يأتي الرد التركي عن طريق قصف مواقع للجيش السوري، حيث تطاله بقصف مدفعي أو بغارات جوية حسب وزارة الدفاع في أنقرة، لكن اللافت بالأمر هو أن الدفاع التركية تعلن عن أرقام قتلى كبيرة جدا بين صفوف الجيش السوري، وذلك نقلا عن مصادر محلية.
فبعد مقتل جنديين تركيين يوم أمس أعلنت وزراة الدفاع التركية على حسابها الرسمي على تويتر عن تدمير منصة للصواريخ السورية، وثلاث دبابات وقتل أكثر من 114 جندي سوري، بالإضافة إلى ناقلات جند وغيرها من العتاد السوري، وكل ذلك نقلا عن مصادر مختلفة في المنطقة.
Bölgedeki çeşitli kaynaklardan alınan bilgilere göre; 1 adet hava savunma füze sistemi, 1 adet ZU-23 uçaksavar, 1 adet Tanksavar, 3 tank, 1 mühimmat aracı, 2 iş makinesinin imha edildiği, 3 tankın ele geçirildiği ve 114 Rejim unsurunun etkisiz hale getirildiği öğrenilmiştir.
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) February 26, 2020
ويتابع الجميع تصريحات السلطات التركية حول أعداد القتلى التي قامت بتحييدها من القوات السورية، والتي تتراوح بين ا50 إلى 100 قتيل، ولم يتناقص هذا الرقم لأقل من خمسين جندي في الرد التركي الواحد، والجيش السوري رغم ذلك يواصل تقدمه واكتساحه للمناطق بسرعة قياسية، على الرغم من الأعداد الكبيرة للمسلحين والتحصينات العديدة التي أقامتها الجماعات المسلحة في إدلب استعدادا للهجوم السوري.
ويستغرب بعض المراقبون نقل وزارة الدفاع التركية لهذه الإحصائيات نقلا عن مصادر محلية واتخاذها كمصدر رسمي للمعلومات، على الرغم من عدم القدرة على التأكد من مصداقيتها، والشكوك التي تحوم حول هذه المصادر، وعلى الرغم من وجود نقاط مراقبة تركية في المنطقة، بالإضافة إلى امتلاك الجيش التركي أحدث وسائل الرصد والمراقبة.
يقابل ذلك نفي رسمي من قبل الجهات السورية، فقد ذكرت وكالة سانا الرسمية أن وقوع خسائر بشرية أو في المعدات، وفق ما يروج له الإعلام التركي، ما هو إلا إدعاءات بعيدة عن الواقع تهدف إلى التغطية على فشل الهجوم الإرهابي المدعوم من نقاط الاحتلال التركي.
تكذيب الادعاءات التركية لم يأت فقط من الجهة السورية، بل حتى مركز المصالحة الروسي في سوريا نفى وبشكل قاطع أن معطيات تركيا عن وقوع خسائر في صفوف الجيش السوري في مدينة إدلب هي خاطئة بشكل كامل، ولفت إلى ضرورة وجود مسؤولية لدى وزارة الدفاع التركية عند تقديم معلومات كاذبة للقيادة لديها، لأن هذه التصريحات لا تسهم إلا في تصعيد الوضع، واعتماد قرارات متسرعة لا تلبي المصالح المشتركة لروسيا وتركيا.
وبنظرة سريعة إلى الأعداد التي أعلنت الجهات التركية أنها قتلتها من الجانب السوري، يصل هذا العدد حتى 430 عنصر من عناصر الجيش السوري حتى لحظة إعداد هذا التقرير، وأول ما يتبادر إلى الأذهان عند رؤية هذا الرقم أن الجيش السوري لن يكون موجودا خلال فترة وجيزة، وخاصة بعد تهديدات أردوغان الأخيرة بشن عملية عسكرية ضد قوات الجيش السوري في المنطقة.
Alçak saldırı sonrası bölgede tespit edilen 21 rejim hedefi derhal ateş destek vasıtalarımızla yoğun şekilde ateş altına alınarak gerekli karşılık verilmiş ve hedefler tahrip edilmiştir. Gelişmeler takip edilmekte ve gerekli tedbirler alınmaktadır.
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) February 22, 2020
وعن سبب التضخيم الكبير لأعداد القتلى السوريين يتحدث الخبير العسكري السوري العميد علي مقصود، ويؤكد بأن هذه الأعداد إنما هي للتغطية على الخسائر التي يتكبدها الجيش التركي أثناء مشاركته المجموعات الإرهابية الهجوم على مواقع الجيش السوري، حيث أن الداخل التركي يعلن رفضه للتدخل التركي في سوريا بشكل صريح، ويخشى من الخسائر العسكرية المتزايدة للجيش التركي، حيث أن توابيت الجنود الأتراك أصبحت تأتي بشكل يومي إن كان من سوريا أو من ليبيا.
ويتابع مقصود: حالة الرفض العلني في تركيا ظهرت إلى العلن، حتى أن الرئيس السابق عبد الله غل طالب أردوغان بالانسحاب من الملف السوري بشكل كامل.
ويتساءل العميد مقصود كيف يمكن للجيش السوري أن يحرر كل هذه المناطق وينتشر في المدن كخان شيخون ومعرة النعمان وغيرها، بالإضافة إلى جبهة حلب التي حررها، وأن يتصدى للهجمات المتكررة من المجموعات الإرهابية التي لا حصر لها، وأن يحتمل في الوقت ذاته كل هذه الخسائر في العديد والعتاد.
ويقول العميد السوري: أؤكد وعلى مسؤوليتي أن أعداد الشهداء في منطقة إدلب لم تتجاوز العشرات منذ بدء عملية تحرير إدلب، بعد أن توقفت للهدنة وفقا للاتفاق الروسي التركي، والأعداد بمجموع العملية التي انطلقت قبل أكثر من 5 أشهر، هي أقل بكثير جدا عما تذكره تركيا، ونحن عندما يكون هناك شهداء عسكريين أو مدنيين لا نخفي شيئا، ونتعامل بشفافية مع الشعب السوري ومع الرأي العام.
وذكر الخبير العسكري السوري بأن الإعلام في تركيا يعرض صورا قديمة تعود أحيانا لأشهر مضت، لكي يظهر بأن هناك خسائر وضحايا للجيش السوري، ويقول: نحن عندما نقول أن هذا الإعلام كاذب فنحن نبني ذلك على الصفات الحقيقية لهذا الإعلام الذي رسم صورة مثالية لجماعة إرهابية مثل الخوذ البيضاء ومسرحياتها الكيماوية، هم يعتمدون أسلوب "اكذب اكذب حتى يصدقون أنفسهم" ليصدقهم العالم بعد ذلك.
ومع التهديدات التركية بشن عملية عسكرية لإعادة الجيش السوري خلف نقاط المراقبة التركية، ومع ترقب لقاء الرباعية في الخامس من شهر آذار/ مارس بين روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، لا يمكن التأكد من الأعداد الحقيقة للقتلى الذين يسقطون من جانب الجيش السوري، لكن يمكن التأكد من أن الجيش السوري ماض في تحرير القرى والبلدات حتى يتم التوافق على صيغة ما، أو الوصول إلى الحدود التركية.
(المقال يعبر عن رأي الكاتب فقط)