مجتمع كامل يزيد تعداده عن 2 مليون نسمة خارج إطار العالم في القرن الحادي والعشرين، ومع زيادة التدهور الاقتصادي في السودان زادت معاناتهم.
الأوضاع الإنسانية والصحية تعدت حد الاحتمال، حيث بدأت ملامح هذه المعضلة قبل بضعة عقود وتم تجاهلها ولم تسلط عليها الأضواء الحكومية.
ارتبط إنسان الكنابي من البداية بالزراعة في القطاعين المروي والمطري، وهم الآن عماد العمال الزراعيين في السودان وعلى عاتقهم يقع عبء ترقية الإنتاج والإنتاجية في المشاريع الزراعية، بعد أن هجر معظم المزارعين العمل بالزراعة ليقوم سكان الكنابي، وخاصة المرأة بدور كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية الرأسمالية والغذائية الأخرى، وفي سبيل ذلك تحملوا كل تبعات الظروف السيئة، وتأثيرات التعرض المباشر وغير المباشر للمبيدات السامة وظهور الكثير من حالات السرطانات والفشل الكلوي وأمراض الكبد الوبائي.
بعد انهيار المشاريع الزراعية حدث تحول ديموغرافي وسط سكان الكنابي بالنزوح إلى المدن وأشباه المدن لمزاولة الأعمال الهامشية وقطاع كبير منهم أصبح يشكل 70% من جملة العاملين في التعدين الأهلي عن الذهب، وحلت المرأة مكان الرجل في المجال الزراعي، وتعد الكنابي من المنتجين الرئيسيين للخضر وتزويد العاصمة والمدن المجاورة باحتياجاتهم.
عدالة القضية
قال أمين عام مؤتمر الكنابي الدكتور جعفر محمدين، إن قضية الكنابي من أعدل القضايا نظرا لما وقع عليها من ظلم وتهميش تاريخي كبير جدا، وهنالك جهات داخل منبر جوبا تريد خطف قضية الكنابي من مؤتمر الكنابي، وأبناء الكنابي هم من يختارون من يمثلهم وليس رئيس مجلس الوزراء.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، نحن "في مركزية مؤتمر الكنابي نؤكد بأن تبني قضية الكنابي درب من دروب الوهم لأنها قضية حقوقية لها أهلها في الكنابي، وعلى الرفاق وعلينا أن نكون منصفين، كيف يتم تبني قضية بعيدا عن أهل المصلحة الحقيقيين، وهم أبناء الكنابي وعلى رأسها أكبر تكتل لأبناء الكنابي وهي مركزية مؤتمر الكنابي نفسه، وهنالك سند جماهيري كبير جدا لمركزية الكنابي، لذلك نحن في مؤتمر الكنابي نرفض هذا النهج القاصر لحل قضية الكنابي.
المحسوبية والتهميش
وأكد أمين مؤتمر الكنابي أن المحسوبية والمحاباة وتغييب إنسان الكنابي في كافة النواحي السياسية والاجتماعية وحدها جعلت إنسان الكنبو، مجرد صوت لا ينطق تتهافت عليه القوى السياسية في موسم الانتخابات مقابل وعود لا ترى النور.
وطالب محمدين بضرورة أن يحتل مواطن الكمبو مكانته الطبيعية في المجتمع مثل سائر التكوينات في المجتمعية، والتعامل بالبعد الإنساني مع القضية من أجل إزالة الفروق الاجتماعية المتوهمة، مشددا على ضرورة توفير أدنى مقومات الحياة لسكان الكنابي بالجزيرة كحد أدني من المطالب الخدمية كالمياه والكهرباء والصحة والعلاج والبيئة وتوفير وسائل الانتقال والمواصلات وبشكل خاص في فصل الخريف، حيث يتعذر الوصول إلى المستشفيات في الحالات الطارئة، ولفت إلى خطورة الانفجار السكاني الذي يحيط بالكنابي، الأمر الذي يتطلب اهتماما مبكرا تفاديا لحدوث كارثة.
