وبينما اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية مبكرة لتفادي الآثار المترتبة على الوباء، فخصصت مئة مليار جنيه (نحو ستة مليارات دولار) لمواجهة الآثار الاقتصادية للأزمة، يخصص جانب منها لدعم البورصة ودعم السياحة وسداد مستحقات المصدرين وغيرها، كما اتخذت إجراءات لتعويض العمالة اليومية والعمالة غير المنتظمة، عبر تسجيل المتضررين منهم بمكاتب العمل التابعة لوزارة القوى العاملة على مستوى الجمهورية، استمر الجدل الدائر حول أهمية استمرار العمل ومخاطر العدوى.
ورغم قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأجيل افتتاح المشروعات القومية ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، إلا أن تصريحات لرجال أعمال حذرت من تعطل عجلة الإنتاج والخسائر الاقتصادية التي قد تنجم عن تعطيل العمل، وأكدوا على استمرار العمل في مشاريعهم.
وإذ يتبنى رئيس اتحاد البناء والتشييد في أفريقيا، وعضو مجلس إدارة اتحاد البناء والتشييد المصري حسن عبد العزيز، استمرار العمل، إلا أنه يتحدث عن ضوابط مشددة لهذا الاستمرار لتفادي العدوى، ويوضح في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، قائلا "أولا هناك مواقع عمل لا يمكن السيطرة عليها وتنظيمها بشكل جيد لمنع العدوى، تلك المواقع يجب وقف العمل بها حاليا، وهي المواقع غير المسورة والكثيفة العمالة وذات المساحات الكبيرة، كذلك المواقع البعيدة عن سكن العمال ويجري تأجير وحدات سكنية للعمال بجوارها وتشهد تلك الوحدات تكدس للعمال يسهل انتقال العدوى يجب أن تتوقف".
ويضيف عبد العزيز: "من ناحية أخرى هناك مواقع سهل السيطرة عليها، لأنها مسورة ومحدودة وليس بها كثافة عمالة، هذه المواقع يمكن أن تستمر في العمل، ولكن مع اتخاذ إجراءات وقاية صارمة ومتابعة صحية يومية للعاملين بها".
ويتابع عبد العزيز: "هناك أعداد ضخمة من العمالة غير المنتظمة والعمالة باليومية، قطاع التشيد والبناء وحده يضم أكثر من عشرة ملايين عامل، ستكون كارثة لو توقفوا جميعا لأن لا أحد سيتمكن من تعويضهم ولا حتى الدولة، وستكون كارثة أيضا لو نزلوا جميعا إلى العمل، لذا الأمر يحتاج تنظيم، عبر فرز للمواقع وتشغيل المواقع الآمنة للعمال ووقف المواقع التي لا يمكن السيطرة على العدوى فيها".
ويضيف عبد العزيز: "العمال المتوقفين عن العمل بسبب الإجراءات يجب تعويضهم، الشركات والمقاولين يجب أن يتحملوا جزءاً من أجورهم والدولة تتحمل جزءاً والمجتمع المدني يدعمهم. وإلا لن نجدهم عندما نحتاج لاستئناف العمل، المقاول وصاحب العمل رأسماله ليس المعدات والمال فقط، ولكن العمال أهم مكون من مكونات رأس المال ويجب الحفاظ عليهم، سواء بوسائل الوقاية في مواقع العمل، أو بالتعويض عند التوقف".
على الجانب الآخر لا يبتعد رئيس لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري، ورئيس اتحاد نقابات عمال مصر جبالي المراغي عن هذا الرأي، ولكن مع تشديد أكثر على الحفاظ على العمال، ويؤكد لوكالة "سبوتنيك": "سلامة أي عامل أهم من أي اعتبار آخر، العمال هم قلب الاقتصاد الحقيقي، ولا إنتاج بدون العمال، لذا يجب أن يكون أول اهتمامنا هو سلامة العمال".
ويضيف المراغي: "بالطبع هناك قطاعات لا يمكن أن تتوقف، مثل القطاعات الخدمية والتي يتصل عملها أصلا بمكافحة الفيروس أو باستمرار الحياة في المجتمع، المرافق والخدمات الضرورية يجب أن تستمر، ولكن مع وضح إجراءات مشددة".
ويتابع المراغي: "هناك قطاعات أخرى يمكن وقف العمل بها مؤقتا حماية للعمال والمجتمع، لأن خسائر انتشار العدوى ستكون أكبر من أي خسائر اقتصادية، وهناك قطاعات يمكن الاستمرار فيها بنصف العمالة لتقليل التكدس، ومع اتخاذ إجراءات مشددة لسلامة العمال أيضا".
وأوضح المراغي: "هناك صندوق لتعويض عمال اليومية والعمالة غير المنتظمة خلال الأزمة، وهناك صندوق طوارئ لدعم الشركات، وكذلك هناك تفاهم مع اتحاد الصناعات لحماية العمال والحفاظ على قوة العمل خلال هذه الأزمة، وسنرى مع كل تطور الإجراءات التي يمكن أن نتخذها لحماية العمال من العدوى وأيضا تعويضهم عن التوقف وضمان دخولهم".
وسجلت مصر 103 إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجد ليبلغ إجمالي الإصابات 1173، توفي من بينها 78 شخصا بحسب آخر إحصاء لوزارة الصحة.