يرى محللون لبنانيون أن البلد أصبح أمام أزمة ممتدة، وأن ما ظهر في مقطع الفيديو المسرب منذ أيام وحرب البيانات الدائرة تعكس الواقع والمستقبل المتوتر المرتبط بكافة التغيرات الحاصلة في المنطقة.
وكانت إحدى محطات التلفزيون اللبنانية، قد نشرت تصريحا مثيرا سجل خلال تصوير لقاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
والتقط الفيديو، خلال اجتماع جمع عون بدياب قبيل جلسة المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، وقد سأل دياب عون: "وضع التأليف كيف صار فخامة الرئيس"، فرد عون قائلا: "لا يوجد تأليف.. قال أعطاني ورقة، عم يكذب، عمل تصاريح كاذبة، وهلا ليك قديش غاب، ليك حظهن اللبنانيين، وهلا راح ع تركيا ما بعرف شو بيأثر".
وفي أول رد فعل له، استعان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بنصوص من الكتاب المقدس للرد على ما جاء في الفيديو المسرب للرئيس اللبناني ميشال عون.
ورد الحريري، عبر حسابه الرسمي على "تويتر" بتغريدتين، جاء في الأولى:
"من الكتاب المقدس - سفر الحكمة: إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ،١/٢". وذكر في الثانية: "لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ ٢/٢".
سيناريوهات ثلاثة
يقول المحلل السياسي اللبناني وسيم بزي إن "العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وصلت إلى حائط مسدود، وتراكم لمساحات عدم الثقة بعد خمسة عشر لقاءً بينهما منذ التكليف".
وأضاف بزي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الواقع الراهن سببه الأول هو اختلاف الأجندة السياسية، وسببه الثاني التصادم في رؤية المرحلة المقبلة وترتيب أولوياتها".
أما السبب الثالث بحسب الخبير، هو
"معركة "لي الأذرع"، خاصة أن الحريري كان يحاول الاستفادة من الزخم الفرنسي وانفجار المرفأ لينتزع من عون تنازلات مرتبطة باستحقاقات السنتين الأخيرتين من عهد عون، مثل الحصول على وزارتي العدل والداخلية".
ويرى وسيم بزي أن "الحريري أصر على التمسك بالوزارتين وجعلهما من حصته في البازار المفتوح على تحاصص الوزارات".
أما "السبب الأعمق للخلاف فهو مصيرية الأشهر القادمة في رسم مستقبل المنطقة ومنها لبنان، وذلك ربطا لخروج ترامب من البيت الأبيض، وانعكاس ذلك لحسابات وأوراق جديدة بالنسبة للاعبين الداخليين في لبنان"، بحسب رأيه.
وعلى ما يبدو أن المراوحة والاستعصاء السياسي وتقاذف اتهامات التلاعب بالدستور هي سِمة المرحلة الحالية، وأن الجميع يشتري الوقت في ظل الانهيار الحاصل"، بحسب بزي.
أما الخبير السياسي والأمني اللبناني، سمير الحسن، فقال إن "الخلاف بين عون والحريري أبعد من تأليف الحكومة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن
"ما يجري الآن هو تعبير عن أزمة ثقة بين جميع القوى والفرقاء السياسيين، وأن هذه الأزمة تعقد تشكيل الحكومة، خاصة في ظل صعوبة إقصاء طرف لآخر نتيجة التوازنات في لبنان وعدم وجود قوى خارجية تدعم طرف على حساب آخر، وأن لبنان أمام أزمة ممتدة".
وفي وقت سابق، قدم سعد الحريري، الذي كُلف بتشكيل الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للرئيس عون، تشكيلا وزاريا، قائلا إن "المناخ إيجابي"، فيما ذكر مكتب عون حينها أن، "الطرفين اتفقا على محاولة معالجة الفروقات بين اقتراحاتهما، لكن الأجواء توترت بشدة فيما بعد".
وكان الحريري قد تعهد لدى اختياره رئيسا للحكومة للمرة الرابعة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بتشكيل حكومة سريعا، تكون قادرة على إحياء خارطة الطريق الفرنسية. لكن الخلافات السياسية القديمة عرقلت محادثات تشكيل الحكومة في وقت تتجه فيه البلاد نحو ما تحذر وكالات الأمم المتحدة من أنه سيكون "كارثة اجتماعية".