ونقلت صحيفة "المدينة" السعودية تحليلا حديثا أجرته شركة "Frost & Sullivan"، يتوقع أن تكون المدن الذكية بمثابة المحرك الاقتصادي للسعودية في السنوات المقبلة، ووفقًا للإحصاءات، سيوفر سوق المدن الذكية فرصا بأكثر من 2.46 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وقال مراقبون إن المملكة العربية السعودية بدأت عصر التحول الرقمي، وتسعى لاستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تعزيز البنى التحتية، وتحقيق الرفاهية للمواطنين والمقيمين والسائحين عبر مدن ذكية خالية من التلوث.
المدن الذكية
وبحسب التحليل بحلول عام 2025، سيكون هناك أكثر من 26 مدينة ذكية، معظمها في أمريكا الشمالية وأوروبا.
ومن المتوقع أن ينمو إنفاق المدن الذكية على التكنولوجيا في السنوات الست المقبلة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 22.7%، ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول عام 2025 من 96 مليار دولار في عام 2019.
وكجزء من رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف المملكة إلى إنشاء أكثر مدن العالم ملاءمة للعيش والتي يمكنها جذب أفضل العقول وأفضل المواهب بحلول عام 2030.
ويأتي ذلك في إطار هدف المملكة الرامي إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الإيرادات، وتعد المدن الذكية إحدى الخطوات في هذا الطريق، حيث ستضيف مئات الآلاف من الوظائف وستقود خطة التنويع وتساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي المحلي بحلول عام 2030.
وخصصت المملكة بالفعل 500 مليار دولار للاستثمار في 285 بلدية لبناء المدن الذكية، كما بدأت بالفعل جهودًا لتحويل المدن الخمس الأولى، بما في ذلك مكة المكرمة والرياض وجدة والمدينة المنورة والأحساء.
وأكد التقرير أن الدوافع الرئيسية لتطوير المدن الذكية في المملكة هي تطوير قطاعات اقتصادية جديدة، وارتفاع الطلب على المدن المستدامة والصديقة للبيئة المدعومة بمبادرات خضراء على مستوى العالم، وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها وللمقيمين فيها.
جذب الاستثمارات
اعتبر المستشار المالي والمصرفي والاقتصادي السعودي، ماجد بن أحمد الصويغ، أن المدن الذكية في المملكة العربية السعودية فكر وريادة، وتأتي ضمن مبادرات التحول البلدي والمنبثق من برنامج التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، أطلقت منظومة الشؤون البلدية والقروية مبادرة تطبيق مفاهيم المدن الذكية، واستهدفت 5 مدن سعودية، وهي إحدى المبادرات المهمة التي تسعى المملكة لتعميمها وتفعيلها في باقي المدن، لتعزيز مفهوم التحول الرقمي.
وأكد أن ما قامت به الحكومة هو التغلب على أي صعوبات ومشاكل قد تواجه التحضر، خاصة عند زيادة الطلب على البنية التحتية والخدمات، والنقل وحتى الحصول على المساكن، ضمن بيئة صحية، خالية من التلوث وتدعم استدامة البيئة، موضحا أن الفكر والدعم الحكومي عزز اختيار 17 مدينة في هذا البرنامج تغطي 72% من سكان المملكة من أجل تنفيذ المشاريع الذكية.
ويرى الصويغ أن المدن الذكية تعتبر نقلة تاريخية وتحمل قيما إنسانية كبيرة وتحقق رؤية المملكة على المدى المتوسط والبعيد من أجل اقتصاد مستدام، وتوفر في الطاقة، وكذلك من أجل ضمان بنية تحتية سليمة ومستويات عالية من الرفاهية والمعيشة لمواطنين المملكة.
وذكر أن المملكة رصدت ما يقارب من 500 مليار دولار من أجل تحديث البنية التحتية لـ285 بلدية في جميع أنحاء المملكة من أجل العمل على المدن الذكية والبنى التحتية والخدمات الصحية، وهو ما سيجعل من المملكة بيئة استثمارية جاذبة لجميع دول العالم، وتساهم في الناتج القومي الإجمالي بنسبة تفوق الـ70%.
وأشار إلى أن المملكة تعمل على 5 مدن اقتصادية ذكية تأمل بأن يكون 3 منها ضمن أفضل 100 مدينة في العالم، وخاصة أن المملكة العربية السعودية تحتل موقعا مهما ما بين دول أسيا وأفريقيا.
نهضة سعودية
بدوره اعتبر فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن المملكة العربية السعودية تعيش حقبة التنمية السياسية، في جميع السياسات التي تتضمن مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، ما يعزز مكانة المملكة الإقليمية والدولية.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، يشهد العالم الكثير من المتغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ويأتي دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في بناء مثل هذه المدن الذكية، والتي تعد السبيل لتوفير جودة الحياة، والرفاهية للشعوب والمواطنين والسياح والزائرين.
وأكد أن رؤية المملكة 2030 تتضمن مجموعة من الأهداف الاقتصادية والتكنولوجية والبيئية والاجتماعية، وتأتي مدينة نيوم في الشمال الغربي للمملكة نموذجا حيا أطلقته السعودية ضمن المدن الذكية لتعزيز ريادتها ومكانتها وتعكس اهتمامها وما تملكه من تقنية صناعية وتكنولوجية قائمة على الذكاء الاصطناعي.
ويرى أن هناك مشروعات أخرى مثل "ذا لاين"، وهو النموذج المثالي للمدن الحالية، التي تستوعب السكان، وتستخدم الطاقة النظيفة، وتمنع مرور المركبات والسيارات، هو ما يوفر الكثير من فرص العمل، وينعكس على الاقتصاد، بعد أن تصبح قبلة السياح في العالم، لمشاهدة ما توصلت إليه المملكة على المستوى التقني والتكنولوجي والصناعي.
وأشار إلى أن المملكة اعتبرت المدن الذكية سلاحا من ضمن أسلحتها الناعمة، التي تتمكن عن طريقها من جذب السياح والاستثمارات، والاستفادة منها، موضحًا أن هناك العديد من المشاريع التي تعمل عليها السعودية مثل مشروع الرياض ومكة المكرمة والبحر الأحمر، والعلا و"نيوم"، ما ينعكس بدوره إيجابيا على الاقتصاد والدخل القومي للمملكة.
وأشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حوار متلفز، إلى أن المملكة لديها الكثير من الفرص الاستثمارية غير القطاع النفطي، يأتي على رأسها قطاع التعدين والسياحة والخدمات واللوجستيات.
وقال ولي العهد السعودي إن الرؤية التي أطلقتها المملكة عام 2016، تشمل تطوير سياسات الإسكان وتطوير سن التشريعات، وضمان رفع مساهمة القطاع الخاص في اقتصاد المملكة، مشيرا إلى تصاعد تصاعد مؤشر سوق الأسهم السعودية "تداول" بجانب رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن إلى نسبة 60% فيما كانت قبل الرؤية 47%.