الكفيف محمد (30 عاما) ولد ضعيف البصر، وفقده تماما في الخامسة من عمره، لكنه الوحيد الذي يستطيع الكلام على عكس عبد الله ونور، وجاءت فكرة إنشاء مخبز لديهم كتحدي للإعاقة وأسموه مخبز النور، ليكون نورا يغير حياتهم ويمكنهم من الاندماج في المجتمع وتوفير مصدر دخل يعيلهم دون الحاجة للناس، ويقول محمد لقد كونت مع أخوتي لغة خاصة من خلال الطبطبة بكفوف الأيدي والنقر بالأصابع للتواصل والتعاون في إدارة مخبزنا.
والدهم تعلم طريقة عمل الخبز ثم علمهم إياها، وقد استطاعوا أن يتقنوها، وقد أحب الزبائن منتوجهم الذي تفوح رائحته عند المرور بجانب مخبزهم، ويقول أديب ذيب وهو زبون اعتاد الشراء من مخبز النور، لقد وجدت مع مرور الوقت طريقة للفهم المتواصل مع الأشقاء الثلاثة وبسهولة يفهمون علي وأنا أفهم عليهم وليس أنا فقط فهم يلبون جميع طلبات الزبائن، وأشيد بكفاحهم واستطاعتهم التغلب على الإعاقة وعمل منتوج نظيف وطيب لا يوجد في كثير من المخابز.
الأشقاء أحبوا روتين الحياة التي يعيشونها، ويتعاملون باستقلالية مع الكثير من تفاصيلها، بما في ذلك صنع الخبز الذي يقدمونه للزبائن، وقد واجهوا عدد من الصعوبات في البداية تتمثل بوجود كل الماكينات في مكان واحد وهو جعلهم يحتاجون وقت أطول في العمل ولكنهم تغلبوا على هذا الأمر بتقسيم المخبز إلى أقسام وكل قسم يوجد فيه مرحلة لصناعة الخبز، فمرحلة العجين منفصلة عن مرحلة الفرن، ويقول محمد لا نستطيع أن نقول إننا تغلبنا على جميع الصعوبات، فالحياة تحتاج للمثابرة دوما وما زلنا نعاني من التواجد الليلي والنهاري في المخبز فهذا يشكل نوعا من الإرهاق، لكن التعب يغادرنا ونحن نسمع من الزبائن أن الخبز الذي نصنعه يعد رقم واحد في محافظة سلفيت.
الأحلام لا تتوقف عند الأشقاء الثلاثة، فالتطوير هو هدفهم القادم بإدخال منتوجات جديدة يطلبها الزبائن مثل الكعك وأصنافه، لكن القدرة المادية ما زالت تقف عائقا أمامهم لشراء الماكينات الخاصة، ويقول محمد نتمنى أن نتقدم وكما أصحبنا محترفين بصناعة الخبز أن نصبح محترفين بالأصناف الأخرى، ويبقى أننا حققنا جزءا كبيرا من أحلامنا وخرجنا من عزلتنا وخالطنا المجتمع وتفاعلنا معه وأثبتنا أن الإعاقة الحقيقة هي الاستسلام للواقع وأن الإرادة تحقق المستحيل.