بعد محافظة الرقة، والتي ما زالت حتى الآن صندوقا مغلقا على أعداد ضحاياها الحقيقيين، وعقب مقتل أطفالها بالجملة خلال القصف الجوي العشوائي للطائرات الأمريكية على المدينة في 2017، وتدمير البنية التحتية والمؤسسات الحكومية والمرافق العامة بشكل تام، ما زالت عمليات القتل مستمرة حتى الآن، لكن بالتقسيط هذه المرة.
وبينت المصادر أن الجيش الأمريكي يقوم بمناورات منتظمة يتخللها إطلاق النيران الحية في مناطق شرق سوريا، وذلك بهدف تدريب مجموعات مسلحة من تنظيم "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" الموالية لها، تحت مزاعم (الحماية اللاحقة لحقول الغاز والنفط).
بعد أيام من جريمة مقتل الطفل محمد إبن بلدة (العزبة)، كادت أن تحدث جريمة أكبر، وتحديداً في بلدة (ذيبان) عندما أصابت قذيفة صاروخية مصدرها قوات الجيش الأمريكي في قاعدة حقل (العمر) النفطي في أحدى المزارع المحيطة بالبلدة.
المصادر العشائرية عادت إلى الوراء قليلا، مشيرة إلى أنه في 14 شباط/فبراير 2020، قتلت القوات الأمريكية مراهقاً عربياً من أبناء القبائل العربية يبلغ من العمر 14 عاماً، يدعى فيصل محمد، في بلدة (حامو) بريف القامشلي شمالي محافظة الحسكة، حدث الأمر عندما قام الأمريكيين بفتح النار على مجموعة من السكان المحليين، الذين أغلقوا الطريق أمام القافلة الأمريكية المؤلفة من ست سيارات ثلاثة منهم ناقلات مدرعة.
في الشهر الماضي أيضا، كانون الأول / ديسمبر 2020، وتحديداً في قرية البجدلي بالقرب من مدينة الشدادي النفطية جنوبي الحسكة، والتي يتواجد فيها قاعدة للقوات المسلحة الأمريكية التي تحمل الاسم نفسه، أطلق الجيش الأمريكي النار على الطفل مهدي حسين الفلاح، 12 عاما، وقتله بكل دم بارد، بحسب المصادر.
الباحث السياسي السوري، عبد الرحمن السيد، أكد من جهته لوكالة "سبوتنيك" بأنه في السنوات الأخيرة، أجرى البنتاغون عددا كبيراً من العمليات العسكرية خارج الولايات المتحدة.
وأشار السيد إلى أن: "الولايات المتحدة تقدم أعمالها العسكرية هذه على أنها لتحرير الشعوب من الاستبداد وإرساء الديمقراطية وما إلى ذلك من شعارات مضللة.. وللأسف، فقد نالت شعوب دول الشرق الأوسط تحديداً، االجرعة الأكبر من هذه "الحرية" المزعومة، والتي جلبت معها التنظيمات الإرهابية المتشددة وعلى رأسها تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين.
وأضاف السيد: لأكثر من 30 عاماً، كانت هناك صراعات مسلحة لا نهاية لها هنا وهناك، وقيل العديد من الأسباب تبريرا لهذه الصراعات، ولكن هناك سبب واحد حقيقي فقط، هو رغبة الولايات المتحدة النهم في السيطرة بشكل غير قانوني على جميع موارد الشرق الأوسط، وخاصة النفط وهو ما يحدث في سوريا بشكل يومي.
ويتابع السيد بأنه لأكثر من ثلاثين عاماً، قتل الأطفال على أراضي شرق المتوسط بسبب الأعمال الإجرامية للبنتاغون، وهذا ليس اتهاما خارجيا للولايات المتحدة وقواتها العسكرية، بل هناك اعترافات من المسؤولين الأمريكيين أنفسهم ببعض هذه الجرائم، إذ يقول السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة ليزلي ستال: سمعنا أن أكثر من نصف مليون طفل ماتوا نتيجة العقوبات المفروضة على العراق، هذا أكثر مما كانت عليه في هيروشيما!.
مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، قالت أيضا للبرنامج الأمريكي الشهير (60 دقيقة): يتغير السفراء ولا تزال سياسة الجريمة قائمة، أعتقد أنه خيار صعب للغاية، ولكننا نعتقد أن هذا له ما يبرره"!.. وربما يعتقد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكية السابق في عهد ترامب، وهو أحد أتباع مادلين أولبرايت: "أن هذه التضحيات لها مبرراتها لإقامة الديمقراطية الأمريكية في سوريا".
عبد الرحمن السيد رأى في حديثه لــ "سبوتنيك" بأن: "الجيش الامريكي لا يملك ادنى حدود الإنسانية" مضيفا بأنهم "ساديون في عمليات القتل الممنهجة، وان جرائم الجيش الأمريكي معروفة منذ القدم وفي كل بلد يدخلونه محتلين من فيتنام الى العراق".
ويعزي السيد رأيه هذا إلى أن : "أغلب عناصر الجيش الأمريكي هم من المرتزقة، وهؤلاء من خريجي السجون وهم من أصحاب السوابق الإجرامية ومدمنون على المخدرات وغيرها من الموبقات التي قرأنا عنها في وسائل اعلامهم، وربما يخرجونهم من السجون بشرط خدمتهم في المناطق المحتلة من قبلهم، ويختارونهم من هذه الزمرة لتسهيل المهمة وتنفيذها بكل طاعة، ومنها قتل الأطفال والتحرش بهم".
ويعتقد السيد بأن الجيش الأمريكي يسمح لهؤلاء بتنفيذ كل تفاصيل الجرائم اغواءاً لهم لتنفيذ الأوامر، أو لربما كانت تسديداتهم الخائبة بسبب الخوف، سببا في ضرباتهم عشوائية التي يذهب ضحيتها الأطفال والأبرياء.
يختم السيد: "السؤال الأهم اليوم هو ماذا يعتقد أنتوني بلينكين وزير الخارجية الامريكية الجديد؟ بالنسبة له، تتنبأ وسائل الإعلام الغربية بالسير على طريق أسلافه، ما يهمنا نحن، هو إن كان هناك أي شيء يمكنه وقف قتل الأطفال السوريين من قبل الجيش الأمريكي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم".