كان ذلك قبل إلغاء القرار بحكم محكمة، لتفوز بعدها النائبة العربية هبة يزبك بمقعد برلماني من ضمن المقاعد الـ15 مقعدًا التي حصدتها القائمة المشتركة في الكنيست.
النائبة يزبك التي تنتمي لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي" المنضوي في القائمة المشتركة، قالت في حوار مع "سبوتنيك"، إن "الحكومة الإسرائيلية التي نجح نتنياهو وغانتس في تشكيلها مؤخرًا تحمل توجهًا قوميًا متطرفًا، ولا مجال معها لأي تقدم على مستوى الحل السياسي للقضية الفلسطينية، والجلوس على طاولة المفاوضات".
وتوقعت النائبة أداءً حكوميًا أكثر عنصرية يتعلق بمحاولات تنفيذ صفقة القرن، ومخططات ضم الأراضي الفلسطينية، مؤكدة في الوقت نفسه، أن القائمة المشتركة لم تكن تعول على غانتس ليكون بديلًا لنتنياهو، بل طريقًا للإطاحة به، في ظل توجهاته المتطرفة والمعلومة مسبقًا.
وأشارت إلى أن "القائمة المشتركة حققت نجاحًا كبيرًا لتشكيل كيان عربي داخل الكنيست، وأن الفترة القادمة ستشهد محاولات جدية للتصدي لأية قوانين عنصرية سيسعى الكنيست لسنها".
وإلى نص الحوار..
بداية.. كيف ترين تشكيل الحكومة المشتركة بين نتنياهو وغانتس؟
تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ضمن تحالف نتنياهو غانتس ليس مفاجأة على الإطلاق، حيث أكدنا من البداية أن بيني غانتس أيضًا يحمل التوجه القومي اليميني المتطرف، ونتوقع من هذه الحكومة الكثير من التوجهات العنصرية، فيما يتعلق بتنفيذ صفقة القرن، ومخططات ضم الأراضي، وتكريس الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الحكومة لا يوجد من خلالها أمل لأي حل سياسي، حيث ستسعى لإنهاء كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وستكون معادية للعرب داخل إسرائيل، وكذلك الأمر بالنسبة لإمكانية العودة لطاولة المفاوضات، وأي إجراءات متعلقة بمسار السلام، بمعنى أنها ستكون حكومة يمينية متطرفة، لا إمكانية معها بالمضي قدمًا نحو حل القضية الفلسطينية.
لكن القائمة المشتركة كانت تعول على غانتس في هزيمة نتيناهو؟
القائمة المشتركة لم تعول على غانتس، ولم تر فيه بديلًا حقيقيًا لنتنياهو، وأرادت فقط أن تقوم بمحاولة لمنع بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة يمين ضيقة، وأردنا من خلال التوصية بتشكيل غانتس للحكومة منع نتنياهو، لكن غانتس فشل أيضا تجاه جمهوره الذي انتخبه، وأمام حلفاؤه من أحزاب "يش عتيد" و "يعلون".
أما فيما يتعلق بالقائمة المشتركة فتوقعنها من البداية أن سيناريو حكومة الوحدة قائم، لكن الهدف الأساسي كان منع نتيناهو من تشكيل حكومة ضيقة وهذا لا يعني التعويل بأي شكل من الأشكال على غانتس، إنما محاولة حتى ولو كانت ضئيلة لعرقة تشكيل حكومة خطيرة على حقوق الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
نعم.. ولماذا برأيك قبل غانتس تحالف نتيناهو؟
ساهمت أزمة تفشي وباء كورونا بشكل جدي في الضغط على غانتس للانضمام لهذه الحكومة، فنتنياهو لم يكن يستطيع تشكيل الحكومة مع 58 عضوًا مؤيدًا بالكنيست، كان يحتاج 61 مقعدًا، لذلك استغل أزمة كورونا استغلالًا كاملًا في الضغط على غانتس، خاصة وأنه لا يستطيع أن يجر إسرائيل مجددًا لانتخابات رابعة، في ظل الظروف والأزمة الاقتصادية الصعبة، وكذلك الأزمة الصحية في أعقاب فيروس كورونا، وبهذا المفهوم يمكن القول إن نتنياهو مارس ضغطًا جماهيريًا تجاه غانتس للانضمام للحكومة.
وهل كانت محاولات نتنياهو لتشكيل الحكومة نابعة من مخاوف الذهاب لانتخابات رابعة فقط؟
ما يعني نتنياهو في هذه المرحلة كان محاولة الهروب من لوائح الاتهام المقدمة ضده بسبب ممارسات الفساد، والاحتماء بكونه رئيسًا للحكومة، ولو كان عن طريق التحالف مع غانتس، النتيجة التي حاول الوصول إليها هي الهروب من السجن، ومحاولة المماطلة لكسب الوقت أمام المحكمة، والتغطية على الاتهامات المقدمة ضده.
إذا يمكن القول إن نتنياهو نجح في التهرب من المحاكمة؟
نعم نتيناهو استطاع أن يماطل في المحاكمة، واستطاع الحصول لنفسه على شرعية جديدة تتعلق بالحصانة، كما تمكن من منع غانتس والمعارضة التي كان يشكلها من سن قوانين تمنعه من الترشح مستقبلًا، وبهذا المفهوم نتياهو ربح عدة أوراق بضربة واحدة، استطاع أن يشكل الحكومة، وأن يماطل بمسألة تقديم لوائح الاتهام ضده وأيضا التمتع بالحصانة والشرعية كرئيس حكومة.
