عمل الكلاب
حرص النازيون على زرع الألغام في جميع المنشآت الهامة قبل رحيلهم عن المدن التي احتلوها أثناء عدوانهم، وأمكن أن يصبح كل من هذه المنشآت مقبرة جماعية لعشرات ومئات جنود الجيش الأحمر، الذي بدأ في عام 1943 هجومه الهادف إلى تحرير أوروبا من رجس الاحتلال النازي، أو سكان المدن المتحررة.
وحتى لا يحدث هذا جرت إزالة الألغام التي زرعها النازيون، وقبل ذلك كان يجب البحث عن الألغام والعثور عليها وهو ما يتطلب الاستعانة بالكلاب المدربة، فمن المستحيل اكتشاف لغم موضوع داخل وعاء خشبي أو بلاستيكي أو زجاجي بواسطة كاشف الألغام في حين يقدر الكلب على كشف أي شيء.
تعال إليّ يا جولبارس
وكان المطار إحدى المنشآت التي تم تفتيشها بعد أن حرر الجيش الأحمر مدينة فورونيج في يناير/كانون الثاني 1943، وتم العثور على عدة ألغام في المطار، وتمت إزالتها، وبعد بضعة أيام انفجر لغم في إحدى السيارات الصهريج الموجودة في المطار.
ومن أجل تخليص مطار فورونيج الذي احتاجه الجيش الأحمر لمواصلة الهجوم، من الألغام استدعى قائد قوات المهندسين الجنرال فوروبيوف "خبير المتفجرات رقم واحد".
وبعد أيام حطت في المطار طائرة وخرجت منها شابة ترتدي زي ضابط قوات المهندسين برتبة ملازم. وعبر أحد المستقبلين عن خيبة أمله، متسائلا: "هل هي خبير المتفجرات رقم واحد؟". وكان الجواب بالنفي.
ثم قالت الشابة مبتسمة: "ها هو خبير الألغام رقم واحد" قبل أن تضيف: "تعال إلي يا جولبارس!"
وبدأ جولبارس عمله ليعثر أثناء تجوله في المطار على لغم داخل وعاء خشبي.
مقدم الخدمات الجليلة
وكان جولبارس أول أفضل الكلاب التي تدربت على البحث عن الألغام، وكان بإمكانه اكتشاف لغم مخبأ على عمق مترين، في حين يشعر الكلب العادي بالمتفجرات التي تبعد عن سطح الأرض بما لا يزيد على 90 سنتم.
ووفق وزارة الدفاع الروسية، فإن كلب جولبارس اكتشف أثناء مشاركته في جهود إزالة الألغام في أراضي تشيكوسلوفاكيا ورومانيا والنمسا والمجر في الفترة من سبتمبر/أيلول 1944 حتى أغسطس/آب 1945، 7468 لغما وأكثر من 150 قذيفة، بحسب ما نشرت مجلة "تاريخنا" الروسية.
وصدر في 21 مارس/آذار 1945، قرار بشأن منح وسام الاستحقاق العسكري للكلب جولبارس تقديرا لخدماته القتالية. وأصبح جولبارس بالتالي الكلب الوحيد الذي تم إكرامه على هذا النحو في الحرب العالمية الثانية.