وأضاف أن "أبناء النهضة سيكونون في الميدان لحماية أمن التونسيين وممتلكاتهم الخاصة والعامة وحقوقهم ومعالجة المطالب المشروعة".
وعقب هذه الدعوة تصريح مماثل للقيادي في حركة النهضة محمد القوماني قال فيه إن "حركة النهضة موجودة في كامل البلاد، وواجب شبابها أن يحمي ممتلكات الشعب وينسق مع الأمن ويساعد قدر استطاعته في مواجهة أعمال الشغب".
تقويض الأمن الجمهوري
واعتبر النائب عن التيار الديمقراطي زياد الغناي في تصريح لـ "سبوتنيك" أن هذه التصريحات تقوّض الأمن الجمهوري، وتذكّر التونسيين بتجارب من تاريخ تونس الأسود.
ويرى الغناي أن النهضة حاولت من خلال هذه التصريحات إحياء فكرتها القديمة، في إشارة إلى أحداث 9 أفريل 2012 حين قامت روابط حماية الثورة المسنودة من حركة النهضة بقمع المحتجين واستخدام العنف ضدهم.
وقال الغناي "هذه الدعوة صريحة ولا يمكن أن ينظر إليها من جانب حسن النية لأن الموضوع لم يطرح من قبل مواطنين وإنما من قبل حزب سياسي من المفترض أن يضطلع بدور التهدئة".
وأضاف أن "تصريح القيادييْن في حركة النهضة قد ينتج عنه اشتباكات بين المواطنين ويقود إلى سيناريوهات سوداء".
وشدد النائب على ضرورة أن يقع شجب هذا الخطاب، مؤكدا أن حزبه راسل رئيس الحكومة بوصفه وزيرا للداخلية بالنيابة وطالبه بإدانة هذا التصريح وتبيان موقفها منه، على اعتبار أن وزارة الداخلية هي الجهة الوحيدة بالإضافة إلى المؤسسة العسكرية التي تمتلك الحق في ممارسة العنف الشرعي المؤطر بالقانون.
واعتبر الغناي أن هذه التصريحات كشفت أن ضعف الثقافة الديمقراطية لحركة النهضة التي سبقت أن أدلت بتصريحات تضرب الأمن الجمهوري وتدخلت في ملفات قضائية ما تزال طور التحقيق، في إشارة إلى إيقاف رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.
التشريع لحرب أهلية
من جانبه، قال القيادي في التيار الشعبي محسن النابتي لـ "سبوتنيك"، إن التصريحات التي وردت على لسان القيادييْن في حركة النهضة تعتبر جريمة من المفترض أن يقع تكذيبها من الأطراف الرسمية وأن يتم التنديد بها من قبل رئاستيْ الحكومة والجمهورية.
وتابع النابتي "كشف هذا الخطاب الوجه الحقيقي لحركة النهضة التي بنت حزبها على ثقافة المليشيات واختراق الدولة من الداخل"، مشيرا إلى أن الحركة حاولت سابقا تمرير بند في الدستور يسمح بجماعات أخرى أن تحمل السلاح قبل أن يتم إقرار بند واضح يمنع أن يحل أحد محل الأمن والقوات المسلحة، بعد أن جوبه مقترح النهضة برفض واسع من مختلف مكونات المجتمع التونسي.
وقال النابتي "التوصيف السياسي والقانوني لأن تحل مليشيات النهضة محل الأمن والجيش والسماح بالتصادم مع الأهالي من شأنه التشريع لحرب أهلية مكتملة الأوصاف".
وأشار إلى أن التيار الشعبي لم يتفاجأ بهذا الخطاب، على اعتبار أن حركة النهضة سبق أن استخدمت جهازها الأمني السري الذي يمثل تهديدا حقيقيا لأمن الدولة ولسلامة التونسيين.
وشدد النابتي على أن هذا الخطاب مرفوض بشكل قطعي، داعيا النيابة العمومية للتحرك واستجواب القيادييْن اللذين أدليا بهذه التصريحات لأنها تمس بالأمن القومي ولأن الدستور والقانون يمنعان منعا باتا أن يحل أحد محل الأجهزة الرسمية للدولة.
كما دعا إلى أخذ هذه التصريحات محمل الجدل، على اعتبار أنها صادرة عن رئيس مجلس شورى النهضة الذي يعتبر أعلى سلطة في الحركة، مشيرا إلى أن تزامن تصريح الهاروني وتصريح القوماني لم يكن اعتباطيا أو انفلاتا اتصاليا، لأنه صادر عن قرار المكتب التنفيذي للحركة.
تصور موازٍ للدولة
إلى ذلك، اعتبر القيادي في حركة الشعب والنائب عن الكتلة الديمقراطية في البرلمان عبد الرزاق عويدات أن تصريحات الهاروني والقوماني بنيت على قياسات خاطئة.
وأوضح عويدات في حديثه لـ "سبوتنيك"، أنه لا يمكن قياس الوضع الذي تعيشه تونس الآن في ظل الاحتجاجات الأخيرة بما وقع في 2011 حين انسحبت القوات الأمنية من الأحياء والقرى وتحملت مجموعات المجتمع المدني مسؤولية حماية المؤسسات العامة والخاصة.
وأضاف "كما أنه لا يمكن لحركة النهضة أن تقيس الوضع الآن بما وقع في الجنوب التونسي عند مهاجمة الإرهابيين مدينة بن قردان، وعاضدت الجماهير الشعبية قوات الجيش والأمن الوطني في سبيل حماية مدينتهم من غزو ارهابي.
وتابع "لكن الآن القوات الأمنية تعمل والدولة بمؤسساتها تنشط بكامل معداتها، معتبرا أن أي حديث عن حماية المؤسسات العامة والخاصة من قبل مجموعات مدنية هو تصور موازي للدولة"، وبيّن أن استخدام قوات أمنية موازية سيؤدي الضرورة إلى تكوين العصابات والمليشيات.
وشدد عويدات على أنه لا يمكن القبول بهذه الأفكار أو حتى التفكير فيها، لأن الأمن هو السلطة الوحيدة التي تمتلك واجب حماية المؤسسات العامة والخاصة، مشيرا إلى أن دور المجتمع المدني والسياسيين لا يمكن أن يتعدى التأطير والتوجيه حتى تكون احتجاجات الشباب سلبية وقائمة على مطلبية واضحة.
وقال عويدات "استخدام المليشيات الحزبية في ضرب المحتجين بحجة مساندة الأمن سيفرز حربا أهلية، وهو أمر خطير ولا يمكن لتونس أن تنزلق نحوه.
ولم تصدر حركة النهضة أي توضيح أو نفي لدعوة شباب الحركة إلى الخروج إلى الشارع لحماية الممتلكات من المخربين، غير أن القيادي عبد اللطيف المكي (الشق المعارض للغنوشي) اعتبر أن التواجد على الميدان لا يكون إلا لأجهزة الدولة دون أي شريك ما عدا منظومات التأمين الذاتي والتي هي جزء من النسيج الأمني.