وهل سيتم وقف التقاضي في التهم الموجهة له؟
لا، المحاكمة ستستمر بعد أزمة كورونا، ولكن دعنا نقول إنها ستكون بشكل آخر، بعد أن شعر نتنياهو بأريحية أكبر، فلا يوجد من ينافسه، ولا يوجد قوى كبيرة معارضة تقوم بالعمل ضده، أمام المحكمة والرأي العام، خاصة وأن غانتس أصبح موجودًا معه في نفس الخندق.
أعلنت القائمة المشتركة أن هدفها الأول إسقاط نتنياهو.. هل فشلتم في هذا الأمر؟
القائمة المشتركة نجحت في أن تكون جسمًا سياسيًا موجودًا في المعارضة، حيث تشكل اليوم 15 مقعدًا داخل الكنيست، وهي قوة ليست بالصغيرة، وضعنا كل ما نملك من إمكانيات في العملية الانتخابية الأخيرة لحصد أكبر عدد من المقاعد، والتي جاءت على حساب مقاعد اليمين المتطرف ومعسكر نتنياهو في الكنيست.
كنا نحتاج لغانتس ومؤيديه من أجل الإطاحة بنتنياهو، لكن ما حدث من تغييرات في الخريطة السياسية الإسرائيلية، والتحالفات بين الأحزاب اليهودية، وفي خضم أزمة الكورونا تغير المشهد السياسي برمته، ورأينا قائمة كبيرة مثل "كحول لفان" وهي تنهار وتتفكك في ظل الأوضاع الجديدة.
وكيف ترين وضع النواب العرب بالكنيست الآن؟
نجحت القائمة المشتركة في أن تؤسس لمرحلة جديدة يلتف فيها العرب داخل البلاد والديمقراطيون حولها، يتوحدون ويشكلون قوة كبيرة، ما حققناه في الانتخابات الأخيرة يمثل إنجازًا تاريخيًا كبيرًا بحصد 15 مقعدًا داخل الكنيست.
نسعى حاليًا لاستثمار هذا النجاح، والتصدي للحكومة العنصرية، وللقوانين التي ستقوم بطرحها، ولطبيعة الأجواء السياسية التي ستفرضها، والخطوات الأحادية التي ستعلن عنها، القضية لا تقاس بالفشل أو النجاح، بل بإمكانية إبقاء هذا الصوت العربي السياسي الوطني الواضح داخل إسرائيل للتصدي لأي عنصرية إسرائيلية.
بعد تفكك كحول لفان.. من يشكل المعارضة داخل الكنيست؟
المعارضة في الكنيست منقسمة على نفسها، هناك معارضة تقودها أحزاب مثل "يش عتيد" ضد نهج نتنياهو المتعلق بالفساد، وهناك معارضة جوهرية تمثلها القائمة المشتركة، والتي تعارض أيضًا بعض تيارات المعارضة ذاتها، فلكل منا دوافعه المختلفة.
نحن نريد الإطاحة بنتنياهو من منطلقات سياسية بحته، كونه ليس فاسدًا وحسب، بل باعتباره من أكبر العنصريين، وكذلك بسبب ارتكابه جرائم كبيرة ضد الشعب الفلسطيني، فنحن ضده سياسيًا.
وبهذا المفهوم لا يوجد داخل المعارضة حالة انسجام نحن كقائمة مشتركة غير منسجمين مع التوجهات السياسية التي يحملها الأجزاب المعارضة الأخرى، لا يوجد توجه واحد داخل المعارضة، فلدينا أيضا مشروع سياسي نعارض هذه الحكومة وأجزاء من المعارضة على أساسه.
تقوم هذه الحكومة على فكرة ضم الأراضي الفلسطينية.. هل برأيك يمكنها القيام بذلك؟
قضية الضم تتعلق بالموقف الأمريكي، ومدى إمكانية إعطاء الضوء لنتنياهو لإجراء هذه العملية، لكن يمكن القول إن الأجواء في إسرائيل تتيح ذلك، فهناك حالة إجماع إسرائيلي استطاع نتنياهو أن يبلورها ويشكلها خلال السنين الأخيرة تتيح مثل هذه الخطوات.
بالإضافة إلى إجراءات أخرى تتعلق بتطبيع الاستيطان، واستمرار الحصار على قطاع غزة، وهذا أيضا يقبله أجزاء من المعارضة، لكن في النهاية سيتعلق الأمر بالموقف الإقليمي، أوروبا وأمريكا والتحرك الفلسطيني والعربي تجاه هذه السياسة.
هناك قوانين تسعون لمحاربتها وأخرى لسنها.. ما هي؟
هناك العديد من القوانين العنصرية، والتي نعمل بشكل دائم ومستمر للتصدي لها، خاصة وأن فترة حكم نتنياهو الأخيرة تم سن بها العديد من القوانين المتطرفة على رأسها قانون القومية، وقانون كمينتس والذي يتيح هدم البيوت والمنازل العربية داخل إسرائيل.
ونحن مستمرون في التصدي لهذه القوانين العنصرية، ومحاولة حشد الرأي العام الإسرائيلي والعالمي ضدها، وفضح سياسات إسرائيل ضد العرب والفلسطينين في الداخل.
أما بالنسبة للقوانين التي نسعى لسنها، فهناك الكثير منها والتي تعود بالفائدة والمصلحة على أبناء شعبنا الفلسطيني، لكن بالطبع ستحاربها الحكومة الحالية، في ظل إصرار نتنياهو على الاستمرار بنفس النهج في سن القوانين العنصرية، وهو ما يتطلب منا تحديات أكبر لحشد بعض التيارات داخل البرلمان ضد هذه القوانين، وكذلك تقليب الرأي العام لصدها.
أجرى الحوار: وائل مجدي