وكانت الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وكذلك محاولة تهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، الشرارة الأولى التي أدت إلى اندلاع هذه الموجة من الحرب المفتوحية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستوقف إجراءاتها في القدس وحي الشيخ جراح، حتى لا تعود المواجهات مجددًا، أم سيستمر ملف التهجير القصري للفلسطينيين مستمرا.
وقف إطلاق النار
ودخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" حيز التنفيذ في الساعة التي حددها وسطاء مصريون. وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كاشفة أنه تم برعاية مصرية.
ومن جانبه، أكد أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم "كتائب القسام" الجناح العسكري لـ"حركة حماس"، أن الحركة استجابت لتدخل الوساطات العربية وعلقت ضربة صاروخية كبيرة كانت معدة لإسرائيل.
وقال أبوعبيدة: "نقول وبشكل واضح، أعددنا ضربة تغطي كل فلسطين من حيفا حتى رامون، لكننا استجبنا لوقف إطلاق النار لنرقب سلوك العدو".
سياسة إسرائيلية جديدة
اعتبر محمد كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن إسرائيل تدرك جيدًا أن أسباب اندلاع هذه المعارك والحرب ضد قطاع غزة، هي تصرفات ونهج وسياسة حكومة نتنياهو والانتهاكات المتكررة في المسجد الأقصى والقدس وحي الشيخ جراح.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أدرك العالم أجمع طبيعة الأعمال الإسرائيلية التعسفية والعنصرية، ودعم نتنياهو للمستوطنين لاستباحة حرمة المسجد المقدس، وحرمة منازل الفلسطينيين.
ويرى كنعان أن من المرجع أن تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وكذلك على حي الشيخ جراح، خاصة أن ذلك كان جزءًا من شروط التهدئة وإيقاف الحرب بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
وأكد أن العالم تعاطف مع الفلسطينيين في القدس ضد التصرفات الإجرامية من قبل حكومة إسرائيل، ودعمها الدائم للمستوطنين الذين استباحوا المسجد الأقصى، وهو ما أثار حفيظة المسلمين والعالم العربي، وأشعل التظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا، ولذلك ستكون الخطوات الإسرائيلية المقبلة مدروسة، قبل الإقدام على أي عدوان جديد، وخاصة أن الجانب المصري والأردني جزء من ما يجري من تهدئة.
شرط تثبيت الهدنة
بدوره قال المستشار زيد الأيوبي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، إن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة فجر اليوم والذي جاء بضغط من جمهورية مصر العربية على كيان الاحتلال الإسرائيلي حرصا على أرواح المدنيين في غزة، يرتبط تثبيته بوقف كيان الاحتلال لجرائمه بحق المسجد الأقصى والشيخ جراح ووقف عدوانه واستهدافه للمدنيين في غزة.
وأوضح في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقف صامتًا حيال أي اعتداء إسرائيلي على المقدسات، وسيدافع عن المسجد الأقصى والقدس بكل الوسائل المتاحة، وفقا للقانون الدولي.
ويرى الأيوبي، أن نتنياهو يريد أن يكرس نفسه كقائد تاريخي للإسرائيليين، ويسعى لتقوية معسكره لضمان تشكيل حكومة جديدة على حساب دماء الأطفال والمدنيين في قطاع غزة.
وأشاد القيادي في حركة فتح، بدور مصر في قيادة الجهود الدولية للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني.
القدس والشيخ جراح
بدوره قال جمال الطويل، القيادي في حركة "حماس" الفلسطينية إن إعلان الاحتلال الإسرائيلي وقف القصف لقطاع غزة من جانب واحد يمثل علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدا أن المقاومة وضعت لهذه الجولة خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، خاصة في ملف القدس والمسجد الأقصى.
وأوضح في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن المقاومة الفلسطينية ستلتزم بالهدنة، وستكون بالمرصاد للاحتلال في حال أقدم على فعل أي حماقة أو تعدي على فلسطين، خاصة أن المقاومة قد علقت إحدى ضرباتها القوية والواسعة والتي كانت ستغطي مساحة كبيرة من فلسطين، وتحديدا من حيفا وحتى إيلات.
وكشف القيادي في حركة حماس أن الاحتلال الإسرائيلي حاول التهرب من أن يكون الاتفاق متبادلا حتى لا يخضع لاتفاق بشأن مسألة القدس وإجراءاته في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.
وقال إن أي مساس بالمسجد الأقصى أو بمنازل الفلسطينيين بحي الشيخ جراح سيعيد الصراع من جديد وستكون المواجهة مفتوحة كما رأينا، والرسالة وصلت واضحة وقوية للاحتلال وللدول الراعية له، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا.
ويرى الطويل أن الدول الراعية للاحتلال لن تسمح لنتنياهو بالمساس بهذه الملفات وجر المجتمع الصهيوني إلى مواجهة جديدة مع المقاومة الفلسطينية، والتي كبدت المشروع الاستعماري الغربي المتمثل في الكيان الصهيوني خسائر فادحة، وأظهرته ضعيفا وهزيلا أمام العالم.
وبشأن إمكانية الجلوس على طاولة التفاوض مع الاحتلال بعد إقرار الهدنة، أكد الطويل أن: "المفاوضات ستكون غير مباشرة عن طريق الدول الوسيطة مصر وقطر والأمم المتحدة، والتي بذلت جهودا كبيرة لإنجاز هذه الوساطة ووقف الاقتتال، متوقعا أن يكون هناك صفحة جديدة مختلفة كليا عن الإجراءات التي سبقت هذه الجولة للمقاومة".
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية، مساء أمس الخميس، عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كاشفة أنه تم برعاية مصرية.
وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي (الكابينيت) على الاقتراح الذي قدمته مصر بوقف إطلاق النار غير مشروط.
من جانبها، أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" التزامها باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ في الساعة 2 من فجر اليوم الجمعة.