لهيب الحر يدفع سكان العاصمة السورية دمشق للجوء إلى الحدائق العامة... فيديو
14:46 GMT 04.08.2024 (تم التحديث: 15:35 GMT 04.08.2024)
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
تابعنا عبر
حصري
يحدث الانقلاب الصيفي مُلقيا بثقله فوق قلوب السوريين، ليحولها إلى كتلة من الجمر المشتعل في ظل حصار غربي خانق ونهب أمريكي للنفط الوطني شرقي البلاد، يحرمان بيوتهم من الكهرباء معظم أوقات اليوم، وما يعنيه ذلك من استحالة استخدام البرادات للحصول على الماء البارد أو تشغيل المكيفات الهوائية لتلطيف اجواء الحر.
لم يستطع أبو رامي البالغ من العمر 50عاما، تحمل موجات الحر بين جدران منزله.
ويتحدث الرجل الدمشقي لـ"سبوتنيك"، وهو يفترش إحدى حدائق العاصمة السورية، عن صعوبة موجة الحر التي لم يستطع التأقلم معها.
وبعصبية بادية على وجهه، يقول أن بيته وقت الظهيرة يتحول إلى مايشبه "الفرن"، وبنبرة محلية لا تخلو من الاستياء، يقول: "طفشانين من بيوتنا، لا ماء ولا كهرباء، ما هذا، موت أحمر، هو أول صيف بهذه القساوة".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
يعتبر محمد العجة نفسه أوفر حظا من مواطنه أبو رامي، لأن بيته مجاور لإحدى الحدائق المليئة بالأشجا،ر التي يهرب إليها وسط العاصمة دمشق، دون الحاجة لاستهلاك البنزين أو المشي مع أفراد أسرته عله يخفف قليلا من تأثير موجة الحر.
يحاول العجة أن يلطف الجو على أطفاله برش رذاذ الماء عليهم، مشيرًا إلى أن صعوبة موجة الحر التي تخيم على دمشق، يزيد آثارها عدم وجود وسائل تخفف من درجات الحرارة.
ويؤكدا العجة، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه وزوجته يحملان طفلتهما الرضيعة منتصف النهار ويتجهان للجلوس تحت الأشجار، بسبب انعدام وسائل التبريد، التي يتطلب تشغيلها تيارا كهربائيا غير متوافر.
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
وجهة الهروب تبعا للقدرة
بينما يفترش بعض سكان دمشق حدائقها العامة، فهذا لا يعني أن المنتزهات والمقاهي الواقعة على أطراف المدينة قد هُجرت.
ربوة دمشق، التي تعد بمثابة رئة دمشق الصيفية غربي المدينة، لها روادها وازدحامها هربا من حر الشمس، وكل أسرة تتجه إلى المكان الذي يتناسب مع قدرتها المادية، ويبقى الهدف واحدا وهو الهروب من حر المنازل.
تقول إحدى السيدات في حديقة "التجارة" شرقي دمشق: "مرّ علينا سنوات كان فيها الصيف حارا، لكن ليس كما هو الحال في هذا الصيف.. الله يلطف فينا".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
يُجمع السوريون على أن موجة الحر التي تضرب سوريا عموما لم تشهد البلاد مثلها منذ زمن بعيد.
سيدة ثمانينية تجلسعلى كرسي الحديقة، تقول لـ"سبوتنيك": "لم أشهد مثل هذا الحر طوال عمري، بطبيعة الحال لطالما كان هنالك أيام حارة خلال شهري تموز وآب، لكن ليس كما هي اليوم".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
السيدة الثمانينية التي تحتفظ بتاريخ ذاكروي عن المناخ السوري، عبّرت في حديثها لـ"سبوتنيك"، عن مخاوفها من تحول المناخ السوري الشهير باعتداله إلى مناخ صحراوي، تبعا لدرجات الحرارة غير المسبوقة، التي تخيّم على أجوائه.
موجو حر استثنائية
يقول المتنبىء الجوي شادي جاويش، لـ"سبوتنيك"، إن "موجات الحر هذا العام بدأت مبكرا قبل بداية فصل الصيف (نهاية الربيع)"، وبحسب جاويش أنه "عالميا، وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإننا في العام التاسع على التوالي كأحر عام في تاريخ السجلات العالمية".
وأضاف: "في سوريا، كانت درجات خلال آخر عقدين الأعلى في تاريخ السجلات الموجودة في المديرية العامة للأرصاد الجوية، لذلك ارتفاع درجات الحرارة أصبح بتواتر عالٍ وتراكمي لذلك متوقع ارتفاع حدة موجات الحر وزيادة في تكراريتها خلال الأعوام القادمة".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
وعن موجات الحر التي شهدتها سوريا، يقول جاويش: "لحسن الحظ لم تستمر فترة طويلة وبالتالي كانت متوسطة الشدة بالنسبة للفترة الزمنية التي أثّرت فيها".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
وأردف قائلا: "عندما تتعرض منطقة بلاد الشام للتيار السطحي الحار القادم من منطقة الخليج العربي وجنوب إيران عبر الأراضي العراقية وهي المناطق الأسخن على مستوى العالم، فهذا يرفع درجات الحرارة صيفا، إضافة إلى الأشعة العمودية الواردة من الشمس والتي تجلب طاقة كبيرة خلال هذا الفصل".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
مستطردا: "لكن عندما يترافق كل ما سبق بتشكل مرتفع جوي شبه مداري في الطبقات العالية من الجو تصبح موجات الحر أكثر حدة وتستمر لفترة أطول، حسب مركز المرتفع".
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
تصاحب موجات الحر نصائح وتحذيرات يقدمها جاويش، منها تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية في طاقتها العظمى، إضافة إلى شرب كمية كافية من الماء لتعويض نقص السوائل الحاصل ومساعدة الجسم على خفض حرارته وتجنب إشعال النار في المناطق الحراجية لسهولة انتشارها ضمن هذه الظروف.
الإصابة بالاجهاد الحراري هو أحد المشاكل الصحية التي يمكن أن تتكرر خلال الأجواء الحارة وقد تتطور إلى "ضربة شمس"، والتي تعتبر خطيرة وقد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات، إضافة إلى المشاكل البيئية العديدة من خلال زيادة تركيز بعض الغازات الضارة، بحسب جاويش.
© Sputnik . Wasel Hmeidaلهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
لهيب الحرّ يدفع سكان دمشق نحو اللجوء إلى الحدائق العامة
© Sputnik . Wasel Hmeida
كما سجلت أغلب المناطق في سوريا حالات غرق أثناء السباحة في مياه الأنهار، يقول جاويش: "أهم الأخطار التي نتعرض لها أثناء السباحة في أوقات الذروة، حيث تكون الشمس عمودية وتعمل المياه على تبريد الجسم أثناء الحرارة المرتفعة، لذلك لن نشعر بكمية الأشعة الضارة التي يمكن أن تصيبنا خلال هذه الفترة".
حر وبرد.. وشح مياه
برد الشتاء وحر الصيف هما تحديان لا يمكن تجاهلهما في ظل الأزمات المتراكمة التي يواجهها السوريون نتيجة العقوبات الغربية، واستمرار الجيش الأمريكي بسرقة مصادر الطاقة الوفيرة شرقي البلاد.
لا تتوقف مشكلة سكان دمشق عند البرد والكهرباء، كما المناطق الأخرى في سوريا، إذ أن مياه الشرب هي الأخرى تعاني شحا كبيرا جراء عدم توافر الطاقة الكهربائية اللازمة لضخها خلال أوقات كافية.