القاهرة - سبوتنيك. ويتطور النزاع بين الحين والآخر إلى مواجهات عسكرية بين البلدين، كان آخرها النزاع الذي اندلع في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي وتأثيره على كلا البلدين.
الاعتراف الدولي
ويتركز النزاع بين الدولتين على إقليم ناغورني قره باغ الذي أعلن استقلاله عن أذربيجان، في عام 1991، دون أن يحظى باعتراف من أي دولة، ما أشعل حربا بين أرمينيا وأذربيجان، انتهت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في عام 1994.
ويعيش في هذا الإقليم نحو 150 ألف نسمة، أغلبهم من الأرمن الذين يرفضون حكم أذربيجان، ويعتمدون في إدارة شؤونهم بشكل أساسي على ميزانية أرمينيا ودعم وتبرعات الأرمن حول العالم.
ويقول أستاذ القانون الدولي وعضو مجلس الشؤون الخارجية المصرية، أيمن سلامة، في حديث مع وكالة "سبوتنيك"، إن "اتفاقية وقف إطلاق النار سيكون لها تأثير كبير على الاستقرار السياسي الداخلي في أرمينيا"، موضحا أن السياسيين المعارضين بدأوا في انتقاد تصرفات حكومة باشينيان بعد تصاعد القتال وضياع الأراضي".
الاحتقان الداخلي
وعقب الاتفاق، طالب 17 حزبا معارضا باستقالة رئيس الوزراء الأرميني من بينها الحزب الجمهوري وثاني أكبر حزب في البرلمان (24 مقعدًا)، وحسبما يرى سلامة أن "الاحتقان الداخلي في أرمينيا زاد بعد بيان الرئيس أرمين سركيسيان، حيث قال إنه علم بجوهر الاتفاقية من وسائل الإعلام".
ولفت سلامة إلى أن الاتفاقية لم تتضمن ما يشير إلى مستقبل وضع قره باغ: "لا توجد في الاتفاقية الموقعة إشارات إلى حقيقة أن وضع ناغورني قره باغ يجب أن يتحدد في المستقبل، فالاتفاق عسكري محض يهدف فقط للوقف الفوري للعدائيات العسكرية بين المتحاربين".
وبحسب سلامة، فإن الاتفاقية "حققت لأذربيجان عودة جزء كبير من المناطق - ليس فقط المقاطعات وشوشي - ولكن أيضًا استعادة الاتصالات الأرضية مع إقليم ناخيتشيفان"، إذ تنص الاتفاقية على "فك جميع الروابط الاقتصادية والنقل في المنطقة، ويجب أن تضمن أرمينيا روابط النقل بين المناطق الغربية لأذربيجان وجمهورية ناخيتشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي، وستتولى إدارة الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي السيطرة على روابط النقل".
وختاما يشير أستاذ القانون الدولي إلى أن هذه الاتفاقية ونتائجها كشفت "مدى تعزيز التحالف الأذري مع تركيا منذ بداية الأعمال العدائية، حيث قدمت أنقرة دعمًا عسكريًا تقنيًا نشطًا إلى باكو"، كما "يعظم الاتفاق الحالي لموسكو من دورها الرائد في جنوب القوقاز".
نتائج ناجحة
وبالنسبة لموسكو، يؤكد سلامة أن النتيجة الحالية "ناجحة للغاية"، حيث تظل "اللاعب الرئيسي في المنطقة"، كونها لم "تتأخر لحظة واحدة منذ اندلاع الصراع المسلح في الإقليم عن بذل جهودها الحثيثة للتسوية السلمية للنزاع، ونجحت في ذلك".
في السياق ذاته، يقول أحمد قنديل، رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لوكالة "سبوتنيك" إن "هذه المنطقة مهمة للغاية لأنها تمتلك ثروات ضخمة، وأصبحت ذات أهمية جيوسياسية كبيرة بعد اكتشاف وتصدير الغاز منها إلى أوروبا"، لافتا إلى أن تصدير الغاز وانتشار فيروس كورونا المستجد كانا سببان أساسيان في تجدد الصراع، حيث يقول إن "النقطة الأولى [التي أدت إلى اشتعال الصراع] هي انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وما ترتب عليه من تداعيات اقتصادية وسياسية، ربما جعلت الدولتين تفكران في استحضار صراع خارجي للتغطية على الإخفاق في معالجة أزمة "كوفيد-19" ومحاولة إشغال الرأي العام بالتغطية".
نقل الغاز الطبيعي
وتابع: "أما النقطة الثانية هي مسألة نقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا، ربما يكون قد أعطى هذا ثقة لأذربيجان أن المجتمع الدولي يمكن أن ينحاز لها في هذه الأزمة الممتدة منذ سنوات، خاصة مع تزايد ثقلها السياسي والاقتصادي، وقدرتها على شراء أسلحة جديدة نتيجة لعائدات تصدير الغاز".
وحول دور روسيا في إبرام الاتفاقية، أشار قنديل إلى أن "روسيا تريد تهدئة هذا الصراع في الوقت الحالي، لأنه صراع على حدودها المباشرة وهي دولة صديقة للدولتين، وربما يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يرغب في تهدئة هذا الصراع بشكل أو بآخر ولا يرغب في إشعاله لأنه بالفعل روسيا تدخل في صراع شديد مع الغرب في عدد من الملفات المهمة، وهو لا يريد ربما فتح ملف جديد على حدوده المباشرة".
الدور التركي
أما عن دور تركيا، فيرى قنديل أن "الدور التركي كان دورا سلبيا للغاية"، ويوضح أن "أنقرة سارعت في عرض مساعدتها على أذربيجان، سواء من حيث مدها بالأسلحة أو التدريب أو غيرها، طبعا هي لها صراع طويل مع أرمينيا بسبب مذابح الأتراك ضد الأرمن، وهذا الدور السلبي ساهم في تفاقم الصراع، وأعطى الضوء الأخضر لأذربيجان بالتمادي في مناوشاتها العسكرية ضد أرمينيا وعدم التهدئة وبالتالي زعزعة الاستقرار في المنطقة".
ووقّعت أرمينيا وأذربيجان برعاية روسيا، يوم الاثنين الماضي، اتّفاقاً لوقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، وقعوا إعلانا مشتركا حول وقف إطلاق النار في قره باغ.
وينص إعلان وقف إطلاق النار على توقف القوات الأرمينية والأذربيجانية عند مواقعها الحالية، وانتشار قوات حفظ السلام الروسية على امتداد خط التماس في قره باغ والممر الواصل بين أراضي أرمينيا وقره باغ.