مشروع السكن الاضطراري
من جانبه، لفت نائب الأمين العام للكنابي حامد عبد القادر، إلى أهمية مشروع السكن الاضطراري لتجميع الكنابي الذي جاءت فكرته في عهد الوالي الأسبق لولاية الجزيرة الفريق عبد الرحمن سر الختم، في العام 2005.
وأضاف لـ"سبوتنيك" بعد أن تم تخصيص مكتب لتنفيذ الفكرة من جانب سلطات أراضي الولاية وقتها وجمعت رسوم بالمليارات وتفاءل السكان بالوعود التي أطلقها المسؤولين تم حل جهاز السكن الاضطراري، وانتهى تماما الحديث عن هذا المشروع حتى اليوم، مناشدا بضرورة فتح ملف المشروع مجددا والعمل على تنفيذه من أجل حياة كريمة مستقرة آمنة لسكان الكنابي.
حلول ومقترحات
ووضع مؤتمر الكنابي مجموعة من الحلول لتلك القضية، منها الاعتراف بأن الكنابي كقوة اقتصادية داعمة للاقتصاد الوطني هى جزء من النسيج الاجتماعي، وهذا يتطلب ضرورة توزيع الكنابي ذات المساحات الصغيرة على الكنابي ذات المساحات الكبيرة بعد عمل مسح ميداني لكل الكنابي الموجودة، مع ضرورة تحديد حرم لكل كمبو حتى إضافة الكنابي الموجودة داخل البراقين، وفي كل محلية لابد من إنشاء مكتب مختص لشؤون الكنابي يكون بإشراف من مكتب الولاية، وتعيين لجان لكل كمبو تكون للجنة مسؤولية مباشرة لعملية حصر الكنابي بالتنسيق مع مكتب الولاية، علاوة على دمج الكنابي في المجتمع المحلي منعا للخلافات والاحتكاكات مع أهالي القرى.
وأكمل مؤتمر الكنابي مقترحاته لحل القضية بضرورة إشراك أبناء الكنابي في السلطة التشريعية والتنفيذية في والمشاركة في العملية السياسية في البلاد.
وعود بعد الثورة
طالب مؤتمر الكنابي الأول بالجزيرة نهاية أغسطس/أب الماضي الذي انعقد بقصر الثقافة بمدني تحت شعار (من أجل تطوير إنسان الكنابي والنهوض بمشروع الجزيرة)، برعاية والي ولاية الجزيرة وإشراف مدير جامعة الجزيرة وبحضور الجهاز التنفيذي بالولاية والجهات العدلية والشرطية بالولاية ومديري الجامعات والإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، طالب بتشكيل لجنة للتحقيق في كافة الجرائم التي ارتكبت بحق مواطني الكنابي وتقديم المسؤولين إلى العدالة والاهتمام الإعلامي والسياسي والسيادي بقضية الكنابي.
كما طالب المؤتمر بإلزام الدولة والسلطات التنفيذية بتوفير الخدمات الأساسية لسكان الكنابي والمتمثلة في السكن والتعليم والصحة والكهرباء وتفعيل وتأهيل دور الشباب وخلق فرص عمل لهم واستيعابهم في الخدمة المدنية على المستويين الاتحادي والولائي بجانب خلق مواعين تعزز ثقافة السلام الاجتماعي، وترسيخ مفهوم سيادة القانون، وتمكين المرأة وتفعيل دورها ومحاربة الأفكار السالبة والمساهمة في بناء دولة الديمقراطية كما حذر مؤتمر الكنابي من أن يدفع السودان ثمن الصراع الاجتماعي الدائر في ولاية الجزيرة.
واتهم جهات بالسعي لتفجير صراع اجتماعي بين القبائل، داعيا الجميع للتعايش السلمي ورتق النسيج الاجتماعي.