هذا الازدهار، كان على سبيل المثال، سببًا في ارتفاع القيمة السوقية لشركة "أمازون" الأمريكية بأكثر من 55% هذا العام، مقتربة من 1.7 تريليون دولار، ومعها تخطت ثروة المؤسس جيف بيزوس حاجز 200 مليار دولار.
إنسان بحجم دولة
شركة واحدة قيمتها تعادل تقريبا قيمة عاشر أكبر اقتصاد في العالم –الكندي- وشخص واحد يمتلك ثروة تساوي نحو 1% من حجم الاقتصاد الأمريكي، ويمكنه شراء 103 ملايين أوقية من الذهب الخالص، أو 4.40 مليار برميل نفط خام.
النجاح الذي تحققه "أمازون" ليس مفاجئًا، وهي كانت واحدة من الشركات القلائل للغاية التي تتجاوز قيمتها تريليون دولار على مر التاريخ، وهي مرشحة الآن للحاق بركب "أبل" التي سجلت تريليوني دولار مؤخرًا.
تفوق الشركة التي خرجت من رحم مغامرة لبيزوس بدأت من مرأب بيته، وهيمنتها الآن في أمريكا، بجانب التوجه العالمي نحو التجارة الإلكترونية بشكل عام، دفع مراقبون للاعتقاد بأن، مؤسس الشركة الذي هو أغنى رجل في العالم حاليا، سيصبح أول تريليونير في التاريخ (أي ستتجاوز ثروته تريليون دولار).
التريليون هو ألف مليار، أو مليون مليون، أو ما يكتب بهذا الشكل "1,000,000,000,000"، أي رقم واحد وأمامه 12 صفرًا، وفي الحقيقة هو مبلغ ضخم للغاية، أضخم من أن يمتلكه إنسان واحد.
هل بيزوس الأغنى؟
خلال العصر الحديث، عُرف قطب الأعمال النفطية الأمريكي في أوائل القرن العشرين، جون روكفلر، والذي أصبح أول ملياردير في التاريخ، بأنه الشخص الأغنى، على الأقل خلال المائة عام الماضية.
وفقًا لبعض الحسابات التي تأخذ في الاعتبارات، قيمة الأموال نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة، فإن ثروة روكفلر التي تخطت المليار دولار، كانت لتعادل نحو 127 مليار دولار في عام 2018.
في ذلك العام، تجاوزت ثروة بيزوس للمرة الأولى مستوى 150 مليار دولار، ووفقًا لهذه الطريقة في الاحتساب يعتبر مؤسس "أمازون" هو الأغنى متفوقًا على هيمنة روكفلر في الوقت المعاصر، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
بعض الطرق الأخرى في احتساب قيمة الثروة الحقيقية وفقًا للتضخم رجحت أيضًا تفوق بيزوس على روكفلر، وذلك لأن ارتفاع التضخم على مر الزمان يحد من القيمة الحقيقة للأموال.
ومثلا إنسان يمتلك 100 دولار قبل قرن هو أغنى من إنسان يمتلك ألفًا الآن، وذلك لأن الأول يمكنه في زمنه شراء منزل على سبيل المثال بهذا المبلغ، أما الثاني فبالكاد سيتدبر أساسيات معيشته، ومع ذلك، فإن هذه التقديرات رجحت كفة بيزوس.
ماذا عن العصور الوسطى والسحيقة؟
في الواقع، تحديد أغنى شخص في التاريخ مسألة جدلية للغاية، فقد عرف العالم شخصيات ثرية لا يمكنها حتى إحصاء حجم ثروتها، مثل قارون الذي عاصر النبي موسى، والنبي الملك سليمان، والإمبراطور الأفريقي منسى موسى كيتا.
يقال مثلًا عن منسى موسى، حاكم مالي، في القرن الرابع عشر، إنه خرج في رحلة تتجاوز 6 آلاف كيلومتر إلى مكة، مع قافلة تضم 60 ألف رجل، ووزع الذهب على طول الطريق، بما يكفي لإرباك الاقتصاد المصري بقوة طيلة عقد من الزمان.
تقول شركة "سمارت أسيت" الأمريكية، إنه بسبب انخفاض قيمة الذهب، بعد التوزيعات التي قام بها الملك المالي، شهد الشرق الأوسط خسائر اقتصادية تقدر بنحو 1.5 مليار دولار في ذلك الوقت، بحسب، موقع "بي بي سي".
في عام 2012، قدر الموقع الأمريكي، ثروة منسى موسى، بنحو 400 مليار دولار في الوقت المعاصر، ومع ذلك، تفق الكثير من المحللون أن ثروة هذا الملك أضخم من أن يتم إحصاؤها، ويعتقد على نطاق واسع، أنه الشخص الأغنى في تاريخ البشرية.
وفقًا لعدد من مواقع تقدير الثروة، يأتي بعد منسى موسى، الإمبراطور الروماني، أغسطس قيصر، ويعتقد أن ثروته تعادل نحو 4.6 تريليون دولار، يليه تشاو شو، الإمبراطور الصيني، وأكبر الأول، الإمبراطور المغولي الهندي، بثروة لا يمكن إحصاؤها.
من المحتمل أن يكون هناك العديد من الشخصيات التاريخية، مثل الإسكندر الأكبر، وجنكيز خان، والنبي سليمان، والعديد من الأباطرة الرومان، والفراعنة المصريين، وقارون، والباباوات، الذين سيطروا على ثروات ضخمة، بحسب موقع "تشيت شيت".
ومع ذلك، لا توجد طريقة حقيقية لتحديد رقم بالدولار على تلك الثروات، كما توجد عائلات قوية وذات نفوذ، وتحوم حولها الكثير من الشائعات، بما في ذلك عائلة روتشيلد وميديتشي؛ ومع ذلك، فإن ثروتهم موزعة بين أفراد عدة وليست مركزة في يد شخص بعينه.
لكن حتى الآن، لا يبدو أن بيزوس أو بيل غيتس أو إيلون ماسك، أو حتى روكفلر، أو أي شخصية معاصرة، سيكون باستطاعتها قريبًا، جني ثروة تضاهي ما جمعه ملوك وأباطرة العصور الوسطى وما قبلها.