الحدث يستدعي أسئلة كثيرة، لعل أهمها: هل يسهم ذلك في إخراج العراق من أزماته الاقتصادية، وما العقبات التي يمكن أن تواجه الجانبين؟
أزمات العراق
قال الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، إن زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى العراق كانت مقررة منذ فترة، وسبق تلك الزيارة اجتماعات بين وفود مصرية عراقية في بغداد، وتمخضت تلك الاجتماعات عن الإعداد لتوقيع 15 اتفاقية تعاون بين الجانبين من أبرزها الزراعة والإسكان.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن "المشكلة ليست في توقيع الاتفاقيات بقدر ما تتعلق بعملية التنفيذ، فقد وقعت بغداد الكثير من الاتفاقيات مع عدد من الدول، ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ نظرا للتحديات التي يمر بها العراق".
وأشار إلى أن "أبرز تلك التحديات هو التمويل، فلدى العراق مشكلة كبيرة في السيولة، فمنذ 4 أشهر لم يحصل الموظفون على رواتبهم، علاوة على المشكلة الأمنية".
تعديل سعر الصرف
وتابع الخبير الاقتصادي، "كما قلنا إن أبرز الاتفاقيات هي ما تتعلق بقطاع الزراعة، وبالصادرات المصرية، تلك الاتفاقية قد تواجهها صعوبات في عملية التسعير للمنتجات المصرية، نظرا لأن العراق يتجه إلى تعديل سعر الصرف للدولار خلال الفترة المقبلة بزيادة 25 في المئة تقريبا، أي أن الدولار سوف يصل الى 1500 دينار عراقي. بمعنى أن تغيير سعر الصرف سيؤدي إلى خفض الدخل الحقيقي للمستهلك بنسبة أكبر من نسبة انخفاض الدينار، لأن العراق يستورد 90% من احتياجاته الغذائية والصناعية، وبالتالي تغيير سعر الصرف سيؤدي إلى خفض الدخل الحقيقي، مما سينعكس سلبا على أسعار السلع المستوردة ومنها السلع المصرية".
الإسكان والزراعة
وأشار المشهداني إلى أن "القطاع الذي قد يكون له الأولوية هو قطاع الإسكان، حيث إن هناك عجزا يقدر بـ3 مليون وحدة سكنية يحتاجها العراق، وهنا يمكن الاستفادة من الخبرات المصرية في هذا المجال، والأمر يتعلق بما تستطيع مصر تقديمه للعراق في ظل الصراع السياسي وعدم الاستقرار الأمني في البلاد".
إعادة الإعمار
وعلى الجانب الآخر قالت الخبيرة الاقتصادية المصرية حنان رمسيس، إنه "منذ أكثر من شهرين تجرى مباحثات بين القاهرة وبغداد وعمان فيما يتعلق بعملية إعادة إعمار العراق، وتنفيذ المشروعات المتعلقة بالأمن القومي العراقي، وهذه هى فرصة ذهبية للعمالة المصرية التي بدأت تعود من أماكن كثيرة حول العالم، وتسببت في رفع معدلات البطالة".
وأضافت لـ"سبوتنيك"، "العراق معجب جدا بالتجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي للنهوض بالدولة بعد أحداث يناير 2011، فالعراق يرى أنه يمكن أن يستعيد توازنه وقدراته مرة أخرى كبلد منتجة للنفط والتمور، وكانت تحتل مرتبة متقدمة بين الجيوش العالمية".
التجربة المصرية
وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن "العراق معجب بموقف الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) في النهوض بالدولة المصرية والتجربة النهضوية المثيرة، حيث كان البعض يتعجب كيف تستطيع مصر الوقوف على أقدامها مرة أخرى بعد الأحداث التي مرت بها، هذا ما أوجد يقين لدى العراق بأنه يمكن أن يستعيد قدراته مرة أخرى بمساندة مصر، ولم يدخر الرئيس المصري أي جهد في تقريب وجهات النظر ونقل التجربة للعراق وإمدادهم بالاحتياجات من ربط كهربائي والمساعدة في العملية التعليمية، وأيضا الاحتياجات في مجال الزراعة والصناعة من الخبرات المصرية".
وأوضحت أن "مصر كانت تمر بأزمة اقتصادية كبرى وانتهجت مسار الإصلاح الاقتصادي، لذا نطمح في مساعدة العراق للدخول في مسار الإصلاح الاقتصادي، لأن التعاون الصادق بين الدول العربية يساعدها على القيام مرة أخرى وتخطي الأزمات والعقبات، ولا ننسى تقارب الظروف بين الشعب العراقي والشعب المصري، وكلما تواجدت مصر في مكان يجب أن نعلم أن الدبلوماسية سوف تسود، لأنهم يعطون ما لديهم بكل إخلاص، فليس لدى مصر أي أطماع سياسية في الدول العربية أو غيرها، بل ما تريده مصر هو الاستفادة المتبادلة بين الأطراف الثلاثة، وقد يكون هذا التعاون نواة لعودة القوة الاقتصادية العربية مرة أخرى".
وكانت الحكومة المصرية، قد أعلنت اليوم السبت، أنه تم الاتفاق بشكل مبدئي مع العراق على إنشاء آلية "النفط مقابل الإعمار".
وأوضح بيان لمجلس الوزراء المصري اليوم أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ألقى كلمة في الجلسة الرئيسية لاجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة في العاصمة العراقية بغداد أشاد فيها "بما تم التوافق المبدئى حوله بشأن أهمية إنشاء آلية النفط مقابل الإعمار".
وأضاف البيان أن الآلية تتمثل في "قيام الشركات المصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق الشقيق، مقابل كميات النفط التي سوف تستوردها مصر من العراق".
وأكد مدبولي "أن إنشاء هذا الصندوق سوف يسهم في مضاعفة التعاون ويعزز تنفيذ المشروعات التنموية على أرض بلاد الرافدين الحبيبة".
وبحسب بيان لمجلس الوزراء العراقي، عبّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي يترأس الجانب العراقى في اجتماعات اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة "عن سعادته لاستضافة بغداد أعمال اللجنة العليا العراقية المصرية المشتركة، حيث سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات، في مجالات النقل والصحة والطاقة والكهرباء، والتعاون في المجالات العلمية والفنية والثقافية، داعيا "الشركات المصرية إلى المشاركة في إعادة إعمار المناطق المحررة (من الجماعات الإرهابية)".