يشهد المجتمع العربي في إسرائيل منذ سنوات تصاعدا غير مسبوق للعنف والجريمة وسط اتهامات للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتجاهل التعامل مع الظاهرة، حيث وقعت 64 جريمة قتل في المدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر منذ مطلع العام الجاري 2021.
وأشار تقرير لصحيفة "هارتس"، إلى أن عدد الجرائم التي وقعت في المجتمع العربي منذ مطلع العام الجاري، وحتى نهاية شهر يوليو الماضي، بلغ 64 جريمة، بزياة 13 جريمة عن العام الماضي، فيما أكد التقرير أن عدد الجرائم في الوسط اليهودي انخفض من 26 إلى 21 جريمة هذا العام.
تحركات حكومية
أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الأسبوع الماضي، البرنامج الوطني للقضاء على الجريمة في الوسط العربي بإسرائيل، وافتتح شعبة إحباط الجريمة (سيف) التابعة للشرطة، وذلك في مقر شرطة الجليل قرب مدينة شفاعمرو شمالي البلاد.
وقال بينيت في كلمة له بهذه المناسبة بحضور وزير الأمن الداخلي عومر بارليف وقائد الشرطة يعكوف شبتاي، إن الشرطة الإسرائيلية تكمل الآن عملية "ضربة السيف" في أكثر من 200 منطقة عربية في جميع أنحاء إسرائيل لضبط الأسلحة غير القانونية، وفق ما أفادت به قناة "كان" الرسمية.
وأضاف: "داهمت الشرطة الإسرائيلية مئات الأماكن في وقت واحد بنجاح كبير وهذه هي البداية فقط. اختبارنا هو الثبات والتصميم. بعد سنوات من الإهمال الذي سمح بتصاعد العنف، فإن الحكومة مصممة على التصرف بثبات والقتال بكل ما أوتيت من قوة. قد يكون في المجتمع العربي".
ويشمل البرنامج الجديد لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، زيادة التواجد الشرطي في المدن والطرق، وتعزيز قدرات الاستخبارات والتحقيق، ومحاربة عائلات الجريمة، وتعزيز التشريعات ذات الصلة.
وفي إطار الخطة ذاتها، سيتم تكثيف مراكز الشرطة في المجتمع العربي - بما في ذلك في المناطقة البدوية جنوب إسرائيل.
من جانبه، قال قائد الشرطة في حفل انطلاق البرنامج: "هذا يوم تاريخي للمجتمع العربي ولجميع المواطنين الإسرائيليين. إن تهديدنا الوجودي هو تهديد داخلي بعشرات الآلاف من الأسلحة غير المشروعة، خاصة في الوسط العربي. عندما توليت منصبي، وضعت القضاء على الجريمة في المجتمع العربي على رأس أولوياتي".
بدوره، قال رئيس شعبة إحباط الجريمة (سيف) اللواء جمال حكروش: "أريد أن أذكر اليوم كنقطة تحول نحو الأفضل. التوقعات عالية جدا وأعد بأننا سنبذل قصارى جهدنا لتحقيقها".
وتابع: "اليوم في الشارع العربي هناك شرطة ضعيفة ومخالفون للقانون أقوياء، ونحن الآن نريد عكس المعادلة".
خطة برلمانية
اعتبر مازن غنايم، عضو الكنيست الإسرائيلي عن القائمة الموحدة (برئاسة منصور عباس)، أن العنف والجريمة في المجتمعات العربية مسؤولية مشتركة من قبل المواطنين والحكومة والشرطة.
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك"، ملف انتشار العنف والجريمة في المجتمعات العربية خطير، وفي حال تم توجيه السلاح لصدر أي مواطن يهودي لن تصمت الحكومة، وكأنه مسموح فقط أن توجه للمواطنين العرب بالداخل.
وتابع: "على الشباب العربي أن يكون واعيًا، ويسأل نفسه عن الهدف من تسهيل دخول السلاح غير المرخص للأراضي العربية، وما الخطط المقصود من وراء ذلك، وهدفه".
وأوضح النائب العربي أن الحكومة بقيادة نفتالي بينت أعلنت عن إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة، وكذلك أعضاء الكنيست في القائمة الموحدة، لديهم خطة لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي بمبلغ قيمته 2.5 مليار شيكل، وكذلك باقي النواب العرب يعملون في هذا الملف.
واستطرد غنايم قائلًا: "المطلوب أن نكون واعيين، وأن نربي أولادنا تربية سليمة، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته بداية من الأسرة، ورجال الدين، ولا يمكن إعفاء الشرطة والحكومة الإسرائيلية من مسؤوليتها حيال انتشار هذه الظاهرة".
مسؤولية حكومية
بدوره، اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن زيادة العنف والجريمة في المجتمع العربي من عام للآخر أمر منوط بسياسة الحكومة الإسرائيلية، التي ساهمت وأعطت كل الإمكانيات لاقتناء السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، والموجود بكميات هائلة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تعرف الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية مكان السلاح، وتجاره، وفي أي قرى يتواجد فيها بكثرة، لكنها لم تتدخل إلى الآن لضبطه.
وتابع: "سمعنا عن برنامج الحكومة الإسرائيلية وتوجهات بينت في هذا الإطار، لكن حتى الآن لم يحدث أي تدخل، بل زادت أعمال العنف والجريمة في نفس الفترة التي طرح فيها برنامج مكافحة العنف في الوسط العربي، وهناك قتلى وجرائم عنف، وإطلاق رصاص بشكل عشوائي في مختلف المناطق التي يعيش فيها السكان العرب".
ويرى كنعان أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الأولى والأخيرة، في أزمة انتشار العنف والجريمة، حيث يمكنها جمع هذا السلاح وممارسة القانون ضد هؤلاء، وهناك مطالب عربية للحكومة الإسرائيلية بالبدء فورًا في جمع السلاح من أيدي العصابات الإجرامية، متمنيًا أن يساهم برنامج الحكومة حال تم تنفيذه في تقليص أعمال العنف والجريمة بالمجتمعات العربية.
وفي ديسمبر/ كانون الاول الماضي كشف النائب العربي بالكنيست أيمن عودة أن الأسلحة التي يتقاتل بها المواطنون العرب جرى تهريبها من الجيش الإسرائيلي.
وقال عودة وقتها في كلمة خلال جلسة للهيئة العامة للكنيست: "هناك 400 ألف قطعة سلاح وصلت من الجيش إلى أيدي المواطنين العرب. هذا السلاح يقتل وهذا الإهمال يقتل".
وبحسب آخر إحصاء إسرائيلي رسمي، وصل عدد المواطنين العرب الفلسطينيين (مسلمون ومسيحيون) في إسرائيل (1,930,000) يشكلون 21 بالمائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 9 ملايين و190 ألف مواطن.