وهو ما يطرح تساؤلا حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه الأمور في الجنوب.
ويرى مراقبون أن إدارة الجنوب رغم المسؤولية الرسمية للحكومة الشرعية عن إدارتها بدعم من التحالف، إلا أن الواقع خلاف ذلك، حيث تتوزع تلك الإدارة بين عدة جهات من بينها الشرعية والتحالف والانتقالي.
البعض يسيطر على مناطق موارد ويتم تسخيرها لصالحه، في حين لا تجد بعض المناطق رغيف الخبز، وقد كشف انهيار العملة خلال الأيام الماضية النقاب عن الوضع الحقيقي في تلك المحافظات، التي تصرخ في كل الجهات لإنقاذها من مجاعة محققة.
الشرعية والتحالف
وأضافت في حديثها لـ "سبوتنيك" أن الانتقالي ليس لديه الإمكانيات لكي يقيم دولة، وقد قمنا بعمل العديد من الندوات وخرجنا بعدد من المحاور والتوصيات للخروج من تلك الأزمات، كان على رأسها عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، من أجل مباشرة مهامها وتحمل مسؤوليتها أمام الشعب، علاوة على ضرورة خروج التحالف من المنشآت والموانئ المهمة التي كانت تدر إيرادات على الحكومة وتدعم الاقتصاد الوطني.
كما تم وضع حدود لقوات الانتقالي بعدم السيطرة على المنافذ، مثل ميناء عدن والمصافي والضرائب وغيرها من مصادر الإيراد، التي يجب أن يتم توريدها مباشرة إلى البنك المركزي وخزانة الدولة، ويكون هذا الأمر تحت إشراف جهات محايدة تضمن صرف تلك المبالغ لصالح الشعب.
وتابعت رئيسة الحراك الثوري، إن ما أوصل الجنوب إلى الحالة التي يعيشها الآن هو عدم وجود حكومة تديره أو جهاز للرقابة والمحاسبة على الإيرادات والمصروفات، وما حدث يتكرر في معظم المحافظات الجنوبية، لكن الضغط الأكبر موجود في عدن، نظرا لأنها تستقبل الجنوبيون من كل المناطق.
ولذلك نحمل التحالف المسؤولية لأنه يمسك بالملف الأمني والاقتصادي، أما حكومة الشرعية فهى غير موجودة على الإطلاق، وبالنسبة للانتقالي فإن الشعب يستطيع الخروج عليهم ويضع لهم حدود.
الإيرادات المهدرة وأسباب الانهيار
وأكدت الكثيري، أن اليمن على شفا المجاعة، حيث تم تصنيفه من أشد الدول فقرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب تصنيف للمنظمات الدولية ليس بسبب عدم توفر المواد الغذائية، ولكن بسبب التكلفة العالية للأغذية المستوردة، نظرا للتكلفة الإضافية للاستيراد عبر الموانىء البحرية.
وتابعت، علاوة على ماسبق فإن من أسباب التدهور الاقتصادي في الجنوب، تعطيل المرافق الحيوية المهمة، التي تعتمد الدولة على دخلها في دعم البنك المركزي، وتعزيز بعض من التزامات الدولة، وتوفير العملة الصعبة والسيولة النقدية، الأمر الذي تسبب في عجز دفع مستحقات الموظف في الجنوب، إضافة إلى تعطيل وإغلاق عدة موانئ تجارية مهمة.
كارثة اقتصادية ورسالة ثورية
وأكد أيمن الحداد، رئيس الدائرة السياسية في مجلس الحراك الثوري للقوى التحررية، أن "الجوع والفقر" حقيقة واقعية تعيشها كل المناطق المحررة بواسطة الشرعية اليمنية، وهناك أمثلة نعيشها يوميا، فقد ارتفعت أسعار الأدوية إلى عدة أضعاف في الوقت الذي انهارت فيه العملة الوطنية وتأخر صرف كافة المرتبات، حتى أصبح من الصعب على المواطن شراء الطعام اليومي لأسرته.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "نحن اليوم نعيش في كارثة اقتصادية ليس لها مثيل، حيث تعيش عدن اليوم نفس الحالة التي عاشتها بعد حرب "أنصار الله" في عام 2015 ، فلا دور للشرعية ولا المنظمات الإغاثية الدولية التي يسيطر عليها أشخاص متورطين بشكل كبير مع أنصار الله، ولا نرى منها شىء".
وعلاوة على ذلك فإن ارتفاع سعر العملات الأجنبية أمام الريال بصورة كبيرة خلال الأيام الماضية، زاد من تفاقم الأزمة، فمثلا في عام 2016 كان راتب الجندي يقدر بـ 60 ألف ريال يمني (نحو 160 دولار)، أما اليوم فهذا الراتب لا يساوي 60 دولار.
وخلال الندوة تم تقديم مجموعة أوراق العمل التي تتناول مصير الثروات والموارد المحلية، في الوقت الذي يموت فيه الشعب من الجوع والفقر.
ثروات النخب والقيادات
وألقى عمر عيدروس السقاف، رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية ورقة حول الآثار الاجتماعية للجوع والفاقة وتردي الأوضاع الاقتصادية، تساءل فيها عن تعاظم ثروات النخب السياسية والقيادات في الحكومة والأحزاب والقوى الممولة من التحالف في الوقت الذي يموت فيه الشعب جوعا.
وحمل السقاف "خلال الندوة"، كل من الحكومة والانتقالي مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة، وصفهم بـ المتصارعين ظاهريا، بينما هم متفقون ومستفيدون من الباطن.
وبين السقاف الآثار الاجتماعية للأزمة التي تعيشها عدن ومواطنيها اليوم، وهو ما يتجلى بالفقر والعوز والفاقة والأمراض وانعدام الرواتب والخدمات عامة، وتوقف التعليم والقضاء وتفشي الأوبئة والفوضى وانتشار المليشيات وعصابات نهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة.
كما تطرق إلى انتشار القتل والاختطافات والاختفاء القسري، والانفلات الأمني والفساد والسرقات والمخدرات والتفسخ الأخلاقي والتفكك الأسري.
تجويع ممنهج
وقدم صلاح سامي دبوان، الأمين العام للاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقرا ورقة عمل حول الأثار الإنسانية الكارثية على المجتمع بسبب تكريس التجويع وزيادة العنف الناتج عنه.
وقال دبوان، في كلمته خلال الندوة، إن ما يحدث في اليمن يعتبر تجويع ممنهج تستفيد منه أطراف معينة مستغلة حالة الحرب و"اللا دولة"، محملا الحكومة المسؤولية عن ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في اليمن، والفساد المالي والإداري وغياب القانون، والصراع والنزاع على السلطة من قبل عدة أطراف.
كما تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار وتطلق صواريخ باليستية، وقوارب مفخخة لضرب قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، إضافة إلى استهداف مناطق داخل أراضي المملكة.
واجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/ كانون الأول 2018، لأول مرة، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم.
وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.