ما هى أسباب تلك الزيادة وتأثيرها على الواقع السياسي، وهل تعبر تلك النسبة عن الواقع الحقيقي، الذي تعيشه البلاد؟
يرى الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، أن نسبة الفقر في العراق تجاوزت الـ40 في المئة، وأن ما أعلنته وزارة التخطيط العراقية عن ارتفاع النسبة من 24 - 27 في المئة غير دقيق، لأن الوزارة لا تمتلك استبيانات ومعلومات كافية، وفقا لتقارير البنك الدولي فإن جائحة كورونا أضافت ما يقرب من 3 مليون مواطن إلى ما تحت خط الفقر.
إجراءات حكومية
وتابع، ساهم التضخم وارتفاع الأسعار في زيادة أعداد الفقراء والداخلين تحت خط الفقر، ولم أجد إلى الآن أي إجراءات رسمية كفيلة بالحد من تلك النسبة، وأيضا حتى على المستوى الأهلي والاجتماعي، المشكلة تتزايد مع مرور الوقت ولا تتوقف، وهذه الإجراءات الحكومية الأخيرة سوف تؤدي إلى زيادة أعداد الفقراء، خصوصا عمليات الاستقطاعات الضريبية من رواتب الموظفين والتي تصل تقريبا إلى ربع الراتب، هذا بالإضافة إلى الانخفاض الحقيقي في الرواتب نتيجة تغيير سعر الصرف.
حالة من التذمر
وأوضح المشهداني، أن زيادة نسبة الفقر في البلاد سوف تؤثر بشكل كبير على الواقع السياسي، فقد بدأت عمليات التذمر من الوضع الراهن تسود الكثير من المناطق العراقية، وهو أمر تناقلته الكثير من وسائل الإعلام، ولم يعد الأمر قاصرا على فئة بعينها، بل حتى التجار والمستوردين نظموا العديد من التظاهرات أمام البنك المركزي اعتراضا على تخفيض قيمة الدينار العراقي.
النسب الحقيقية
ويتفق الدكتور رحيم الكبيسي الخبير الاقتصادي العراقي مع الرأي السابق في أن النسبة المعلنة للفقر من جانب وزارة التخطيط غير واقعية، و يتجاوزها الواقع على الأرض بكثير، حيث تصل النسبة إلى ما يقارب 50 في المئة من عدد السكان.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، هل تتصور أن بلد يصدر يوميا ما يقارب 3 مليون برميل من النفط، ويتراوح سعر البرميل بين 60-67 دولار، ورغم ذلك نصف سكانه تحت خط الفقر، الخلل يكمن في الإدارة في المجموعة التي تحكم منذ العام 2003 وحتى الآن.
خلل إداري
منوها في الوقت ذاته إلى المرتبات الضخمة التي يتسلمها أعضاء مجلس النواب وتوابعه، أو ما تسمى بالرئاسات الثلاث"الجمهورية والوزراء ومجلس النواب"، في الوقت الذي يفترش مئات الألوف من العراقيين الأرض ويلتحفون السماء ولا يجدون قوت يومهم، تلك هى أماكن الخلل في العراق "الإدارة"، ولو عدنا قليلا، فقد ظل العراقيون تحت الحصار أكثر من عقد من الزمان، لكننا لم نجد من يتضور جوعا، فقد كانت البطاقة التموينية تغطي الأشياء الضرورية لكل عائلة، فلم تكن مسألة الفقر موجودة ولو بنسبة معينة، وما يعيشه الناس اليوم ليس فقرا فقط، بل فقر وجوع، ولا تستطيع أن تتخيل أن العراق به نسبة فقر قد لا تجدها في مجاهل أفريقيا.
وقال الهنداوي: "بعد رفع سعر صرف الدولار فإن مؤشر التضخم ارتفع بنسبة 4.9 الى 5 في المئة، بينما ارتفعت مؤشرات الفقر الأولية بنسبة 26 الى 27 في المئة".
وكشف أن وزارة التخطيط انتهت من إعداد "خطة الإصلاح والتعافي"، مستجيبة للتحديات، وتم الأخذ بالاعتبار "الأزمة المركبة التي يعيشها البلد، وهي الأزمة الاقتصادية والأزمة الصحية، وما نجم عنهما من رفع نسبة الفقر ورفع الأسعار والتضخم وحالة الانكماش الاقتصادي التي عصفت بالبلد".
وأوضح المتحدث أن خطة الإصلاح والتعافي سيكون عمرها سنتين من 2021 إلى عام 2023، وتعمل على 3 مسارات.
وقال إن المسار الأول في هذه الخطة، اقتصادي يتضمن تحسين مستوى الاقتصاد ودعم القطاع الخاص، والثاني اجتماعي يتضمن دعم مستوى الخدمات في مجال الصحة والتعليم وعودة النازحين وتمكين المرأة، أما المسار الثالث فهو المحور المكاني الذي يتضمن معالجة الفجوات التنموية الموجودة في المحافظات، وفق قوله.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت وزارة التخطيط العراقية انخفاض نسبة الفقر في البلاد إلى 25 في المئة من مجموع السكان، بعد أن كانت 31.7 في المئة عام 2020.
وارتفعت نسبة الفقر خلال المرحلة الأولى لظهور جائحة كورونا في النصف الأول من العام 2020 إلى 31.7%، إلا أنها عادت للتراجع بفضل إجراءات رفع حظر التجوال وعودة العمل والأنشطة لوضعها الطبيعي التي أدت إلى انحسار النسبة إلى 25 في المئة، بحسب تصريح سابق للمتحدث باسم وزارة التخطيط.
ووقتها، قال الهنداوي إن "عدد الفقراء في العراق أقل من 10 ملايين شخص"، وذلك من مجموع تعداد سكان البلاد البالغ 40 مليونا و150 ألف نسمة، وفق آخر إحصاء رسمي.