كورونا والتضخم
قال المحلل الاقتصادي المصري محمد نصر الحويطي، إن "أهم أسباب وقف بنكي مصر والأهلي شهادات "ابن مصر" صاحبة العائد الأعلى في مصر"15 في المئة"، أن صانع القرار يرى أن التضخم قد وصل إلى مستويات قليلة، عما كان عليه وقت إصدار تلك الشهادات".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "قرارات زيادة الفائدة في الغالب تكون مرتبطة بمستويات تضخم مرتفعة، فيتم رفع سعر الفائدة لتخفيض السيولة المتداولة في السوق، والطبيعي في معظم دول العالم أنه عندما تزيد نسبة السيولة تزيد عمليات الشراء مع ثبات المعروض من السلع فترتفع الأسعار ويحدث التضخم، وفي مصر عندما كان يتم رفع سعر الفائدة للتحكم في نسبة التضخم، في الحقيقة أن التضخم لدينا لم يكن ناتج عن زيادة إنفاق المستهلكين وإنما ناتج زيادة أسعار السلع".
وتابع الحويطي، "عملاء البنوك في مصر سوف يظلوا كما هم حتى لو وصلت الفائدة إلى الصفر، وكذلك بالنسبة للعقارات خوفا من المخاطرة، ولا يفضل هؤلاء أي من الأدوات الأخرى التي يسهل تحويلها إلى السيولة في زمن قياسي مثل الذهب والدولار، إذا إيقاف شهادات العائد الأعلى لن يعزز من إقبال الناس على الإنفاق، وبالتالي لن يضبط معدلات التضخم كما يريد البنك المركزي".
مصير الشهادات
وأشار المحلل الاقتصادي إلى، أن "الهدف من شهادات العائد الأعلى "15 في المئة" كان هدفه ضخ مبالغ كبيرة في البورصة المصرية في بداية جائحة كورونا نتيجة توقف الإنتاج، وارتفعت أسهم البورصة خلال الفترة الماضية ووصل العائد في بعض الأسهم مئة بالمئة، والآن بعد عودة الحياة تدريجيا أصبح عائد الـ15 بالمئة الذي سيدفعه البنك كثير، والآن انتفت الأسباب التي صدرت الشهادة من أجلها وعاد الشارع إلى الإنتاج والاستهلاك، وستبقى الشهادات السابقة إلى أن تنتهي مدتها".
وأوضح الحويطي، أن "الأمر له علاقة أيضا بالديون الداخلية للدولة من البنوك، حيث تعد الدولة أكبر "مستدين" والبنوك الحكومية هي أكبر "مقرض"، حيث ترى الدولة أن أعباء خدمة الدين أصبحت مرتفعة جدا، وبالتالي تسعى الدولة لتخفيض سعر الفائدة من أجل تخفيض أعباء خدمة الدين، وغالبا سيكون هناك قرار من البنك المركزي المصري خلال أيام بتخفيض سعر الفائدة بشكل عام تتراوح بين 1 و 2 في المئة".
وأردف،
"من الطبيعي أن هذا التخفيض يكون له مردود إيجابي على الاستثمار، بأن يقوم المدخرون بسحب أموالهم من البنوك ويستثمرونها في السوق، ما يخلق حركة رواج في العقارات والاستثمار المباشر وغير المباشر على سبيل المثال، لكن الحقيقة أن تخفيض سعر الفائدة لن يجعل عملاء البنوك يسحبون أموالهم إلى السوق كنوع من الاحتياط".
إحداث رواج اقتصادي
من جانبها، قالت حنان رمسيس، الخبير في سوق المال المصري، هناك عدة أسباب لإيقاف بنكي مصر والأهلي شهادات "ابن مصر" ذات العائد الأعلى ومنها، أن البنك المركزي يسير نحو سياسة تيسيرية نقدية من خلال تخفيض أسعار الفائدة، ويسعى المركزي لجعل الفائدة أحاديةـ ليتجنب ما حدث في وقت جائحة كورونا من تعطيل للأنشطة والأفراد والمشروعات، لأن الأفراد كانوا يفضلون إيداع أموالهم في البنوك والحصول على فائدة عالية عن استثمارها في السوق سواء في البورصة أو شراء العقارات وغيرها.
وأضافت لـ"سبوتنيك" أن القرار يحاول تشجيع المشروعات الصغيرة لتحقيق عائد أعلى ورواج اقتصادي، وقد كان هناك فارق كبير بين الفائدة التي تقدمها البنوك وبين العائد على شهادات "ابن مصر"، حيث كان هناك إقبال كبير على تلك الشهادات من جانب المدخرين الذين لا يحبون المخاطرة، حتى أن تلك الشهادات كانت تغطى في وقت وجيز جدا، وهذا كان مؤشر سىء، لأنه كشف أن أفراد المجتمع يفضلون الادخار ذو العائد العالي دون مخاطر عن الاستثمار وتحقيق عوائد من تدوير رأس المال، لكن هذا الأمر كان به فائدة للدولة التي هي أكبر مقترض، لأنه مكنها من الحصول على قروض من البنوك لتمويل مشاريعها".
اتجاه للتخفيض
وتابعت، "لكن سعر الفائدة العالي أرهق كاهل البنك المركزي في ظل جائحة كورونا، فكان عليه إيقاف الإصدارات الجديدة من تلك الشهادات على أن يظل حامليها يحصلون على عوائدها كما هي دون تغيير إلى أن تنتهي المدة الزمنية المقررة لهم، وهذه الفكرة واردة لدى الدول التي تريد تنشيط أنشطتها واستثماراتها".
وحول احتمالية تخفيض البنك المركزي المصري لسعر الفائدة خلال الفترة القادمة قالت رمسيس،
"في البداية كنت أعتقد أن البنك المركزي سوف يتجه إلى تثبيت سعر الفائدة مع انخفاض معدل التضخم، لكن مع تلك الخطوة الفجائية، أعتقد أنه سوف يتجه إلى تخفيض سعر الفائدة خلال الأيام القليلة القادمة، ولذا نتوقع أن يتم تخفيض سعر الفائدة 100 نقطة خلال الاجتماع القادم للبنك من أجل أن يكون سعر الفائدة أحادي".
وكان بنكي الأهلي المصري، ومصر، قرارا في 22 مارس/آذار، طرح الشهادة البلاتينية الجديدة ذات العائد ال15% للشراء، وهي شهادة ادخار تتمتع بمعدل عائد ثابت طوال مدة الشهادة البالغة 12 شهرا، ليتخذا اليوم قرارا بإيقاف طرحها بعد مرور 6 أشهر على بداية إصدارها.
وتبلغ نسبة الفائدة على الشهادة 15% سنويا، ويصرف العائد شهريا ويتم احتساب المدة اعتبارا من يوم العمل التالي للشراء، وتبدأ فئات الشهادة من 1000 جنيها مصريا، ومضاعفاتها، وتصدر الشهادة للأفراد الطبيعيين أو القصر، ويمكن الاقتراض بضمان الشهادة، فضلا عن إمكانية إصدار بطاقات ائتمانية بضمان الشهادة، ويمكن استرداد قيمة الشهادة بعد مضي 6 أشهر اعتبارا من يوم العمل التالي لتاريخ الشراء تاريخ الإصدار، وفقا لقواعد الاسترداد والشروط والأحكام المنظمة.