وفي عظة الأحد قال البطريرك الماروني: "الشعب اللبنانيّ بات محرومًا من أبسط حقوقه الإنسانيّة للعيش الكريم، فيما المسؤولين يشلّون الدولة والحياة العامّة بعنادهم في تعطيل تشكيل السلطة الإجرائيّة المتمثّلة في الحكومة، فبتنا نشكّ في نواياهم الوطنيّة"، حسب موقع النشرة اللبناني.
وأوضح الراعي من يقصد بالمسؤولين حينما تأسف في عظته قائلا: "من المحزن والمخزي حقًّا أن يكون الخلاف غير المبرّر في تطبيق المادّة 53/4 من الدستور سببًا لتشنّج العلاقة بين رئيس الجمهوريّة والرئيس المكلّف" كاشفا أن الحال وصل بين الاثنين إلى حدّ "التخاطب بواسطة المكاتب الإعلاميّة والأحزاب الموالية ردًّا بردّ، كما من وراء متاريس تزيد من تشقّق لحمة الوحدة الداخليّة".
وقرر البطريرك الماروني أن ما يحدث بين عون والحريري "ليست أصولَا لعلاقةِ بين رئيسِ جمهوريّةٍ يُفترضُ أن يكون فوق الصراعات والأحزاب، وبين رئيسٍ حكومة مكلَّفٍ يُفترضُ أن يَستوعِبَ الجميعَ ويَتحرّرَ من الجميع".
وفي لهجة لا تنقصها الصراحة قال الراعي: "إذا لم تَصطَلِح العلاقةُ بين الاثنين لن تكون لنا حكومة، فهما محكومان بالاتفاقِ على تشكيل حكومة "مهمّة وطنيّة" تَضُمُّ النُخبَ الإخصّائيّةً الاستثنائيّةَ وليس العاديّةَ المنتميةَ إلى الزعماءِ والأحزاب".
وحذر من أن "الإمعان في التعطيل يتسبّب بثورة الجياع وحرمانهم من أبسط حقوقهم ويدفع بالبلاد إلى الإنهيار، وهذا منطق تآمري وهدّام يستلزم وضع حدّ له من أجل إنقاذ لبنان".
وعن ما حدث في طرابلس من احتجاجات قال الراعي: "نشجب ونُدين بشدّة العنف الذي يُرافق التظاهراتِ في مدينة طرابلس العزيزة، ونَستنكرُ الاعتداءَ على المؤسّساتِ العامّة والممتلكاتِ الخاصّة وعلى الجيشِ اللبنانيِّ وقِوى الأمن".
وخاطب البطريرك الماروني سياسيي بلاده قائلا: "بدلا من أن تحلّلوا، أيّها المسؤولون السياسيّون، مَن يَقفُ وراءَ المتظاهِرين لتبريرِ تقصيرِكم المزمِن، كان الأجْدى أن تَستبقوا الانفجارَ المتصاعِدَ وتُعالجوا أوضاعَ الأحياءِ الفقيرةِ في مدينةِ طرابلس، وحالات الجوع العام في البلاد، فأنتم أنفسكم تشرّعون الأبواب أمام المخرّبين ومستخدميهم".
ودعا الراعي السياسيين إلى أن يكفوا "عن تجاهلِ الأسبابِ الحقيقيّة، وهي اجتماعيّةٍ وماليّةٍ ومهنيّةٍ ومعيشيّة" مؤكدا: "الفَقرُ وراءَالمتظاهرين، والجوعُ أمامَهم واليأسُ يملأ قلوبهم ويُشجِّعُهم، وأنتم تَتقاذَفون المسؤوليّةَ وتَتبارَوْن في تفسيرِأسبابِ التظاهراتِ وأهدافِها، كما تَتقاذفون المسؤوليّةَ حولَ أسبابِ عدمِ تأليفِ الحكومة وهي واهية".
وتابع: "لكم نقول بكلّ أسف: ما كان شعب لبنان يومًا يتيمًا مثلما هو اليوم، فعوضَ أن يَنظُرَ إلى دولتِه يَنظُر إلى الدولِ الأُخرى، وعوضَ أن ينظّم انتخاباتِه يَنتظرُ انتخاباتِ الآخَرين، وعوضَ أن يرى الإصلاح في مؤسّساتِ بلادِه يَتطلّعُ إلى مؤسّساتِ المجتمع الدولي، وعوضَ أن يثق بمسؤوليه يضع كلّ ثقته في مسؤولين أجانب، وعوضَ أن يرتاح إلى عدالةِ دولتِه يَنشدُ عدالةً دوليّة، فهلّااستخلصتم العبرة، وأصلحتم ذواتكم وممارسة مسؤوليّاتكم؟".
وأكد الراعي على استقلالية القضاء قائلا:"إذا لم يكن القضاء مستقلًّا، لن يكون عادلًا، بل يصبح أداةً للظلم والكيديّة ولإعتماد أسلوب الوشاية وفبركة الملفّات واستباحة الكرامات" لافتا إلى أن "هذا ما نشهده بكلّ أسف في هذه الأيّام. أشخاص يظلمون لأسباب سياسيّة وحسابات شخصيّة وفئويّة بسوء استخدام القضاء".
وتساءل: "ماذا؟ هل صرنا في دولة بوليسيّة، ديكتاتوريّة؟ فلتحزم المرجعيّة القضائيّة أمرها، فتضبط كلّ قاضٍ يأتمر بأوامر السياسيّين والسلطة الحاكمة، وتحافظ على ثقة الشعب بالقضاء. ثمّ أين نحن من التحقيق العدليّ بشأن انفجار مرفأ بيروت، وإلى متى ينتظر الموقوفون نهاية التحقيق لكي يعرفوا مصيرهم".