراسة.